23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

نقل أعضاء المتوفى دون الرجوع إلى إذنه أو إذن وليه

الإستشارة 07/01/2025

- هل يجوز نقل أعضاء المتوفى دون الرجوع إلى إذنه أو أذن أوليائه؟؟

الإجابة 07/01/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فقد اختلف الفقهاء المعاصرون حول مسألة نقل الأعضاء، فمنهم من منعها مطلقًا؛ لأن هذه الأعضاء ليست ملكًا للإنسان حتى يتبرع بها، وسواء أكان نقل العضو من حي أم من ميت فالحكم في كل الحالات المنع.

وأجاز البعض الأخر ـ وهو الأكثر حيث يضم عددًا كبيرًا من العلماء والمجامع الفقهية ـ نقل الأعضاء بضوابط وشروط يمكننا مراجعتها فيما صدر من قرارات مجمعية مثل قرار مجمع الفقه الدولي بجدة التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ومجمع فقهاء الشريعة بالهند وغيرهم .

ويعتمدون على عموم الأدلة التي تأمر الناس بالتعاون على البر والتقوى، وتأمر بالمحافظة على النفوس؛ حيث إن حفظ النفس من مقاصد الشريعة الإسلامية، ومن باب الرفق بالإنسان والإحسان إليه، والفرح لفرحه والحزن لحزنه، والمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.

لكن الذين أجازوا نقل الأعضاء اشترطوا من بين الشروط موافقة المتبرع، وأن يكون كامل الأهلية وهو الذي يصح تصرفه في كافة التصرفات وبخاصة التبرع؛ فهل يجوز لولي الأمر هنا أن يتجاوز إذن المتبرع وخاصة بعد الوفاة لينقل منه بعض الأعضاء أو كل الأعضاء التي تصلح للنقل؟ ويصدر بذلك القوانين الملزمة؟

ومن الممكن الاستدلال لهذا الرأي بالمصالح المرسلة، وكذلك المصالح العامة التي تقدم على المصلحة الخاصة، وحق ولي الأمر في التدخل لنزع الملكيات الخاصة إذا كان في ذلك مصلحة عامة وغير ذلك من الأدلة.

والذي نرجحه للفتوى أن يفتح باب التبرع للأحياء أولا مع مراعاة الضوابط اللازمة لهذا التبرع، ثم يفتح باب الوصية من المتبرع، بعد موته، وإن لم يوص هو جاز لأوليائه الإذن من بعده، فإن قام هذا بالمطلوب، وسدت حاجة الناس فلا حاجة ساعتها لتدخل ولي الأمر لفرض قانون يلزم الناس بأخذ أعضائهم دون إذنهم.

وإن رغب الناس عن التبرع في حياتهم والوصية بعد موتهم، ولم يأذن أولياؤهم بعد موتهم، أو كانت الحاجة ماسة، جاز لولي الأمر بعد التشاور مع أهل العلم والذكر، والرجوع لأهل الحل والعقد، أن يصدر قانونًا يلزم المتوفى وأولياءه بالتبرع  من أجل السعي في التخفيف عن المرضى، والتسبب في إحياء النفس عملاً بقول الله تعالى: ﴿... وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا... ﴾ (المائدة: 32)، وعملاً بالقاعدة الفقهية الضرورات تبيح المحظورات وتقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

وما يباح للضرورة يزول بزوالها، والضرورة تقدر بقدرها، فيكون هذا الإلزام مقننًا بالحاجة فقط ثم يعود الأمر كما كان فلا يؤخذ عضو من أحد إلا بإذنه ورضاه .

والله تعالى أعلى وأعلم.