Consultation Image

الإستشارة 17/04/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إلى مشايخنا الكرام، أهل الفقه والعلم، سائلةً الله أن يجزيكم خير الجزاء، ويبارك في علمكم، وينفع بكم المسلمين. أنا امرأة متزوجة، مررت بتجربة زواج أولى أنجبتُ فيها خمسة أولاد – جميعهم بولادات قيصرية جراحية – ثم انفصلت عن زوجي الأول بعد سنوات من الصبر والمشقة، وبعد ذلك تزوجت مرة أخرى، ورُزقت من زوجي الحالي بولد واحد، وحملي الحالي هو من هذا الزوج الثاني. حاليًا، أنا في الأسبوع الثالث من الحمل (أي في بداية الحمل، ولم تُنفخ فيه الروح بعد)، وقد قررت الانفصال عن زوجي بسبب مشاكل وخلافات كثيرة، وأنا أعيش الآن وحدي، بعيدة عنه.

ظروفي الجسدية لا تحتمل هذا الحمل الجديد، حيث إن تكرار الولادات القيصرية – خمس مرات في السابق – جعل الرحم ضعيفًا جدًا، وقد حذّرتني الطبيبة من أن استمرار الحمل الحالي قد يؤدي إلى خطر نسبي يتمثل في احتمال استئصال الرحم تمامًا في حال حدوث مضاعفات أثناء الولادة، بالإضافة إلى التعب العام والإرهاق الذي أعانيه، ما يجعل هذا الحمل عبئًا جسديًا كبيرًا.

فضلًا عن ذلك، فإن ظروفي النفسية والمالية صعبة جدًا، ولا أستطيع تحمل أعباء تربية طفل جديد وحدي، ولا أملك ما أنفق عليه، ولا من يعينني على رعايته. وقد أخبرت زوجي بالحمل، فقال إنه يريد هذا الطفل وسيقوم بتربيته، لكنني لا أستطيع أن أُكمل الحمل، ولا أتحمل فكرة الإنجاب في هذه الظروف.

لهذا، أتوجه إليكم – مشايخنا وأهل الفقه والعلم – بسؤالي هذا، راجية منكم الفتوى الشرعية الواضحة: هل يجوز لي شرعًا أن أُجهض هذا الجنين في هذه المرحلة المبكرة (الأسبوع الثالث)، بناءً على وضعي الصحي الذي قد يؤدي لاستئصال الرحم، وحالتي النفسية والمالية الصعبة؟ وهل أُؤثم على ذلك، رغم أن الحمل ما زال في بدايته ولم تُنفخ فيه الروح؟

أسأل الله أن يشرح صدري لما فيه رضاه، وأن يجعل فتواكم لي دليلًا على الخير، وأن لا أكون ممن يتجاوزون حدود الله، أو يستهينون بأمانة الحياة. ابنتكم السائلة… المؤمنة التي تبحث عن حكم الله في لحظة حيرة وضعف، وترجو منكم النصح والفتوى الشرعية.

الإجابة 17/04/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فإجهاض الجنين في الأربعين يومًا الأولى محل خلاف بين الفقهاء، وما نرجحه هو عدم الجواز، لكن يجوز لك الأخذ برأي من أجاز، إلا إذا تأكدت  من الطبيب أو الطبيبة الثقة أن هناك خطرًا على حياتك؛ ففي هذه الحالة يترجح لديك الأخذ برأي من أفتى بالجواز.

 

وعليك أن تتريثي في مسألة الطلاق وتحاولي حل المشكلات التي تؤدي إليه، فإن عجزتما عن ذلك فليتدخل بينكما الصالحون من أهلك وأهله.

 

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي –رحمه الله- في فتوى مطولة (بحث صغير) أنقل لك جزءًا منها:

 

أجمع فقهاء المسلمين على حرمة إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه، لم يخالف في ذلك أحد من السلف أو الخلف.

 

أما مرحلة ما قبل نفخ الروح، فمن الفقهاء من أجاز الإجهاض حينئذ إذا دعت إليه حاجة، على اعتبار أن الحياة لم تدب فيه بعد، فهو في نظرهم مجرد سائل، أو علقة من دم، أو مضغة من لحم!

 

ويقول بعض إخواننا من علماء الطب والتشريح تعليقًا على أقوال من أجازوا من الفقهاء إسقاط الجنين قبل نفخ الروح: إن هذا الحكم من هؤلاء العلماء الأجلاء مبني على معارف زمنهم.

 

ولو عرف هؤلاء ما عرفنا من حقائق علم الأجنة اليوم عن هذا الكائن الحي المتميز، الذي يحمل خصائص أبويه وأسرته وفصيلته ونوعه، لغيّروا حكمهم وفتواهم، تبعًا لتغير العلة، فإن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.

 

ومن لطف الله بعباده أن علماء الأجنة والتشريح أنفسهم اختلفوا كما اختلف الفقهاء في تقييم حياة الجنين في مراحله الأولى: قبل الـ 42 يومًا وقبل الـ 120 يومًا.

 

وكان اختلافهم هذا مؤيدًا قويًّا لاختلاف الفقهاء في جنين ما قبل الأربعين وما قبل الأربعينات الثلاثة.

 

ولعل هذا من رحمة الله بالناس ليظل للأعذار والضرورات الحقيقية موضعها....

 

والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :