Consultation Image

الإستشارة 27/03/2025

أنا مسلم عادي، أمارس صلاتي وعبادتي وفق ما أسمعه وأتعلمه من المشايخ والعلماء، وأرغب في أن أزيد معرفتي الدينية بطريقة صحيحة. في عصر السوشيال ميديا والانترنت، تنتشر المعلومات الدينية بكثرة، لكني أدرك أن ليس كل ما يُنشر صحيح، فكيف أتثقف دينيًا بشكل متوازن دون الوقوع في الخطأ أو التشتت؟

الإجابة 27/03/2025

أخي الكريم، شكر الله لك همّتك، واعلم بأن طلبك للعلم ورغبتك في الفهم الصحيح لدينك نعمة عظيمة، فقد قال النبي ﷺ: "مَن يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ" [متفق عليه]، لكننا وفي ظل الانفتاح المعلوماتي الحالي، أصبح من السهل الحصول على المعلومة، لكن من الصعب التمييز بين الصحيح والمغلوط؛ لذا لا بد أن تكون هناك منهجية واضحة للسير في طريق التعلم الديني الصحيح. واسمح لي أن أُعنصر إجابتي على النحو التالي:

 

أولًا: ما هي المصادر الصحيحة للثقافة الإسلامية؟

 

يجب أن تكون مصادر التعلم مبنية على القرآن والسنة الصحيحة، وفهم العلماء المعتبرين، ويمكن تقسيم المصادر إلى:

 

1) القرآن الكريم: الأصل الأول في التعلم: احرص على قراءة تفسير ميسر مثل التفسير الميسر أو تفسير السعدي، ولا تأخذ تفسير الآيات من أي مصدر غير موثوق، تدبّر قول الله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ [محمد: 24]، فالتدبر هو أول خطوات التعلم.

 

2) السنة النبوية: المصدر الثاني للفهم الصحيح: فلا تأخذ الأحاديث النبوية من وسائل التواصل الاجتماعي إلا بعد التأكد من صحتها عبر كتب الحديث الموثوقة مثل: صحيح البخاري، صحيح مسلم، رياض الصالحين للإمام النووي، ويمكنك التأكد من صحة الحديث عبر مواقع موثوقة مثل موقع الدرر السنية.

 

3) الفقه والعقيدة والتاريخ الإسلامي: اقرأ كتبًا ميسرة مثل: "الأربعون النووية" في الحديث، وكتاب "فقه السنة" للشيخ سيد سابق، و"عقيدتنا" للأستاذ الدكتور محمد ربيع جوهري، و"الإسلام عقيدة وشريعة" للشيخ محمود شلتوت.

 

ثانيًا: كيف أتعلم دون أن أقع في التشتت؟

 

1) لا تأخذ العلم عن مجهولين أو غير المتخصصين: في عصر السوشيال ميديا، هناك أشخاص يتكلمون في الدين بغير علم، ولهذا قال الله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، خذ علمك من علماء موثوقين مثل هيئات الفتوى الرسمية، والمشايخ المعروفين بسلامة المنهج والعلم الشرعي.

 

2) ابدأ بالأولويات وتجنب الغوص في المسائل المعقدة، ركز أولًا على ما تصحح به عبادتك ومعاملاتك، مثل: أحكام الصلاة والطهارة، آداب التعامل مع الناس، تفسير آيات الأخلاق والعبادات، ولا تبدأ بالقضايا الجدلية أو الفقه المقارن قبل أن تتأسس في الأصول.

 

3) احذر من الوقوع في فخ "الفتاوى العشوائية": فبعض الناس يبحث عن الأحكام الشرعية من مقاطع الفيديو القصيرة أو منشورات الفيسبوك، وهذا قد يؤدي إلى الوقوع في أخطاء جسيمة، لا تتبع الفتاوى بدون الرجوع إلى المصادر المعتمدة مثل: موقع دار الإفتاء في بلدك.

 

4) الاستماع للمحاضرات والدروس الموثوقة: تابع العلماء المعروفين بالوسطية والاعتدال، وابتعد عن الغلو والتشدد، واستمع لسلاسل علميّة منضبطة من العلماء الموثوقين المشهود لهم بالصلاح العلمي والعمليّ.

 

ثالثًا: كيف أطبق ما أتعلمه؟

 

1) لا تجعل التعلم مجرد ثقافة نظرية: قال النبي ﷺ: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، واجعل هدفك من التعلم التطبيق والعمل، وليس فقط جمع المعلومات.

 

2) مارس ما تتعلمه في حياتك اليومية: إن تعلمت حديثًا عن الصدق، فطبّقه في كلامك، وإن فهمت آية عن الصبر، فاجعلها منهجًا في حياتك.

 

3) تجنب الجدال العقيم على السوشيال ميديا: فلا تضيع وقتك في مناقشات لا تنفع، بل اجعل علمك وسيلة لتقوية علاقتك بالله.

 

وأخيرًا اعلم بأنّ

 

التعلم الديني الصحيح ليس صعبًا، لكنه يحتاج إلى منهجية واضحة ومصادر موثوقة. احرص على التدرج في التعلم، ولا تأخذ دينك من وسائل التواصل دون تحقق. وأهم شيء، لا تجعل هدفك فقط جمع المعلومات، بل العمل بما تتعلمه؛ فالعلم الذي لا يُطبق لا ينفع.

الرابط المختصر :