الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : العبادات
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
260 - رقم الاستشارة : 2022
22/05/2025
هل إذا حدث أن شخصا فاتته صلاة ثم بعد ذلك لم يذكر ما هى فهل عليه إعادة الخمس صلوات بداية من الصبح أم بداية من الظهر؟ وحالة أخرى إذا فاتته صلاة وشك هل هى المغرب أم العشاء فهل عليه أيضا أن يعيد الخمس صلوات أم يكتفى بالمغرب والعشاء فقط؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فمن القواعد الفقهية الكبرى التي تدخل في كثير من أبواب الفقه قاعدة اليقين لا يزول بالشك، ومن فروعها أن المسلم إذا شك في فعل شيء هل فعله أم لا؟ فالأصل أنه لم يفعله، وإذا كان السائل – كما يبدو من كلامه - يشك كثيرًا، ويصاحبه الشك في كل التصرفات فهذه وسوسة لا يلتفت إليها، وضابطه أنه يشك في كل يوم مرة أو أكثر، وفي حالة السؤال عليه أن يجتهد ما استطاع ويبني على غلبة الظن، فإن لم يصل إلى غلبة الظن، ولم يكن الشك مصاحبًا له فعليه أن يعمل باليقين، فإن شك في صلاة ولم يعينها هل هي صلاة الصبح أو الظهر، فليصل الصلاتين، وإن شك هل هي صلاة المغرب أم العشاء فليصل الصلاتين، فإن شك في يوم كامل، فليعد اليوم كاملا، وإن شك في صلاة ولم يعينها من الصلوات الخمس صلى اليوم كاملا.
يقول الإمام السيوطي ـ رحمه الله ـ: اعلم أن هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه، والمسائل المخرجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه وأكثر، ولو سردتها هنا لطال الشرح، ولكني أسوق منها جملة صالحة فأقول: يندرج في هذه القاعدة عدة قواعد: منها:
1- قولهم: "الأصل بقاء ما كان على ما كان". فمن أمثلة ذلك: من تيقن الطهارة، وشك في الحدث فهو متطهر. أو تيقن في الحدث وشك في الطهارة فهو محدث.
2- قاعدة: الأصل براءة الذمة. ولذلك لم يُقبل في شغل الذمة شاهد واحد، ما لم يعتضد بآخر، أو يمين المدعي، ولذا أيضًا كان القول قول المدعى عليه، لموافقته الأصل.
3- قاعدة: أصل ما انبنى عليه الإقرار إعمال اليقين وإطراح الشك وعدم استعمال الغلبة.
4- قاعدة: من شك هل فعل شيئًا أو لا؟ فالأصل أنه لم يفعله.
ويدخل فيها قاعدة أخرى:
5- من تيقن الفعل وشك في القليل أو الكثير حمل على القليل لأنه المتيقن، اللهم إلا أن تشتغل الذمة بالأصل فلا تبرأ إلا بيقين. وهذا الاستثناء راجع إلى قاعدة ثالثة، ذكرها الشافعي رضي الله عنه وهي:
6- "أن ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين". فمن فروع ذلك: شك في ترك مأمور في الصلاة: سجد للسهو أو ارتكاب فعل منهي فلا يسجد; لأن الأصل عدم فعلهما.
7- قاعدة: الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن. ومن فروعها: رأى في ثوبه منيًّا ولم يذكر احتلامًا لزمه الغسل على الصحيح. قال في الأم: وتجب إعادة كل صلاة صلاها من آخر نومة نامها فيه. ومنها: توضأ من بئر أيامًا وصلى ثم وجد فيها فأرة، لم يلزمه قضاء إلا ما تيقن أنه صلاه بالنجاسة. ومنها: ضرب بطن حامل فانفصل الولد حيًّا وبقي زمانًا بلا ألم ثم مات، فلا ضمان; لأن الظاهر أنه مات بسبب آخر.
ومنها: فتح قفصًا عن طائر فطار في الحال ضمنه، وإن وقف ثم طار فلا إحالة على اختيار الطائر. ومنها: ابتاع عبدًا ثم ظهر أنه كان مريضًا ومات: فلا رجوع له في الأصح; لأن المرض يتزايد فيحصل الموت بالزائد ولا يتحقق إضافته إلى السابق. ومنها: تزوج أَمة ثم اشتراها وأتت بولد، يحتمل أن يكون من ملك اليمين، وأن يكون من ملك النكاح، صارت أم ولد في الأصح، وقيل: لا لاحتمال كونه من النكاح.
والله تعالى أعلى وأعلم