Consultation Image

الإستشارة 17/05/2025

نحن المسلمون في داغستان وفي بلاد الاتحاد الروسي نعمل على جمع التبرعات لدعم إخواننا في غزة، وقد تم مناقشة هذا الأمر ونريد جوابًا عاجلاً فيه على وجه السرعة لنفعل هذه الفتوى بين صفوف المسلمين في بلادنا، وهي أن هناك عددًا كبيرًا من المسلمين سيقومون بالحج متمتعين، وبهذا يكون عليهم الهدي؛ فهل يجوز لنا لأننا غير قادرين على الهدي في مكة أن نأتي بهدي أقل منه سعرًا ونرسله لغزة أو أن ندفع قيمته في التبرع لغزة؟ أفيدونا مأجورين.

الإجابة 17/05/2025

الحمد لله، والصلاة على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالأصل في هدي التمتع أن يُذبح في الحرم؛ لقوله تعالى: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: 95]، وقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ...﴾ [البقرة: 196].

 

وقد أجاز الحنفية والمالكية نقل الهدي خارج الحرم بعد ذبحها داخل الحرم، وإطعام أهل الحرم منها؛ أجازوا نقل الباقي خارج الحرم للفقراء، ولم يجز ذلك الشافعية والحنابلة ولكل منهم أدلته.

 

لكن الصورة المذكورة لم يجزها أحد من العلماء فيما أعلم -والعلم عند الله- وهي أن تذبح خارج الحرم ولا ينقل شيء منها داخله، أو يتصدق بثمنها.

 

وفي حادثة السؤال لو تواصى المسلمون على مستوى العالم أن من حج حجة الإسلام لا يحج هذا العام ويخصص هذه النفقة كاملة لأهل غزة أو غيرها من المنكوبين على ظهر هذه الأرض لتجمع لهم مال كثير.

 

ولو قامت السلطات في المملكة بنقل جزء من الهدي إلى أهل فلسطين لأغنتهم سائر العام عن شراء اللحوم!

 

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله - في إجابة عن سؤال مشابه:

 

الذي يقوم به الحجاج اسمه هدي والهدي يعني هديًا يُهدى إلى الكعبة، يعني أنت تهدي هذا إلى بيت الله، القرآن يقول: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: 95]، ﴿وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ...﴾ [البقرة: 196].

 

 وهو له شعائر، يقلَّد القلائد ويعظم ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ﴾ [الحج: 32]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللهِ وَلاَ الشَّهْرَ الحَرَامَ وَلاَ الهَدْيَ وَلاَ القَلائِدَ...﴾ [المائدة: 2].

 

فحتى قلادة الهدي لها احترامها، فلا يجوز أن نعمل ذلك كل واحد في بلاده فهو بذلك لم يصبح هديًا.

 

والآن نجد البنك الإسلامي للتنمية وشركة الراجحي وغيرهما يقومون بتعليب ما بقي من هذه الذبائح، ويوزعونها على البلاد الفقيرة، وأصبح الحجاج يكلون أمر الذبح إليهما فيقومان بهذه الأشياء من الذبح والتوزيع في الحرم وبعد ذلك ممكن أن توزع على فقراء المسلمين وتُعَلَّب ويستفيد منها المسلمون، فما عادت تُهدر كما كان في الزمن الماضي.

 

وجاء في الموسوعة الميسرة في القضايا المعاصرة نقلاً عن الدكتور عبد الله أبو زيد اختلف أهل العلم في المسألة على قولين:

 

القول الأول: يجوز نقل الهدي إلى خارج الحرم إذا كان المساكين خارج الحرم أشد حاجة. وهو قول الحنفية, والمالكية، وعامة الفقهاء المعاصرين.

 

واستدلوا بما يلي:

 

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 28].

 

وجه الاستدلال: أن الأمر في الآية لم يخص فقيرًا دون فقير، فجاز التصدق على كل فقير لإطلاق النص.

 

الدليل الثاني: ما رواه جابر رضي الله عنه قال: (كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث فرخص لنا النبي ﷺ, فقال: كلوا وتزودوا فأكلنا وتزودنا)، وفي رواية: (حتى جئنا المدينة).

 

القول الثاني: لا يجوز التصدق بالهدي على غير مساكين الحرم. وهو قول الشافعية, والحنابلة.

 

واستدلوا بما يلي:

 

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95].

 

وجه الاستدلال: أنه ليس لفقراء الحرم حظ ببلوغ الهدي للكعبة إلا بتوزيع لحمه عليهم، فاللحم هو المقصد من إنهار الدم، فيختص بهذه البقعة كما اختص الذبح بهذه البقعة.

 

الدليل الثاني: أن اللحم أحد مقصودي النسك، فلم يجز في غير الحرم؛ قياسًا على الذبح.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :