Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : المراهقون
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 133
  • رقم الاستشارة : 2080
26/05/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا دكتورة،

أنا طالبة في الصف الثالث الإعدادي، وكل الناس يقولون إن هذه سنة مصيرية، وإنها تحدد مستقبلي، وكلما اقترب موعد الامتحانات، أشعر بخوف كبير جدًا، لدرجة أن قلبي يخفق بسرعة، وأشعر برجفة في يدي وعرق في كفيّ، وأحيانًا أبكي فجأة من غير سبب واضح.

أنا لا أُهمل دروسي أبدًا، وأذاكر بجد، لكني لا أشعر أنني أستفيد أو أنني أستطيع تذكر شيء وقت الامتحان. أشعر أنني مضغوطة من كل الناس: أهلي، المدرسين، وحتى نفسي!

أنا تعبت من هذا التوتر، وأخاف أن هذا الخوف يؤثر عليّ وقت الامتحان..

هل حالتي طبيعية؟ كيف أهدأ وأستطيع تنظيم وقتي ومشاعري؟ وكيف أستعد للامتحان نفسيًا وليس فقط بالمذاكرة؟

أرجوكِ، ساعديني قبل أن أغرق في خوفي.

الإجابة 26/05/2025

ابنتي الغالية..

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

أحييك من قلبي على صدقك في التعبير، ورغبتك في الفهم، وطلبك العون في الوقت المناسب، وهذا أول دليل على نضجك الداخلي – وإن كنتِ لا تدركينه الآن.

 

دعيني أبدأ بما يُطمئن قلبك:

 

ما تشعرين به من خفقان وتسارع ضربات القلب وتعرّق وبكاء متقطع هو أمر طبيعي تمامًا في مثل مرحلتك، ويُطلق عليه علميًّا "Test Anxiety"، أو قلق الاختبارات.. وهو حالة شائعة بين الطلاب المجتهدين الطموحين تحديدًا، والذين يحملون داخلهم مسؤولية عالية.

 

لكن، ما يتحول من الطبيعي إلى المرهق، هو عندما لا نتعامل مع هذا القلق كإشارة، بل نغرق فيه كتهديد. لذلك، سأكون معكِ الآن خطوة بخطوة، لا لأُلغي خوفك، بل لأحاول أن أُعيده إلى حجمه الطبيعي، وأُحوله إلى دافع إيجابي بإذن الله تعالى.

 

أولًا: عليك أن تتفهمي يا صغيرتي أن الخوف في ذاته ليس عدوًّا، بل هو رسالة داخلية تخبرك بأن هناك أمرًا يستحق الاستعداد.

 

لكن المشكلة ليست في الشعور، بل في المبالغة في التفكير فيه. وهنا نُشير إلى مصطلح "Catastrophic Thinking"، أي التفكير الكارثي، وهو ما يحدث عندما يربط الطالب بين الامتحان وبين الفشل النهائي في الحياة!

 

ثانيًا: حين قال النبي ﷺ: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يُتقنه"، لم يكن يقصد أن نتقنه ونحن نبكي ونتوتر ونجلد أنفسنا، بل أن نُقدمه بأفضل ما نقدر عليه، بوعي وهدوء، ثم نُسلم النتائج إلى الله تعالى، فكما قال: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم}...

 

هنا نتعلم مبدأ بذل الجهدك بصدق، ثم ندع الأمر لله. هذا ما نسميه تربويًّا "Healthy Detachment" أو الانفصال الصحي، طبعًا عن النتيجة، فلا ترتبطي بها حتى لا يتحكم مصيرها بمشاعرك.

 

ثالثًا: وسوف أضع لكِ خطة بسيطة وعملية لمواجهة هذا القلق:

 

1- جدول مذاكرة مرن:

 

قسّمي المواد إلى وحدات صغيرة، واجعلي لكل وحدة وقتًا معقولًا، لا مفرطًا ولا قصيرًا، حتى لا تشعري بالضغط أو التقصير.

 

2- اتبعي نظام "Pomodoro" للتنظيم:

 

وهو النظام الذي يعتمد على 25 دقيقة تركيز + 5 دقائق راحة، مع تكرار ذلك 4 مرات ثم أخذ راحة أطول.. هذا النظام يُقلل التشتت ويُعزّز التركيز.

 

3- كذلك مارسي تمارين التنفس العميق:

 

قبل كل مذاكرة، خذي 3 دقائق للتنفس العميق ببطء. هذا يُرسل إشارة طمأنينة إلى جهازك العصبي ويخفض من حدة التوتر.

 

4- يمكنك أيضا كتابة مشاعرك للتفريغ:

 

خصصي ورقة لتكتبي فيها ما تخافين منه، ثم اكتبي بجانبه: "وما أسوأ ما قد يحدث؟ وهل سيتوقف مستقبلي على هذه النتيجة؟" هذا التمرين يساعد على تفكيك القلق العقلي.

 

5- خصصي أيضًا وقتًا للراحة النفسية:

 

اعملي شيئًا تحبينه يوميًّا ولو 10 دقائق: قراءة القرآن الكريم، مشي، رسم، أو حتى الاستماع لشيء مريح. الراحة ليست ترفًا، بل ضرورة لاستمرار الطاقة النفسية.

 

"روحوا القلوب، فساعة وساعة"، كما قالها سيدنا علي كرم الله وجهه.

 

 

رابعًا: لا تجعلي الآخرين يقودون مشاعرك. أهلك ومعلّموك يريدون لك الخير، لكنهم – ربما دون قصد – قد يُربكونك بالضغط الزائد. لذلك كُوني أنتِ ميزان نفسك، وكرري في داخلك: "أنا أبذل جهدي، والله لا يُضيع أجر من أحسن عملًا."

 

خامسًا: إنني أُبشّرك بأن ما تمرين به الآن سيُصبح يومًا ما ذكرى، وسيكبر وعيك ليضم هذا الموقف في خزينة التجارب التي صقلتك.

 

* همسة أخيرة لابنتي الحبيبة:

 

 تذكري يا بنيتي: "إنما يبتلي الله المؤمن وهو يحبه، ليسمع تضرعه"، فلا تقصري في العبادة وأكثري من الدعاء والاستغفار، وثقي في الإجابة.

 

ثم أنا معكِ دومًا بروح القلب والعلم، وثقي أن خوفك ليس علامة ضعف، بل بذرة قوة تحتاج فقط إلى رعاية نفسية وطمأنينة إيمانية.

 

وفقكِ الله، وجعل لكِ من كل ضيقٍ فرجًا، ومن كل هم مخرجًا، ومن كل امتحان فتحًا وخيرًا.

الرابط المختصر :