الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : العبادات
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
47 - رقم الاستشارة : 1961
18/05/2025
هل يجوز أن أقص شعري أو ظفري إذا كنت سأضحي في العيد مثل أهل الحج؟ وما الحكمة في ذلك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذه مسألة خلافية بين الفقهاء، فبعضهم عدّها سنة من السنن المستحبة، ومنهم من عدها واجبا من الواجبات، والجميع متفقون على أن أخذ المضحي من شعره أو أظافره لا يؤثر على صحة الأضحية، لكن قد يكون حرامًا عند بعض الفقهاء أو مكروهًا عند بعضهم.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله- في فتوى مشابهة:
فهذا مبني على حديث صحيح روته أم سلمة عن النبي ﷺ في صحيح مسلم أن النبي ﷺ يقول: "إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظافره شيئًا"، وهذا الأمر أنكرته السيدة عائشة وقالت: إن النبي ﷺ كان يفعل هذا.
وعلى كل حال، هل هذا النهي في الحديث للكراهة أم للتحريم؟ بعض علماء الحنابلة قالوا بالتحريم وبعضهم قالوا هو للكراهة فقط، وبعض علماء الشافعية قالوا هو لكراهة التنزيه، وبعض الفقهاء والأئمة قالوا: لا كراهة إطلاقًا في هذه العملية.
على كل حال الفقهاء مختلفون، واختلافهم هنا رحمة، فلوا أخذنا بالرأي الذي يحرم هنا لضيّقنا على الخلق؛ فالناس هنا يسمونه مُحْرِمًا أي جعلوه إحراما، وبعضهم قال: هل يمكن أن يتصل بزوجته (لأنه محرم)؟ هذا الأمر شديد؛ فالحاج يتمتع بالعمرة إلى الحج فهو يؤدي العمرة في ساعتين ثم يتحلل، ثم يوم 8 من ذي الحجة يحرم أقل من 48 ساعة وينتهي، وهنا سنبقيه 10 أيام لا يحلق ولا يقصر ولا يأخذ من شعر رأسه أو لحيته، فأصبحت العملية أشد من الحج.
فبعض الناس يقولون: إذا كانت العملية بهذه الشدة، فلن أضحي إن كنت سأرتكب محرّمًا، لكن نحن نقول له: لا تترك التضحية، فإذا أراد الإنسان أن يأتي العيد وشكله حسن، فيحوز له هذا الأمر ولا حرج، الأَولى لو كان على جميع المذاهب ولم يأخذ من شعره ولا من أظافره شيئًا، إنما إن احتاج لهذا فليفعل، وهم قالوا: لو فعل هذا فليستغفر الله وأضحيته صحيحة ولا حرج عليه.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
قال المالكية والشافعية: يُسن لمن يريد التضحية ولمن يعلم أن غيره يضحي عنه ألا يزيل شيئًا من شعر رأسه أو بدنه بحلق أو قص أو غيرهما، ولا شيئا من أظفاره بتقليم أو غيره، ولا شيئًا من بشرته كسلعة لا يضره بقاؤها، وذلك من ليلة اليوم الأول من ذي الحجة إلى الفراغ من ذبح الأضحية.
وقال الحنابلة: إن ذلك واجب، لا مسنون، وحُكي الوجوب عن سعيد بن المسيب وربيعة وإسحاق.
ونقل ابن قدامة عن الحنفية عدم الكراهة، وعلى القول بالسنية يكون الإقدام على هذه الأمور مكروهًا تنزيهًا، وعلى القول بالوجوب يكون محرّمًا.
والأصل في ذلك حديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال: إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من"، وفي رواية أخرى عنها رضي الله عنها أنه ﷺ قال: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره".
والقائلون بالسنية جعلوا النهي للكراهة.
والحديث الدال على عدم تحريم الفعل هو حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله ﷺ ثم يقلده ويبعث به ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر هديه.
قال الشافعي: البعث بالهدي، أكثر من إرادة التضحية فدل على أنه لا يحرم ذلك.
والحكمة في مشروعية الإمساك عن الشعر والأظفار ونحوهما قيل: إنها التشبه بالمحرِم بالحج، والصحيح: أن الحكمة أن يبقى مريد التضحية كامل الأجزاء رجاء أن يعتق من النار بالتضحية.
والله تعالى أعلى وأعلم