الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
296 - رقم الاستشارة : 785
23/01/2025
أنا يا سيدتي شاب في منتصف العشرينيات.. أصر والدي على تزويجي من ابنة عمي بمجرد حصولي على درجة الليسانس لأني مسافر إلى بعثة وهو يخشى علي من الفتن في هذه البلاد وفي البداية أنا كنت سعيد جدا بهذا الزواج فابنة عمي التي كانت وقتها قد حصلت للتو على البكالورويا باهرة الجمال حتى أنها تشبه نجمات السينما وتزوجنا وسافرت معي وبعد فترة ليست بالطويلة بدأت أشعر بالفتور تجاهها فهي لا تجيد أي شيء في الحياة سوى أمور المنزل والزينة ولا يمكنني أن أفتح معها أي حوار في قضية عامة عكس زميلاتي المبتعثات واللاتي على قدر كبير من الثقافة واللباقة حتى أنني أشفق على أطفالي في المستقبل أن تربيهم أم جاهلة.. مما زاد المشاكل والجفوة بيننا غيرتها الشديدة عندما أتحدث مع أحد زميلاتي هاتفيا في شأن علمي.. حتى أنها خطفت الهاتف من يدي و انهالت على أحد زميلاتي المحترمات جدا بالسباب واتهمتها بالوقاحة وقلة الأدب فماذا أفعل معها؟
ابني الغالي، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على صفحة استشارات المجتمع.. هل سمعت يا عزيزي عن متلازمة المربع المفقود وهو مصطلح أطلقه المحلل السياسي الأمريكي دنيس براغر، وتقول النظرية إنه لو كان هناك سقف مستعار في غرفة ما يتألف من 100 مربع وكان هناك مربع ناقص من بين هذه المربعات فإنه سيلفت انتباه الناس ويشغل أنظارهم عن المربعات الـ99 الموجودة.. فلو تصورت أنك كإنسان لديك في حياتك 100 هدف وحققت منهم 99، وهذا يعني أنك أكثر من ممتاز فأنت تكاد تقترب من الكمال، ومن المفترض أن يورثك هذا السعادة وراحة البال، إلا أن الهدف الناقص أو المربع المفقود قد ينغص عليك حياتك ويمنعك من شكر الكثير من النعم التي تعيشها، هل تفهمني؟!
لك عائلة محبة تخشى عليك من الفتن وتساعدك للسفر وتحقيق أحلامك، ولديك زوجة باهرة الجمال كانت تبدو كحلم لك في يوم من الأيام، وهي زوجة ماهرة تدير شئون أسرتك على رغم صغر سنها وهي ابنة عمك قبل أي شيء ماذا ينقصها؟ إنها ليست على مستواك الثقافي وليست على مستوى زميلاتك ولا تستطيع الحديث معها في القضايا العامة.. لكنها ليست جاهلة كما وصفتها بني.. كل ما هنالك أن الفتاة لم تكمل تعليمها لأجلك فأين مسئوليتك أنت كرجل مثقف تجاهها...
لماذا تريد كل شيء أن يأتيك جاهزًا على طبق من ذهب دون بذل أي مجهود؟! تريد زوجة مثقفة وصديقة تتبادل معها أطراف الحديث، ابذل جهدًا في تطويرها هكذا ببساطة.. اقض معها الوقت الكافي لتشرح لها وتحاورها وتناقشها دون أن تشعرها إنها تلميذة صغيرة في المدرسة، وليس عليك بالتأكيد أن تجعلها متخصصة مثلك ولكن يكون لديها الحد الأدنى المعرفي.. سأسألك سؤالاً اجعله كاختبار لك: هل تساعدها في استكمال تعليمها العالي؟ هل تشاركها مسئولية البيت والأطفال وتمنحها الوقت الكافي للتعلم؟
ربما تقول إنك مضغوط في الوقت وظروفك لا تسمح لك بمثل هذا الدعم، وهي لم تطلب أصلاً هذا الطلب.. لكن ألا تعتقد أن هذا بمثابة استغلال لها أو فلنقل بمثابة إساءة لسلطاتك عليها، فبعد كل الخدمات التي تقدمها لك بطيب خاطر بدلاً من أن تمتن لها تنظر لها بعين النقص عين المربع المفقود ولا ترغب أن تساعدها على النضج والاكتمال.. رغم أني على يقين أن هناك من هو مبتعث هو وزوجته ويتقاسمان كل الأمور معًا.
ابني الكريم، أريدك أن تكون متسقًا مع نفسك، فإذا كانت ثقافة الزوجة مسألة ملحة فعليك أن تبذل الثمن المناسب من وقتك وجهدك حتى تساعدها للوصول، وحتى يحدث ذلك فلا يليق بك مقارنتها بزميلاتك فهن أكبر عمرًا وأكثر تفرغًا، وعليك أن تتحمل مسئولية قرار زواجك (حتى لو كان من اختيار والدك فأنت رجل راشد وقد وافقت بل في الحقيقة وافقت جدًّا).
كما أن مسألة المقارنة بالتأكيد وصلت لشعورها ولمستها، وهذا ما أثار غيرتها الشديدة عليك.. أنا متفقة معك أنها سلكت سلوكًا سيئًا مع زميلتك، لكن من الذي أوصلها لهذه النقطة من الغيرة والانفعال أليس أنت؟
أرجو أن تراعي مشاعرها فتقلل من الحديث مع الزميلات بحيث يكون الحديث على قدر الحاجة والضرورة بعيدًا عن أي أمور شخصية.
وأخيرًا، امتن لما حصلت عليه من الحياة.. امتن لوالدك.. امتن لزوجتك.. احمد الله من قلبك على ما معك من نعم.. ابذل جهدًا وتحمل مسئوليتك جيدًا في هذه المعادلة، والله معك، وتابعنا بأخبارك.