الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : تربوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
26 - رقم الاستشارة : 2982
18/10/2025
زوجتي عندها مشكلة للأسف مع ابنها إن هي تبي الولد من المتفوقين فدائما منفعلة عليه جدا لدرجة أنها تصرخ في وجهه وتضربه إذا لم يستجب في المذاكرة ليلة الامتحان طبعا كلمتها كتير بطريقة كويسة ووعدتني أكثر من مرة أنها تستجيب وتتغير وللأسف مفيش فايدة لدرجة أني هددتها بخروج الولد من الدراسة ومفيش فايدة.
أخي الفاضل،
لنتوقف قليلاً أمام ما تعانيه زوجتك.. فغالبًا ما تكون نيتها صادقة في رغبتها بالتفوق لابنها، إلا أن أسلوبها الانفعالي نابع من قلق تربوي (Parental Anxiety) ناتج عن خوفها من الفشل الأكاديمي للطفل أو من نظرة المجتمع للأم التي لم "تنجح" في جعل ابنها متفوقًا. هذا القلق يجعلها تقع فريسة لما يُعرف في علم النفس التربوي بمفهوم Overcontrol Parenting، أي السيطرة الزائدة التي تُفقد الطفل الدافعية الداخلية وتستبدل بها الخوف والطاعة القسرية.
الصراخ والضرب لا يصنعان تفوقًا
إن الصراخ والضرب أثناء المذاكرة لا يصنعان تفوقًا، بل يصنعان طفلًا قلقًا، مرتبكًا، يكره الدراسة ويربطها بالألم والخوف، فيتحول تركيزه من التعلم إلى محاولة تجنب العقاب، وهي ما يُعرف تربويًّا بـAvoidance Learning . وبهذا، يتحقق عكس ما تريد الأم تمامًا.
قال الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾، والتربية ليست إلا نوعًا من الدعوة، بل أعمقها أثرًا، فهي دعوة إلى بناء إنسان. فلا حكمة في الغضب، ولا موعظة في الصراخ.
التعامل بمنهجية
وهنا أنصحك – أخي الكريم – أن تتعامل مع الموقف بمنهجية تربوية متدرجة كالتالي:
1- افصل السلوك عن النية:
لا تُهاجم زوجتك أمام الطفل حتى لا تضعف سلطتها، بل تحدث معها على انفراد، واشرح لها بهدوء أن ما تفعله هو نوع من العنف التربوي (Educational Violence) الذي يُحدث Trauma Conditioning أي ارتباطًا شرطيًّا بين الدراسة والعقاب.
2- ساعدها على فهم مرحلة ابنها النمائية:
فكل عمر له قدرته المحدودة على التركيز والانتباه، والمقارنة أو الضغط لا يزيد الذكاء، بل يضعف القدرة التنفيذية في الدماغ المسؤولة عن التنظيم الذاتي والتخطيط.
3- بدّل مفهوم التفوق بمفهوم النمو:
علّماه معًا الطفل أن المطلوب هو التقدم المستمر، أي أن يكون اليوم أفضل من الأمس، لا بالضرورة أن يكون ابنكما أفضل من الجميع.
4- إشراك الأم في برنامج الذكاء العاطفي الأسري (Family Emotional Intelligence):
لتتعلم كيف تضبط انفعالاتها وتحوّل طاقتها القلقة إلى دعم عاطفي محفز.
5- التذكير بالحساب الأخروي:
فالله تعالى قال: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"، والمسؤولية لا تعني السيطرة، بل الرعاية والرفق. فكذلك قال النبي ﷺ: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه".
وأخيرًا، أوصيك أن تُظهر لزوجتك التقدير على جهدها بدل توبيخها، فالتغيير الانفعالي لا يحدث بالتهديد، بل بالاحتواء والحنان، فالمرأة إذا شعرت أنها مفهومة ومقدّرة تهدأ وتبدأ في التغيير تدريجيًّا.
فامنحها الوقت، وساندها في رحلة وعيها التربوي، وذكّرها دائمًا أن النجاح الحقيقي ليس في تفوق الطفل فحسب، بل في أن يظل قلبه سليمًا، ونفسه مطمئنة، وثقته بوالديه راسخة.
* همسة أخيرة:
التربية ليست سباقًا نحو الدرجات، بل بناء متكامل للشخصية والضمير، فحافظوا على قلوب أبنائكم قبل عقولهم؛ لأن القلب هو الذي يمنح العقل معنى.
روابط ذات صلة:
مشتتة عند المذاكرة.. اتبعي نظام البومودورو!!!