الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
261 - رقم الاستشارة : 621
08/01/2025
أعمل معلّمًا بمدرسة خاصّة بجمهورية مصر العربية، وعندي شاب من الشباب يُصرّ على فعل معصية معينة، ولا يتنازل عنها على الإطلاق، بينما يحب أن يسمعني ويأنس بي، ولا أدري كيف أقوم بتعديل سلوكه الخاطئ، أرجو الرد في عناصر محددة، وخطوات عملية، وتقبلوا فائق الاحترام والتقدير
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي السائل الكريم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحمد الله تعالى أن رزقك هذا الحب، الذي يجب أن يملأ نفس المؤمن المربّي والمعلّم. وهذه الغيرة المحمودة خوفًا على الآخرين هي غيرة كريمة حميدة رشيدة راقية؛ ترفع قدرها، فزادك الله حرصا وأعانك الله على كل خير...
وأما بالنسبة لسؤالك فإني أرى أن هذا السؤال يحتاج إلى أكثر من شق في الجواب، سيما وأنّنا نتحدث عن تعديل السلوكيات الخاطئة، والأمر لا شك يختلف من حالة إلى أخرى، كما يختلف من مرحلة عُمريّة إلى مرحلة أخرى، وكذا أيضا يختلف من ثقافة إلى ثقافة ومن بيئة إلى أخرى.
وللإجابة على هذا السؤال يمكن تقسيم الرد إلى عناصر وخطوات عملية مستمدة من منهج النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الشباب، وربما يمكن الترميز له بالشاب الذي أراد الزنا -وهو رمز للسلوك الخاطئ- مع بشاعته، ومن بين الوسائل التي أنصحك بها، وأنصح بها كل سالك لهذا الطريق، ومُريد لهداية الشباب ودعوتهم وتصويب أخطائهم وسلوكياتهم، وذلك على النّحو التالي:
1. كسر الحاجز النفسي بينكما:
ويمكنك فعل ذلك من خلال الآتي:
• تقبل وجود الخطأ بلا إصدار أحكام قاسية. اجعل الطالب يشعر بالطمأنينة عندما يناقشك.
• اقترب منه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “ادْن مني”. فقدّم له الاحترام والتقدير لتقوية الرابط العاطفي بينكما.
2. استخدام الخطاب العقلي والعاطفي:
• قم بمناقشته بلطف دون تجريح، ويمكنك أن تسأله أسئلة مشابهة لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم: "أترضاه لأمك؟ أترضاه لأختك؟".
• اربط السلوك الخاطئ بتأثيره السلبي على الآخرين وحياته الشخصية؛ ما يجعله يرى أبعاد الخطأ بوضوح.
3. اللمسة الحانية:
• إذا كان الوضع مناسبًا، استخدم لغة الجسد الإيجابية مثل (الربت على كتفه)؛ لإظهار التعاطف والاهتمام.
• واعلم بأنّ هذه اللمسات تزيد من التأثير النفسي الإيجابي وتساعده على تقبّل النصح.
4. الدعاء له بالهداية:
• اجعل الدعاء جزءًا من اللقاء، وقل له بصدق: "أنا أدعو الله أن يهديك ويجعلك من الصالحين".
• الدعاء يُظهر له أنك تريد له الخير، مما يعزّز الثقة بينكما.
واسمح لي أن أقدم لك بعض من الخطوات العملية الإضافية، على النحو التالي:
• قدم له بديلاً إيجابيًّا: حاول أن تجد نشاطًا أو هدفًا يشغل وقته ويصرفه عن المعصية.
• تابعه باستمرار دون إشعار له بأنك تتدخل في خصوصياته: ولا تكتفِ بالنصيحة اللفظية وحدها؛ بل حافظ على علاقتك معه واستمر في نصحه بأسلوب لطيف.
• أشرِكْه في أنشطة اجتماعية: ساعده على بناء شبكة إيجابية من الأصدقاء الذين يشجعونه على الخير.
• اجعل القدوة حاضرة: استشهد بقصص من القرآن والسنة عن العفاف والحياء وأثرهما في بناء الإنسان.
كما يلزمك مراعاة الأمور الخاصة به، من خلال:
• فهم الظروف المحيطة التي قد تدفعه لهذا السلوك (الأسرة، الأصدقاء، الضغوط).
• ولا تظهر اليأس أو الغضب إذا استمر في السلوك، بل تحلَّ بالصبر وذكِّره بالخير دائمًا، وعِش بهذه الحكمة: (لا تستبعد هداية أحد).
وأخيرا أخي الكريم، فإنّ منهج النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع المخطئين هو مدرسة متكاملة في التوجيه والإصلاح، ويجب الاقتداء بها مع إدراك أهمية الحكمة والتدرج في النصيحة، وأسأل الله تعالى أن يعينك على ما تبغيه من هداية الناس حولك، وأن يرزقك الإخلاص والنية الصالحة، وأن يجعلك سببًا لهداية الخلق ودلالتهم على الخالق.