بنتي لا تحترمني وصوتها عال عليّ.. كيف أستعيد سيطرتي؟!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : المراهقون
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 95
  • رقم الاستشارة : 2496
26/08/2025

أنا أم ومش عارفة أتعامل مع بنتي الحين كل الوقت على الجوال والنت قاعدة على السرير ماسكة الجوال طول اليوم صوتها عليّ عالي وما تحترمني ومجهودي كله ممكن يضيع وهي ما بتقدّر تعبتي ساعات تصيح في وجهي وتضرب بإيدها وما تسمع كلامي أبداً.

حاسة إني فقدت السيطرة وكل هذا صار عشان أنا خليتها تتعود على الجوال والنت طول الوقت.

أبي أعرف من مستشارة التربية كيف أرجع السيطرة وأعلمها الاحترام والطاعة بدون ما أخسر علاقتي معها؟

الإجابة 26/08/2025

أختي العزيزة، أتفهم ألمك وحيرتك وقلقك، وأشعر بعمق معاناتك حين تصفين فقدان السيطرة أمام ابنتك، خصوصًا بعدما منحتِها الهاتف والإنترنت في وقت مبكر أو بلا ضوابط.

 

هذه المشاعر طبيعية جدًّا عند كثير من الأمهات في زمن طغت فيه الأجهزة على التربية، لكن اطمئني، فكل شيء يمكن إصلاحه بإذن الله تعالى إن أحسنتِ التدرج والحكمة.

 

أولًا: ابنتكِ يا عزيزتي الآن في فترة المراهقة، وتعيش ما يُسمّى في علم النفس التربوي بـ مرحلة الاستقلالية، حيث تحاول أن تثبت ذاتها وقراراتها أحيانًا بالتمرّد ورفع الصوت.

 

الهاتف والإنترنت أصبحا بالنسبة لها وسيلة سيطرة ذاتية Perceived Control تعوض بها نقصًا في الحرية أو الفراغ أو الاحتواء. لذا، كلما زاد فراغها العاطفي والعملي، زاد تعلقها بالجوال.

 

ثانيًا: نأتي إلى كيفية التعامل مع السلوك العدواني:

 

رفع الصوت أو الصراخ أو حتى الضرب باليد هي محاولات غير ناضجة للتعبير عن الغضب. لا تفسّري ذلك على أنه كره لكِ، بل هو ضعف في مهارات التنظيم الانفعالي أو الـ Emotional Regulation . وهنا دورك أن تكوني النموذج في هدوئك وصبرك، فالقدوة أبلغ من الأوامر.

 

ثالثًا: إليك خطوات عملية لاستعادة السيطرة والتوازن:

 

1- إعادة بناء العلاقة معها..

 

أولًا وقبل وضع أي قوانين، اجلسي معها كأم وصديقة، وعبّري لها عن حبك وخوفك عليها، من غير لوم ولا عتاب مباشر. فالقاعدة الذهبية هنا أن العلاقة قبل التربية.

 

2- لا بد من التدرّج في الضبط..

 

لا تسحبي الهاتف فجأة، فهذا سيزيد التمرد، بل ضعي "جدولًا واضحًا" لاستخدامه (مثل ساعتين يوميًّا بعد إنجاز الواجبات والمهام الموكلة إليها).. ولا بد من أن توضحي لها أن هذه ليست عقوبة، بل هي نظام لحياتها وهي المستفيدة الأولى منه.

 

3- حاولي توفير بدائل واقعية لها..

 

قدّمي أنشطة جذّابة: هواية، رياضة، مشاركة في عمل منزلي ممتع، أو زيارات عائلية. كلما امتلأت حياتها ببدائل، قل تعلقها بالجوال. هذا ما يُسمّى بـ Behavioral Substitution الإحلال أو الاستبدال السلوكي.

 

4- علميها مهارات الاحترام..

 

اجلسي معها بهدوء في وقت صفاء، واشرحي أن احترام الأم فريضة دينية قبل أن تكون سلوكًا اجتماعيًّا. استشهدي بقوله تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾، وحديث النبي ﷺ: "رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد".

 

5- ضرورة تعزيز السلوك الإيجابي..

 

كلما بادرت ابنتك بالهدوء أو استجابت، مدحتها أمام نفسها وأمام الآخرين، فهذا يُشبع لديها حاجة القبول والتقدير والتعزيز الإيجابي Positive Reinforcement.

 

6- ولا بد من الحزم بلا قسوة..

 

والحزم يعني أن تكوني ثابتة على النظام الذي تضعينه، من دون انفعال زائد. فكما في القول المأثور: "لا يكن أهلك أهون الناس عليك". أي أن حقهم في التربية والتهذيب أعظم من أي أحد.

 

7- ويحبذ أن تشركي معك أطرافًا ودودة..

 

فإن كان مقرب إلى قلب ابنتك إحدى القريبات كالعمة أو الخالة أو صديقة ودودة، فاطلبي منها أن تحدثها بلطف عن قيمة الأم ووصية الله تعالى بها...

 

ثم أرسلي لها مقاطع لبعض الشيوخ والعلماء التى تميل إليهم تحثها على الالتزام بطاعة الله والصلاة على وقتها وبر الوالدين، فإن من البيان لسحرًا.

 

وأخيرًا أختي الحبيبة، ذكّري نفسك دائمًا بأن ابنتك أمانة، وأن الله تعالي ابتلاكِ بها ليُظهر صبرك وحكمتك. استحضري قوله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾.. الصبر هنا مفتاح التربية، ومعه الدعاء في جوف الليل بأن يهدي الله قلبها ويقر عينك بصلاحها.

 

* همسة أخيرة لأختي الغالية:

 

لا تنظري إلى الأمر كخسارة نهائية، بل كجرس إنذار لإعادة ترتيب التربية.

 

استعيني بالله تعالى أولاً، ثم الحب والحوار، مع الحزم والحدود، وستجدين مع الوقت أن ابنتك تعود إليك أكثر طاعةً واحترامًا؛ لأن المراهق مهما ابتعد، يظل في أعماقه محتاجًا لدفء الأم وقيادتها، وخاصة البنات.

 

أسأل الله لابنتك الهداية وصلاح الحال وبنات المسلمين أجمعين.

الرابط المختصر :