Consultation Image

الإستشارة 24/03/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كنت قد نويت الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان في المسجد، لكن عادت الحرب مجددا على غزة، والاحتلال يستهدف التجمعات والمساجد، الأمر الذي جعل الصلاة في الرحال، فهل يجزئ الاعتكاف في الخيمة، وفيما تبقى من البيوت؟

الإجابة 24/03/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين... أما بعد،،،

 

أسأل الله -تعالى- بقدرته أن يعز غزة وأهلها وأن يأذن لهذه الحرب أن تنتهي، ويفرج كربكم، ويفرغ عليكم الأمن والأمان، ويعوضكم خيرًا.

 

أخي الفاضل، أعزك الله -سبحانه وتعالى- بطاعته، وأزل عدوكم بقدرته... حقيقة جعلت الحجة كبيرة على غيرك من الذين ينعمون بالأمن، ويتكاسلون  عن الاعتكاف في هذه الليالي الفضيلة التي فيها ليلة خير من ألف شهر ألا وهي ليلة القدر.

 

بارك الله فيك لحرصك على طاعته -عزوجل-، واهتمامك بالتبصر بأحكام شرعه رغم الظروف الصعبة التي تمرون بها.

 

وأشكرك على ثقتك في موقع "استشارات"، وأسأل الله -تعالى- أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى من القول والعمل.

 

كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر، لما لها من أجر عظيم، خاصة أن فيها ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر.

 

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "اطلبوا الخير دهركم، وتعرضوا نفحات رحمة الله عز وجل، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يؤمن روعاتكم".

 

وهذه الليالي من أشرف النفحات، فتعرضوا لها بالطاعات والجد بالقيام والدعاء، وطلب العافية، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يارسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟

 

قال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".

 

والظروف التي تمر بها غزة من حرب وقصف، واستهداف المساجد يعد عذرًا في عدم الاعتكاف فيما تبقى من المساجد، ويشرع القيام فيما تبقى من البيوت والخيام، وأماكن النزوح، وإن كانت لا تعد اعتكافًا؛ نظرًا لأن من شروط صحة الاعتكاف أن يكون في المسجد.

 

لكن نيتك بالرغبة بالاعتكاف سبقت عملك، وإن شاء الله -تعالى- تبلغ أجر الاعتكاف بنيتك الصادقة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات".

 

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه –عز وجل- قال: قال: "إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة، فلم يعملها -لعذر منعها عن فعلها-، كتبها الله له عنده حسنة كاملة...".

 

وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في غزاة، فقال: "إن أقواما بالمدينة خلفنا، ما سلكنا شعبًا ولا واديًا إلا وهم معنا فيه، حبسهم العذر".

 

وهذا إن دل فإنه يدل والله -تعالى- أعلى وأعلم، أن النية الصادقة الصالحة، إذا حال العذر دون فعلها فإن صاحبها يحصل مثل أجر فاعلها، فكيف وإن كان العذر كبير جدًّا كحال أهلنا في غزة من قصف واستهداف؟!

 

والشريعة الإسلامية جاءت في أحكامها الغراء لحفظ النفس، وعدم تعرضها للهلاك والإيذاء، ورفع المشقة والحرج عن المسلمين كما جاء في قوله -تعالى-: {... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ...} [الحج: 78]، أي أن الله –عز وجل- قد منَّ على المسلمين بأن جعل شريعتهم سمحة، ليس فيها تضييق ولا تشديد في تكاليفها وأحكامها.

 

والله ولي التوفيق به نستعين، فلا حول ولا قوة لنا إلا بالله العلي العظيم... {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.

الرابط المختصر :