كيف أخبر أمي بزواج أبي من غيرها؟!!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : الشباب
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 90
  • رقم الاستشارة : 3434
27/11/2025

مساء الخير دكتورة أميمة،

أنا بنت في أولى جامعة، وعايشة في بيت بجد فيه حب وهدوء بين بابايا ومامتي، وعمرنا ما شفنا بينهم مشاكل كبيرة.

من كام يوم بالصدفة عرفت إن بابا متجوّز واحدة تانية من ورا مامتي، والموضوع وقَع عليّا زي الصدمة.

أنا حاسّة إني مش قادرة أستوعب، ومتلغبطة جدًّا.

مش عارفة أواجهه؟ ولا أسكت؟

ولو قلت لمامتي ممكن بيتنا يِتخرب، وإخواتي الصغيرين يتأذّوا نفسيًّا ويتشتّتوا… ومش عايزة أكون السبب في ده.

وفي نفس الوقت حاسّة إني غصب عني بخون مامتي لو كتمت الموضوع.

قلبي موجوع ومش لاقية حد أفضفض له.. أنا محتاجة أعرف أعمل إيه صح؟ وأتعامل إزاي من غير ما أضيّع البيت، ولا أظلم نفسي، ولا أظلم مامتي.

الإجابة 27/11/2025

ابنتي العزيزة،

 

أول ما أريد أن أقوله لك: أنتِ لستِ مخطئة في مشاعرك. الصدمة التي مررتِ بها طبيعية تمامًا، وما تشعرين به من خوفٍ، وارتباكٍ، وحيرةٍ هو استجابة إنسانية لما يسمّى في علم النفس الأسري بـ Emotional Shock أو الصدمة الانفعالية، والتي تُربك التفكير وتُحدث تشوّش للإدراك.

 

سأحاول هنا أن أضع يدكِ على الطريق الأكثر حكمة ورحمة، دون تهوّر أو اندفاع:

 

تحمل العبء

 

أولًا: لا تتحمّلي عبئًا ليس من طبيعتك تحمّله..

 

فيا ابنتي، أنتِ ابنة، ولستِ طرفًا في علاقة زوج وزوجته. والشرع والعقل يقولان: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. أنتِ لستِ مكلّفة بحمل هذا الهم وحدك، ولا بتحمّل نتائج قرار لم تتخذيه أصلًا. ووجود زواج آخر لا يجعل منكِ راعيةً لسر أكبر منك، ولا يجعل منكِ قاضيةً على والدك أو رسولةً تنقلين الخبر.

 

مواجهة الوالد بالحكمة

 

ثانيًا: مواجهة الوالد مباشرةً، خطوة تحتاج لحكمة لا لاندفاع..

 

لأن المواجهة المباشرة في هذه اللحظة قد تدفعه إلى Defensiveness أو ما نسميه المقاومة الدفاعية، وقد يدخل في دائرة تبرير أو غضب لا يفيدك ولا يفيده.

 

ولكن، هناك خيار أوسط: ألا وهو أن تجلسي معه في وقتٍ هادئ، لا بهدف "المحاسبة"، بل بهدف "الاستيضاح".

 

قولي له بهدوءٍ يليق ببر الابنة لأبيها: "بابا، أنا بحبَّك، وحاسة إن في حاجة مقلقاني جوا قلبي، وعايزة أتكلم معاك بصراحة: هل فيه شيء حضرتك تخفيه عني؟ أرجو أن تصارحني كما اعتدت على صداقتك". هذه الجملة تُفتح بها القلوب، لا تُغلق.

 

عدم إخبار الأم

 

ثالثًا: لا تُخبري والدتك الآن، حفاظًا على استقرار الأسرة..

 

فإخبار الأم الآن –وفي هذه المرحلة تحديدًا– قد يُحدث انهيارًا أسريًّا أنتِ نفسك تخافين منه.

 

وفي علم النفس الأسري هناك مفهوم متبع في التطبيق، وهو "استقرار النسق الأسري، وحمايته في وجود أطفال أصغر سنًا واجب تربوي".

 

كما أنه لا يوجد في الشرع ما يلزم الابنة بإخبار الأم، بل إن الستر مطلوب إذا كان كشف الأمر سيؤدي إلى ضرر أكبر. ما دام الأمر لم يصل إلى إيذاءٍ ولا ظلمٍ جسيم للأم، فستر الخبر أولى.

 

رابعًا: اطمئني، فأنتِ لستِ خائنة لأمّك، بل بالعكس أنتِ حامية لبيتها..

 

فلا تسمحي للشيطان – والعياذ بالله – أن يُشعركِ بأن كتمانك هو خيانة.. فوالدك لم يرتكب حرامًا أو جريمة، فشرعًا مباح له أكثر من زوجة، كما أنك لا تعرفين دوافعه وأسباب هذه الزيجة.

 

ولكن الخيانة الحقيقية هي الهدم، أمّا الستر والتمهل والعقل فهو من الحكمة. وأمك صالحة ومحترمة، وستظل كذلك، ولن يقل مقامها في قلبك ولا قلب والدك مهما حدث.

 

كيف تتصرفين؟

 

خامسًا: كيف تتصرفين في الأسابيع القادمة؟

 

1. حافظي على هدوئك النفسي.. فلا تتّخذي قرارات وأنتِ تحت تأثير الصدمة. امنحي نفسك وقتًا لاستيعاب الموقف.

 

2. تابعي والدك من بعيد بحكمة.. ليس تجسسًا، ولكن فهمًا لتوجهه: هل الزواج قائم بالفعل؟ هل هناك تبعات تؤثر على البيت؟ هل نية الطلاق موجودة؟ أم أنه زواج لأسباب معينة فلا يريد إعلانه؟ هذا الفهم يساعدك في الخطوة القادمة.

 

3. قرري إن كنتِ بحاجة لحديث ثانٍ مع والدك.. إذا شعرتِ بعد الحديث الأول أنه أخفى كثيرًا، يمكنك إعادة فتح الموضوع بهدوء ووقار.

 

4. لا تكوني وسيطة بينه وبين أمك.. هذا الدور مُرهق ومدمّر نفسيًّا، ولا يليق بفتاة في عمرك، وحتى لا تضطري للتحيز لأحدهما.

 

5. اهتمي بإخوتك الصغار، دون أن تخبريهم بشيء.. يكفي أن يشعروا بالأمان، لأن أي اضطراب منك ينعكس عليهم فورًا.

 

6. من المهم جدًّا أيضًا أن تلفتي انتباه والدتك لأن تهتم بنفسها وتشجعيها على التجميل والتعطر بالبيت في وجود والدك.

 

ثم من يدريك، لعلها على علم بزواجه الثاني وبمباركاتها لأسباب خاصة بينهما، ولا تريد إعلامك أنت وإخوتك حفاظًا على بيتكم وتماسك أسرتكم.

 

وأخيرًا يا ابنتي الغالية، الله سبحانه وتعالي يقول: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}، ومخارج الله تأتي بطرق لم نتوقعها.. فاتقي الله في قلب أمك واستقرار إخوتك وسر أبيك.

 

ولا تدري، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا!! فالله تعالى قادر على صلاح الأحوال وسلامة القلوب وسكينة الأنفس بالرضا والتسليم لما هو مقدر.

 

* همسة أخيرة:

 

تذكري دائمًا: أنتِ لست المسؤولة عن هذا الزواج، ولا تعرفين أسبابه ودوافعه.. لكنكِ قادرة –بعقلك ورجاحة فكرك– على منع الخراب إن شاء الله تعالى.

 

روابط ذات صلة:

بعد زواج والدي بأخرى أرفض زواج والدتي بآخر

يخون أمي.. ماذا أفعل؟

الرابط المختصر :