الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : العبادات
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
162 - رقم الاستشارة : 2340
12/08/2025
السلام عليكم استاذي وشيخي الفاضل عتدي سؤال واتمني تجاوبني عليه حضرتك انا أم لـ ٤ أولاد ٣ منهم متزوجين بفضل الله بنتي الكبيره ظروفها علي قد الحال وبحاول اساعدها قدر المستطاع لأن ايضآ إحنا ظروفنا يدوب هو مصروف الاكل والشرب اللي باخده من الاب وهو للأسف شايل ايده من اي مسؤولية ورامي الحمل كله عليا.
المهم علشان ماطولش علي حضرتك انا هاخد ورثي من اخويا ٢٠٠ الف بس هيخلصني علي سنتين ونص وانا نفسي قوي قوي احج بيت الله الحرام وعاوزه كل ما يعطيني جزء اشغله لحد ماجمع الفلوس واطلع بيها دا الأفضل والا اني اساعد منهم بنتي واصرف علي نفسي احتياجاتي لان زوجي مابيعطيني اي فلوس لأي شئ يخصني لا لبس ولا علاج ورامي الحمل علي ابني هو اللي بيعطيني مبلغ شهري لعلاجي وهو متزوج وعنده اطفال محتاجين كل جنيه وهو ساكن بالإيجار.
أنا عندي ٥١ سنه وعملت عمرتين بفضل الله، فالأفضل اني اصرف علي نفسي تعب وعلاج وما احتاج لأن حياتي مش مستقره مع زوجي طول الوقت للأسف ويا عالم بالعمر، فهل وجود المبلغ دا معايا اصبحت انا ممن استطاع اليه سبيلا كما في الحديث؟ افدني شيخي افادك الله وزادك من فضله وآسف جدا جدا علي الاطاله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فنسأل الله تعالى أن يوسع عليك، وأن يرزقك من فضله رزقًا حلالاً واسعًا مباركًا فيه، وفريضة الحج واجبة على المستطيع القادر ماديًّا وبدنيًّا، وقد اختلف الفقهاء حول وجوبها على الفور أو التراخي، وإن كان الأولى التعجيل؛ لأن الآجال بيد الله تعالى.
وعليك -أختي الكريمة- أن تنفقي على نفسك وأولادك باعتدال؛ فلا إفراط ولا تفريط، وأما ابنتك فنفقتها على زوجها إلا إن كان زوجها فقيرًا لا يجد ما يسد حاجتها، ونفقتك وأولادك واجبة على الزوج بغير إفراط أو تفريط.
أما مالك من الميراث فهو ملك، فإن كان يكفي حج الفريضة فهو أولى، وإن كان لا يكفي الفريضة فانتظري حتى يكتمل، فإن كانت قدرة الزوج المالية لا تكفي في توفير النفقات الأساسية لك ولأولادك بالمعروف، فأنفقي منه على نفسك وأولادك حتى يرزقك الله من فضله.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب جمهور العلماء إلى أن الحج يجب على الفور، أي الإتيان به في أول أوقات الاستطاعة. لقوله تعالى: ﴿... وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 97].
ولقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ..﴾ [البقرة: 196].
والأمر للفور، ولخبر ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا قال: "تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له".
وذهب الشافعية ومحمد بن الحسن من الحنفية، وهو المشهور عند المالكية إلى أن الحج يجب على التراخي، لكن جواز التأخير عندهم مشروط بأمرين: العزم على الفعل في المستقبل، وأن يغلب على الظن السلامة إلى وقت فعله.
واحتجوا بأن فريضة الحج نزلت بعد الهجرة سنة ست، وفتح رسول الله ﷺ مكة في رمضان سنة ثمان، وانصرف عنها في شوال من سنته.
وحج الناس سنة ثمان ورسول الله ﷺ مقيم بالمدينة هو وأزواجه وعامة أصحابه، ثم في سنة تسع بعث النبي ﷺ أبا بكر للحج، والنبي مع عامة أصحابه في المدينة، وهم قادرون على الحج غير مشتغلين بقتال ولا غيره، ثم في السنة العاشرة حج رسول الله ﷺ، فدل على جواز التأخير، انتهى.
ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله – في فتوى مشابهة:
العلماء مختلفون بالنسبة للحج، هل الحج واجب على الفور أو على التراخي؟ الذين قالوا الحج على الفور استدلوا ببعض الأحاديث التي قالت: "تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له" وآخر "قد يمرض الصحيح وتضل الراحلة.. وكذا.." أي الأمور تتغير، الصحيح قد يمرض، والشاب يشيخ والحي يموت والموت يأتي بغتة، فالأولى أن الإنسان يبرئ ذمته، ويؤدي ما عليه بمجرد ما تتحق الاستطاعة ولا يوجد مانع، هذا رأي.
وهناك رأي آخر يقول هذه الأحاديث تدل على استحباب التعجيل ﴿... فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [المائدة: 48]، ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133].
ولكن ليس هناك دليل على فرضية الفورية، بدليل أن النبي ﷺ لم يحج إلا في آخر سنة في حياته في السنة العاشرة من الهجرة، ولم يحج مثلا مع أبي بكر، فلهذا ذهب عدد من العلماء إلى أن الحج واجب على التراخي، ورغم أنه واجب على التراخي، قالوا يتحمل المسؤولية، بحيث لو أتيحت له الفرصة وتمكن من الحج ثم تراخى وقصر وتكاسل ثم بعد ذلك ضاعت هذه الفرصة (كان غنيًّا فافتقر، كان صحيحًا فمرض) إذن أنت المسؤول، أي يقع عليك الإثم، الإمام الغزالي يقول في الإحياء في كتاب الحج، إنه تمام الأمر وختام العمر... إلخ.
وكان الناس في الزمن الماضي يختمون حياتهم بالحج، الآن والحمد لله في زمن الصحوة الإسلامية، تجد مواسم الحج والعمرة حافلة بالشباب، جمهور الحجاج، وجمهور المعتمرين في شهر رمضان تجدهما من الشبان والشابات والحمد لله، وهذا دليل خير بالنسبة للأمة الإسلامية، وأنا أرى أن التعجيل بالحج أولى لأن الإنسان لا يضمن صحته ولا حياته ولا العوائق التي قد تعوق؛ فالأولى أن يستبق الخيرات، ويعجل بهذا ويبرئ ذمته ويستريح.
والله تعالى أعلى وأعلم.