الإستشارة - المستشار : أ. فتحي عبد الستار
- القسم : إيمانية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
82 - رقم الاستشارة : 1217
07/03/2025
أنا شابة في 26 من عمري، عندي مشكلة قد توقف حياتي أو تفتحها، أنا للأسف أخطأت مرة في حق نفسي وفي حق ديني، فقد فقدت أعز ما أملك، وقد تبت إلى الله سبحانه وتعالى. لكنني فتاة جميلة، وكل من يتعامل معي يود الارتباط بي. وأريد أن أبدأ حياة جديدة شريفة؟
أسألكم الدعاء لي بالزواج؛ لأني أشعر أن الزواج سيصلح من شأني بعد ندمي واستقامتي وتوبتي.. أرجو منكم الرد سريعًا، جزاكم الله خيرًا، علما أن الله يقبل التوبة، وأنا.
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
أختي الكريمة، مرحبًا بك، وأسأل الله عز وجل أن يغفر لك زلتك، وأن يعفو عنك، ويجعل توبتك نصوحًا خالصة لوجهه، ومقبولة عنده سبحانه.
اعلمي أختي أن ما وقعت فيه من ذنب هو من الكبائر التي نهى الله عز وجل عن مجرد الاقتراب منها، حيث قال: (ولا تَقْرَبُوا الزِّنَى إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء: 32]، وعظَّم سبحانه وتعالى إثم وعقوبة من يقترفها في الدنيا والآخرة، حيث جعل فيها حدًّا واجب التنفيذ في الدنيا إذا قامت شروطه، وحذَّر الواقعين فيها والمقيمين عليها من الخزي في الدنيا والآخرة.
ولكن هذا لا يعني إغلاق باب التوبة في وجه من وقع في هذا الذنب العظيم؛ فباب التوبة والإنابة مفتوح للجميع (بفضل الله وبرحمته) حتى تشرق الشمس من مغربها، وحتى تبلغ الروح الحلقوم.
وأرجو أن يكون إحساسك هذا بالذنب صادقًا، وأن تكون توبتك نصوحًا، وأن تكون نفسك ملؤها الندم والحسرة على ما فرطت في جنب الله عز وجل، وفي حق نفسك، وفي حق أهلك، متأسية بتلك المرأة التي زنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فندمت ندمًا شديدًا، وتابت توبة وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها لو قُسِّمت على أهل المدينة لوسعتهم.
فإن كنت مثلها، غير مستهينة بذنبك، وتتوق نفسك للخلاص من هذا الإثم وتكفيره، فأبشري إن شاء الله بقبول الله لك وغفران ذنبك.
أما عما ينبغي عليك فعله من أمور عملية، فأنصحك بالآتي:
- أكثري من الاستغفار والدعاء لله عز وجل، وابكي بين يديه كثيرًا كثيرًا مبديةً الندم على ما فعلت، عسى الدموع أن تغسل قلبك وتنيره.
- حافظي على فرائض الله عز وجل، وأكثري من نوافل العبادات، من صلاة وصيام وصدقة، فإنها من المكفرات.
- احمدي الله عز وجل أن وفقك للتوبة، ويسر لك سبيلها، واسأليه صدقها وقبولها ودوامها.
- احمدي ربك على نعمة الجمال التي وهبك إياها، واعملي على صيانتها بأداء حق الله عز وجل فيها، بالشكر والستر والصيانة، وحفظها لصاحب حق الاستمتاع بها، زوج المستقبل إن شاء الله.
- يجب أن تعرفي وتدركي الأسباب التي أدت بك إلى الوقوع في هذا الذنب العظيم، فتهجريها فورًا دون تأجيل أو تسويف أو مماطلة، مهما كانت التبعات الدنيوية، فنار الدنيا أهون من نار الآخرة كثيرًا، وهجر أسباب المعصية ودواعيها من شروط قبول التوبة.
- حاولي أن تلزمي صحبة صالحة من التقيات العفيفات، تعينك على أمر دينك، وتيسر لك طريق الالتزام بأوامر الله عز وجل، وفي المقابل اهجري صحبة السوء الذين يزينون المعاصي وييسرون سبيلها من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، قال تعالى: (واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ والْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وجْهَهُ ولا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ولا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا واتَّبَعَ هَوَاهُ وكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف: 28].
وختامًا، أسأل الله العظيم أن يتمَّ عليك نعمة التوبة، وأن يطهِّر قلبك، ويشرح صدرك، ويرزقك الثبات على الحق والاستقامة على طريقه. وأسأله سبحانه أن يرزقك الزوج الصالح الذي يعينك على دينك ودنياك، ويكون لك سترًا وسكنًا، وتكوني له نعم الزوجة الصالحة، وأن تجتمعا على طاعة الله، وتبدآ حياة جديدة مليئة بالخير والبركة.
وأبشري برحمة الله، فإن عفوه واسع، وفضله عظيم، وهو القائل: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان: 70].
جعلك الله من التائبين الصادقين، ورزقك السعادة في الدارين، اللهم آمين، وتابعينا بأخبارك.