23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

تكرار الحج والعمرة أو النفقة في سبيل الله.. أيهما أولى؟

الإستشارة 26/01/2025

أيهما أكثر أجرا الآن تكرار الحج والعمرة أم النفقة في سبيل الله على الفقراء والمناطق المنكوبة بسبب الاحتلال ومساعدة المجاهدين في سبيل الله وأهلهم؟

الإجابة 26/01/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فلا شك أن النفقة على الفقراء والمساكين خاصة في أماكن الصراع بين الحق والباطل وإعانة المجاهدين وكفالة أسرهم، والشعب الذي يحيط بهم ويضحي من أجل هذه القضايا التي تهم عموم المسلمين أولى من التطوع بشكل عام ومنه تكرار الحج والعمر.

وقد ينفق المسلمون المليارات سنويًّا على أداء سنة العمرة وفريضة الحج، وهذا جهد مشكور مأجور إن شاء الله لو كان هذا ينفق في حج الفريضة، أو لأداء العمرة أول مرة، أو تكرارها على فترات متباعدة، أما ما يحدث من بعض المسلمين من تكرار الحج كل عام، وتكرار العمرة في العام الواحد أكثر من مرة فالأمر يحتاج لإعادة نظر.

على المسلمين أن يُحسنوا التجارة مع الله، وأن يعرفوا فقه الأولويات في الإسلام عامة وفي العبادات خاصة، وليعلم الحجاج الذين يحجون حج نافلة أو يداومون على تكرار العمرة أنهم لو دفعوا تكلفة الحج والعمرة في سبيل الله كالجهاد والصدقة وأبواب الخير لكان هذا أجدى لهم وأنفع للمسلمين.

وأبواب الخير والنفقة في هذا العصر كثيرة ومتعددة، منها الجهاد في سبيل الله، وهو ذروة سنام الإسلام كما أخبر المعصوم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويكون بالمال كما يكون بالنفس، وقد يحتاج الجهاد للتضحية بالمال في بعض الأوقات أكثر من حاجته للتضحية بالنفس، وهو يقدّم على سائر الطاعات ومعظم القربات وفق سلم الأولويات.

يقول الله تعالى: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ (التوبة: 19).

ويقول تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ (التوبة: 120 – 121).

ومنها الإنفاق على الفقراء والمساكين الذين لا يجدون حاجاتهم الضرورية من مسكن ومأكل ومشرب، يقول الله تعالى: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ (الغاشية: 11- 16).

ومنها الإنفاق على طلبة العلم، وحفظة القرآن الكريم، وبناء المدارس والمستشفيات لتعليم وعلاج الفقراء، والدعوة إلى الله تعالى وبخاصة في الأماكن التي تنتشر فيها العلمانية الكافرة، أو النصرانية المتعصبة، أو الشيوعية الملحدة، وغير ذلك الكثير والكثير من أبواب الطاعات، وقضاء حوائج المسلمين.

يقول فضيلة الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله:

لو أن مئات الألوف الذين يتطوعون سنويًّا بالحج والعمرة رصدوا ما ينفقون في حجهم وعمرتهم لإقامة مشروعات إسلامية، أو لإعانة الموجود منها، ونظم ذلك تنظيمًا حسنًا، لعاد ذلك على المسلمين عامة بالخير وصلاح الحال والمآل، وأمكن للعاملين المخلصين للدعوة إلى الإسلام أن يجدوا بعض العون للصمود في وجه التيارات التبشيرية والشيوعية والعلمانية وغيرها من التيارات العميلة للغرب أو الشرق، التي تختلف فيما بينها، وتتفق على مقاومة الاتجاه الإسلامي الصحيح، وعرقلة تقدمه، وتمزيق الأمة الإسلامية بكل سبيل.

هذا ما أنصح به الإخوة المتدينين المخلصين الحريصين على تكرار شعيرتي الحج والعمرة أن يكتفوا بما سبق لهم من ذلك، وإن كان ولا بد من التكرار، فليكن كل خمس سنوات، وبذلك يستفيدون فائدتين كبيرتين لهم أجرهما:

الأولى: توجيه الأموال الموفرة من ذلك لأعمال الخير والدعوة إلى الإسلام، ومعاونة المسلمين في كل مكان من عالمنا الإسلامي، أو خارجه حيث الأقليات المسحوقة.

الثانية: توسيع مكان لغيرهم من المسلمين الوافدين من أقطار الأرض، ممن لم يحج حجة الإسلام المفروضة عليه . فهذا أولى بالتوسعة والتيسير منهم بلا ريب . وترك التطوع بالحج بنية التوسعة لهؤلاء، وتخفيف الزحام عن الحجاج بصفة عامة، لا يشك عالم بالدين أنه قربة إلى الله تعالى، لها مثوبتها وأجرها، وإنما لكل امرئ ما نوى. أ. هـ..

والله تعالى أعلى وأعلم