الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
14 - رقم الاستشارة : 1032
17/02/2025
كيف تزكي المصانع ؟ هل تكون الزكاة على صافي الربح؟ أم تكون على قيمة المصنع ؟ وما مقدارها ؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإن للفقهاء المعاصرين رأيين في زكاة المصانع، وكذلك المستغلات، الرأي الأول: يرى أنها تزكي هي والربح، ويخرج منها ربع العشر إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، والرأي الثاني: يرى أن تعفى الأصول ويزكى الناتج منها بنسبة ربع العشر أيضا أو نصف العشر قبل حسم التكلفة أو العشر بعد حسم التكلفة.
والرأي الثاني هو ما رجحه مجمع الفقه الدولي، واختار شيخنا العلامة القرضاوي – رحمه الله – أن يخرج نصف العشر قبل حسم التكاليف أو العشر بعد حسم التكاليف,
ويتحدث الفقهاء المعاصرون عن زكاة المصانع تحت عنوان المستغلات، والمستغلات كما عرفها مكتب الشئون الشرعية ببيت الزكاة الكويتي بأنها: الأموال التي لم تعد للبيع ولم تتخذ للتجارة بأعيانها وإنما أعدت للنماء، وأخذ منافعها وثمرتها، ببيع ما يحصل منها من نتائج أو كرائها. فيدخل في المستغلات الدور والعمارات والمصانع والطائرات والسفن والسيارات وغير ذلك مما أعد لأخذ ريعه ونتاجه، ويدخل في ذلك أيضاً البقر والجاموس والغنم غير السائمة تتخذ ليستفاد من لبنها أو أصوافها، وعلى هذا فالفرق بين المستغلات وغيرها، هو أن المستغلات تتخذ بقصد الاستفادة من إنتاجها، فعينها ثابتة، بينما غير المستغلات، هو ما اتخذ بقصد التجارة بعينه بحيث تنتقل العين من شخص إلى آخر. فالدور والعمارات وغيرها قد تكون مستغلات وقد تكون غير مستغلات تبعاً لقصد التملك فيها. أ . هـ.
وللفقهاء رأيان في زكاة المستغلات ومنها المصانع:
الرأي الأول: بعضهم يزكي المستغلات وما نتج عنها من أرباح، فتقدر قيمة المصانع وغيرها من المستغلات ويضاف إليها ما نتج عنها من ربح ثم تزكى بنسبة 2.5%.
الرأي الثاني: يعفي المستغلات ويوجب الإخراج على الربح، وهذا الفريق يرى بعضهم أن تكون النسبة 2.5%، ويرى البعض الآخر أن تكون النسبة 5% دون حسم النفقات، و10% بعد حسم النفقات قياسًا على زكاة الزروع والثمار التي يخرج منها العشر أو نصف العشر، وهذا الرأي هو ما نرجحه للفتوى، وقد ذهب لمثله مجمع الفقه الإسلامي الدولي عند مناقشته لزكاة الأسهم فقرر:
أن من أسهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة فإنه يزكيها زكاة المستغلات، وتمشيًا مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.
وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوق زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر 2.5% من تلك القيمة ومن الربح، إذا كان للأسهم ربح أ . هـ.
ويرى هذا الرأي فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي غير أنه يرى أن تكون النسبة 10% على صافي الربح، أو 5% على كامل الربح فيقول:
إن الذي انتهى إليه اجتهادنا فيه بالنسبة للمصانع ومثلها المطابع والفنادق والعمارات السكنية المؤجرة ونحوها مما أطلقنا عليه كلمة (المستغلات) ونعني بها: الأشياء التي تبقى عينها وينتفع بثمراتها وغلتها. اجتهادنا فيها: أنها بمثابة الأرض الزراعية التي تجب الزكاة فيما أخرجت ـ أو فيما أخرج الله منها ـ من زرع وثمر.
وكذلك هذه الأشياء أو المستغلات هي أموال أو أصول ثابتة، ولكنها تخرج ثمرة أو تدر ربحًا، هو بمنـزلة الزرع والثمر من الأرض.
فالواجب في صافي الربح هنا هو العشر، قياسًا على الأرض المسقية بغير الآلة، "فيما سقت السماء العشر" وصافي الربح بمثابة الزرع الذي سقته السماء.
ونعني بصافي الربح: ما ظهر في نهاية العام بعد حسم النفقات والأجور المختلفة، ومنها نفقات الصيانة، مضافًا إليها مقابل استهلاك الآلات والعقارات، مع عدم المبالغة في هذا التقدير. ثم يحسب الصافي من الأرباح، فيخرج عشره، وإن لم يوزع كله، فقد يوضع بعضه في الاحتياطات ونحو ذلك.
والواجب إخراجه في الحال، ولا ينتظر به الحول، تطبيقًا للقياس على الأرض الزراعية، وقد قال تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده) أ. هـ.
والله تعالى أعلى وأعلم