23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 29/01/2025

ما حكم الجواىز التي تعطى عند الشراء سواء كانت هدايا صغيرة تعطى لجميع الناس أم هدايا كبيرة عن طريق السحب وهذه الهدايا تعطى لعدد قليل من الناس؟

الإجابة 29/01/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فقد اختلف الفقهاء حول هذه الهدايا فمنهم من منعها مطلقًا، ومنهم من فرّق بين نوعين من الجوائز، الجوائز الصغيرة التي تُعطى لكل المشترين، فهذه جائزة، أما الجوائز الكبيرة التي تُعطى لعدد قليل من الناس ويُحرَم منها الكثير فهذه لا تجوز بسبب الغرر والضرر والإسراف وشيوع الكراهية والحقد بين المتسابقين.

 

وقد عمد كثير من الناس في هذه الأيام إلى طرق جديدة للدعاية والإعلان عن السلع والخدمات، واستُحدثت صور كثيرة تحث الناس على الشراء واستعمال هذه الخدمات، ومن هذه الصور الإعلان على جوائز للمشترين تحثهم على الشراء، وتجعلهم يشترون من تاجر دون غيره على أساس الجوائز المقدمة من البائع، والأصل أن شراء السلع سواء كانت غذائية أو ثقافية أو ترفيهية أو غير ذلك وسيلة وليس غاية، لكن هذه الشركات حوّلت الشراء إلى غاية في حد ذاته فيشتري الإنسان دون أن يكون له حاجة في الشراء لكنه يشتري من أجل الحصول على الجائزة، وهذه الجوائز نوعان.

 

النوع الأول: الجوائز البسيطة التي تُعطى ترغيبًا للشراء، كأن يشترط البائع أن من يشتري ثلاث أو خمس قطع يأخذ قطعة مجانًا، أو يأخذ هدية صغيرة لمن يشتري سلعة كبيرة، كأن يُعلن التاجر أن من يشتري سيارة يأخذ بعض قطع الغيار، أو جهاز تليفزيون أو كمبيوتر أو غير ذلك، وفي هذه الحالة يكون الشراء هو المقصد الأساسي والجائزة تابعة له.

 

النوع الثاني: الجوائز الضخمة الكبيرة، كأن يعلن التاجر أن كل من يشتري بمائة مثلا أو ألف يأخذ سيارة أو شقة، وبالتالي يكون الحصول على الجائزة هو الهدف، والشراء وسيلة تابعة له.

 

وقد اختلف الفقهاء المعاصرون حول هذه الجوائز، فمنهم من منعها مطلقًا؛ لأن مثل هذه الجوائز تؤدي إلى شيوع ثقافة الاستهلاك بين المواطنين، حيث يسعى الناس للشراء بسبب هذه الجوائز سواء أكانت صغيرة أم كبيرة، وقد نهت الشريعة الإسلامية عن الإسراف والتبذير يقول الله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (الأعراف: 31)، ويقول تعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ (الإسراء: 26-27).

 

وفرّق بعض الفقهاء بين هذين النوعين؛ فأجازوا الأول وهو الجوائز البسيطة، ومنعوا الثاني للأسباب التالية:

 

* أن هذه معاملة تشتمل على الغرر، وفيها روح المقامرة، وتنطوي على جهالة فاحشة، فالمشتري يدفع مائة أو ألفًا، أو أكثر أو أقل بغرض الحصول على هذه الجائزة الكبرى، وقد يحصل على الجائزة وقد لا يحصل، وعقود المعاملات لا تقبل الغرر ولا الجهالة.

 

* أن التجار - في الغالب -  يضيفون ثمن هذه الجوائز الضخمة على ثمن السلعة، فيثقلون كواهلهم بالشراء بثمن أكبر، أملاً في الحصول على الجائزة، فيُظلم من لم يحصل على هذه الجائزة.

 

* تؤدي مثل هذه المعاملات إلى نشر روح العداوة والبغضاء بين المشترين؛ فالذي يُحرم من هذه الجائزة يحقد ويبغض من حصل عليها، بل يبغضه المجتمع كله؛ لأنه حصل على مال كثير بغير تعب ولا عناء.

 

* إذا كان النوع الأول يشجع على الاستهلاك، وينمي روح السرف والتبذير فهذا أيضا من باب أولى.

 

* يعتبر هذا النوع من الدعاية ـ التي لا يقوى عليها إلا التجار الكبارـ مضيعًا الفرصة أمام التجار الأصغر حيث إن إمكاناتهم لا تسمح لهم بتقديم هذه الجوائز الكبيرة، وبالتالي تضعف أمامهم فرص المنافسة، وربما يؤدي هذا الأسلوب إلى ضياع هؤلاء التجار الصغار واستيلاء مَن هم أكبر منهم على السوق وبالتالي احتكارها.

 

وقد ذهب إلى الرأي الأخير الأستاذ مصطفى الزرقا - رحمه الله -  وأيده فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله - وغيرهما، وهو ما نرجحه للإفتاء في مثل هذه المسألة.

 

والله تعالى أعلى وأعلم