23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 11/01/2025

أنا فتاة جامعية مهتمة بالدعوة بين الفتيات في الجامعة، وأحاول نشر القيم الإسلامية وتعزيز التزامهن بالدين، لكنني أواجه صعوبة في التأثير عليهن، خاصة في ظل انتشار بعض الأفكار المغلوطة وقلة اهتمام بعض الفتيات بالدين. كيف يمكنني أن أكون داعية ناجحة في هذا الوسط الجامعي، وما الأساليب العملية التي أستخدمها لجعل الدعوة مقبولة ومؤثرة؟

الإجابة 11/01/2025

الأخت الكريمة:

سلام الله عليكِ ورحمته وبركاته، في البداية: أسأل الله -تعالى- أن يوفقكِ ويجعل دعوتكِ سببًا في هداية الفتيات ونشر الخير. واعلمي -أيتها الداعية الكريمة- بأن الدعوة إلى الله في بيئة الجامعة تتطلب فطنة ومرونة ووعيًا بطبيعة الفتيات وقضاياهنّ واهتماماتهنّ، لذا سأقدم لكِ مجموعة من العناصر العملية التي تساعدك في التأثير الإيجابي وتطوير أسلوبك الدعوي، وفقًا لما يأتي:

أولًا: ابدئي ببناء علاقات إيجابية قائمة على الاحترام والصداقة

الدعوة لا تبدأ بالكلام المباشر عن الدين؛ بل ببناء علاقات قوية مع الفتيات قائمة على الاحترام والتفاهم، فإذا وجدتِ فتاة غير ملتزمة، فلا تبدئي بدعوتها مباشرة للقيمة الدعوية التي تريدين دعوتها إليها، بل ابدئي بالتعرف عليها، والاهتمام بشؤونها الدراسية والشخصية، دون الاقتحام اللافِت أو المُخيف، كما تفعل بعض الفتيات في المجتمع الطلابي. ولمساعدتك في هذا الجانب، قومي بالآتي:

    • قدِّمي لها المساعدة في الدراسة.
    • شاركيها أنشطتها الجامعية.
    • أظهري اهتمامك بها كشخص قبل أن تهتمي بتغييرها.
    • وتذكَّري أن القلوب تُفتح بالمودة قبل الكلمات.

ثانيًا: رَكِّزي على القيم والقواسم المشتركة بدلًا من الدخول في الخلافات

الجامعة بيئة متنوعة، وستجدين فتيات من خلفيات مختلفة ومستويات دينية متفاوتة. من المهم أن تركزي على القيم التي يتفق عليها الجميع، مثل: الصدق، الاحترام، الإحسان، حب الخير للآخرين، ومثال ذلك: بدلاً من إلقاء محاضرة عن الحجاب، تحدثي عن أهمية احترام الذات والمحافظة على القيم الأخلاقية، والدعوة المؤثّرة والأنفع هي تلك التي تركز على القواسم المشتركة قبل الأمور الخلافية.

ثالثًا: كوني قدوة في السلوك والأخلاق قبل الكلمات

لن تستمع الفتيات إلى النصيحة إذا لم تكن الداعية قدوة في تصرفاتها وأخلاقها، ولعلي أذكر أن التفوق الدراسي باب من أبواب القدوة والنمذجة، فكوني متفوقة في دراستك، وملتزمة بمواعيدك، ومحترمة في تعاملاتك مع الجميع، وحافظي على الابتسامة واللطف، وابتعدي عن الانتقاد أو التعالي، وإذا رأيت فتاة غاضبة أو محبطة بسبب ضغط الامتحانات: قدّمي لها كلمات دعم وطمأنة، وادعي لها بالتوفيق، بدلاً من التركيز على أخطائها، والقدوة بالأخلاق العالية تفتح القلوب أكثر من الكلمات.

رابعًا: استخدمي وسائل دعوية مبتكرة وجذابة

الفتيات في الجامعة يفضلن الأساليب العصرية والإبداعية، لذلك اجعلي دعوتك متنوعة وغير تقليدية، كلقاءات نقاشية حول قضايا تهم الفتيات مثل السعادة، الثقة بالنفس، إدارة الوقت، أو توظيف رعاية الشباب بالكلية للقيام بورش عمل حول "كيف تكونين أفضل نسخة من نفسك" مع ربطها بالقيم الإسلامية، ما أمكن إلى ذلك سبيلا، ويمكن من خلال المؤسسة التعليمية كفكرة طلابية، تنظيم حملة بعنوان: "أنتِ أغلى مما تظنين"، تتحدث عن قيمة الفتاة في الإسلام وكيف يمكنها بناء نفسها لتكون متميزة في الدنيا والآخرة، واعملي يقينًا بأنّ الدعوة المبتكرة تجذب الفتيات وتبقى في أذهانهن.

خامسًا: اهتمِّي بالقضايا التي تهم الفتيات شخصيًا

الفتيات في الجامعة يواجهن مشكلات نفسية واجتماعية كثيرة، مثل: (القلق من المستقبل، العلاقات الاجتماعية، ضغوط الدراسة، البحث عن السعادة...) وأنصحك بالعودة إلى الاستشارات المنشورة عبر (بوابة الاستشارات) على موقع المجلة هنَا، في نفس القضايا السابق ذِكْرها، واربطي الدعوة بهذه القضايا، وأظهري لهنَّ كيف يمكن للإسلام أن يكون مصدرًا لحل مشكلاتهنّ، فعندما تشعر الفتاة بأن الدين يقدم لها حلولًا عملية، ستقتنع وتلتزم.

سادسًا: استمري في تطوير نفسك كداعية

  • احرصي على قراءة كتب في فنون التواصل والإقناع، وشاركي في دورات تدريبية حول مهارات الحوار والتأثير، واستمعي إلى تجارب دعاة آخرين واطلعي على أساليبهم الدعوية؛ فالداعية الناجحة هي من تطور نفسها باستمرار لتواكب احتياجات الناس.

وختامًا:

فإنّ الدعوة في بيئة الجامعة تتطلب الحكمة والصبر، فلا تستعجلي النتائج. ابذري البذور بالحب واللطف، ودعي ثمارها تنمو بمرور الوقت. تذكري قول الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (النحل: 125)، وأسأل الله تعالى أن يوفقك في دعوتك، ويجعلكِ سببًا في هداية الكثيرات من زميلاتك...