الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
258 - رقم الاستشارة : 582
05/01/2025
ما حكم عقد النكاح من خلال وسائل الاتصالات المعاصرة ، وخاصة في هذا الوقت الذي يكون الزوج في مكان والولي في مكان والزوجه في مكان آخر ؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالزواج مقصد مهم من المقاصد الجزئية للشريعة الإسلامية، وقد تواترت الأدلة الحاثة عليه من القرآن والسنة، وجعله الله آية من آياته التي يمتن بها على عباده حيث قال: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الروم: 21)، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (النساء: 1).
والزواج وإن كان عقدًا من العقود، ومعاملة من المعاملات غير أن له خصوصية، وله قداسة ليست لغيره من العقود؛ فيستطيع المسلم أن يجري صفقات بالمليارات بإرادة منفردة، ما دام كامل الأهلية، لكنه لا يستطيع أن يفعل ذلك في عقد النكاح حيث يشترط حسب رأي الجمهور أن يكون هناك ولي، وشهود، وإشهار، حتى الذين لم يشترطوا الولي كالحنفية أعطوا له الحق في فسخ العقد، إن تزوجت المرأة بغير كفؤ لها.
وقد شاعت وذاعت - في الفترة الماضية - الأسئلة حول حكم عقد الزواج عن طريق الاتصالات الحديثة، كالهاتف، والإنترنت، وغيرها من وسائل الاتصال، والرأي الذي نرجحه في هذه المسألة هو عدم الجواز للأسباب التالية:
أولاً: يشترط حضور الشهود مجلس العقد، ومعرفتهم بطرفي العقد (الزوج والزوجة).
ثانيًا: حتى تظل لهذا العقد قداسته؛ ففيه نوع من التعبد، حيث يحتاط للأعراض ما لا يحتاط في غيره.
ثالثًا: يمكننا الاستعاضة عن ذلك بتوكيل من يرضاه الزوج، أو من ترضاه الزوجة ليقوما بالإيجاب والقبول بالوكالة عن الزوجين في حضور مجلس العقد، ووجود الشهود والولي وبالتالي لا حاجة ولا اضطرار في هذا، وقد أفتى بهذا جمهور الفقهاء المعاصرين والمجامع الفقهية.
قرار مجمع الفقه الدولي بجدة
بعد أن أجاز المجمع العقود عبر وسائل الاتصالات الحديثة بصفة عامة استثنى عقد النكاح مع مجموعة من العقود فقال: "إن القواعد السابقة لا تشمل النكاح لاشتراط الإشهاد فيه، ولا الصرف لاشتراط التقابض، ولا السلم لاشتراط تعجيل رأس المال".
قرار مجمع الفقه بالهند
وكذلك فعل مجمع الفقه بالهند بعد أن أجاز العقود استثنى منها عقد النكاح فقال: "إن عقد النكاح يحمل خطورة أكثر من عقد البيع، وفيه جانب تعبدي، ويشترط فيه الشاهدان؛ لذلك لا يعتبر مباشرة الإيجاب والقبول للنكاح على الإنترنت ومؤتمر الفيديو والهاتف، أما إذا استخدمت هذه الوسائل لتوكيل شخص للنكاح، ويقوم الوكيل من جانب موكله بالإيجاب والقبول أمام الشاهدين فيصح النكاح، ويلزم في هذه الصورة أن يكون الشاهدان يعرفان الموكل أو يذكر الموكل باسمه واسم أبيه عند الإيجاب والقبول".
والله أعلم