22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 07/01/2025

تزوجت منذ عشر سنوات تقريبا عن قصة حب وكنت لا زلت طالبة في الجامعة والآن لدي ولد وبنت.. كان زواجي في بيت "العيلة" حيث تقيم معنا أسرة أخو زوجي ووالدته لكن بعد فترة انتقلت عائلة أخو زوجي لمسكن آخر فيما بقيت والدة زوجي تقيم معنا.. وقد أكرمني الله أنه تم تعييني في وظيفة حكومية بعد مدة قصيرة من تخرجي وكانت حياتنا تسير بلا مشكلات كبيرة إذ كان يتحصل زوجي على راتبي بعد اتفاق بيننا ويعطيني ما أحتاجه من مصروفات شخصية خاصة أنه هو من أنفق على تكملة تعليمي العالي لكن وبعد عدة سنوات بدأت تتفجر بيننا المشكلات لأسباب عديدة كان على رأسها أني بدأت أستقطع مبلغا من راتبي ذلك أن أخي تعرض لمشكلة قانونية تعرض بسببها للسجن وبما أنني أكبر أخواتي فيما أبي مريض وغير قادر على الحركة ولا يمتلك المال الكافي لتوكيل محامي للدفاع عن أخي اضطررت للقيام بمتابعة مشكلة أخي علما أنني أنفق باقي راتبي على البيت والأولاد وعلى الرغم من ذلك فإن زوجي مستاء بشدة وأصبح كثير التذمر .. مرة يقول لي أنت لا تعدين لي الإفطار علما بأنه يكون نائم أثناء مغادرتي لعملي ومرة أخرى يشكو أنني أكون نائمة عندما يعود من عمله المتأخر تبع ذلك أن بدأت حماتي (التي تجاوزت السبعين) تعاملني معاملة سيئة للغاية ولم يعد يرضيها مني شيء بل إنها أمعنت في تصيد الأخطاء صغيرها وكبيرها المقصود منها وغير المقصود علما إنني الوحيدة التي أقوم بخدمتها رغم أن لديها بنات قريبات في السكن ولا يعملن ولديها زوجات أبناء آخرين أما زوجي فهو لا يقوم بخدمتها مطلقا وهو ما جعل حياتي جحيما لا يطاق حتى وصلت الأمور إلى حد أن طردني زوجي مرارا من البيت رغم أنه تحصل على راتبي لسنوات ومع كل مرة يوسط بعض الأقارب لإعادتي للمنزل يعد بان يحسن معاملتي لكنه لا يفعل ويعود لنفس السلوك .. فماذا أفعل بالله عليكم. رحمة.. مصر

الإجابة 07/01/2025

عزيزتي رحمة.. أهلاً وسهلاً بك على صفحة استشارات المجتمع.. لمست من خلال رسالتك مدى حرصك على إرضاء كل من حولك أسرتك وأخيك وزوجك ووالدة زوجك، ولمست حرصك على أن تستعيدي حياتك الزوجية الهانئة التي استمعت بها لسنوات قبل أن تحدث المشكلة الأخيرة وأنت قادرة على ذلك بحول الله وقوته فقط نريد تحليل رسالتك بشكل عقلاني.

 

تقولين إن زوجك أنفق عليك لاستكمال دراستك عددًا من السنوات، إذن هو ليس بالرجل البخيل وليس بالرجل الأناني وعنده من المرونة ما يسمح له باستكمال تعليمك بل وسمح لك بالعمل عن طيب نفس.. اتفقتم بعد ذلك أن تمنحيه راتبك كاملا مقابل أن تحصلي على مصروفاتك الشخصية وهو أمر يحسب لك ولا شك خاصة في ظل الظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها معظم الأسر.. هو أيضا قدّر لك ذلك وخفف من كثير من الأعباء والمسئوليات التقليدية الواجبة عليك كتجهيز الإفطار له أو انتظاره حين عودته ونحو ذلك من أمور يمكن لك أن تتذكري الكثير منها إذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم الذي يصور لك الآن كل أخطائه مجسمة بصورة ثلاثية الأبعاد.

 

من حقك بل من واجبك أن تقفي مع أسرتك ومع أخيك في محنته؛ فصلة الرحم محور وركيزة كبيرة من ركائز ديننا ولا يمكن لأحد أن يلومك على ذلك، ولكني أتساءل عن الطريقة أو الآلية التي قمت بها بذلك.. كيف أخبرته بقرارك.. هل ناقشته فيه سواء من حيث المبدأ أو التفاصيل المادية هل ناقشت معه وضع ميزانية أسرتكم بعد استقطاع راتبك أو جزء كبير منه...

 

قد تقولين لي إنه مالك الخاص وذمتك المالية التي منحها لك دينك وليس من حق زوجك أن يناقشك فيها، أقول لك ذلك صحيح ولكنْ بينكم اتفاق على أن تتشاركا معًا في المسئولية المالية لأسرتكم الصغيرة وهو أمر لا يقلل منه بالمناسبة، وكان النبي ﷺ يمتدح السيدة خديجة رضي الله عنها أنها واسته بمالها.. لكن أسلوب زوجك في الرفض والاستياء والوقوف على الهفوات هو خطأ بالتأكيد.

 

أما طرده لك من بيت الزوجية فهو ذنب كبير﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ﴾ (الطلاق: 1)، وهو أمر لا بد أن يكون لك ولأسرتك منه موقف جدي.. مع مراعاة أنه يحبك وحريص على استعادتك فهو يقوم بتوسيط الأقارب حتى تعودي للبيت مع تقديم الوعود بعدم تكرار الأمر لكنه يتكرر فلماذا يحدث ذلك؟ دعينا نناقش هذه النقطة بشكل أكثر صراحة

 

هناك جراح ملوثة في علاقتكم تنفجر أثناء الشجار الذي قد يصل للطرد ويتم غلقها بالاعتذار والتوسط من الأقارب ولكن دون تطهير وتعقيم؛ فأنتم لم تتحدثوا بشكل صريح في الأسباب الحقيقية لكل ما يحدث، سواء كان ذلك المشكلات المادية التي ترتبت عن حجب راتبك أو الآلية التي اتخذت بها القرار دون شورى كافية أو حتى تفاصيل علاقتكم الزوجية التي ألمح أن فيها عطبًا ما، فمعنى أن يعود من عمله المسائي فيجدك نائمة لأنك مرهقة من العمل أو بسبب استيقاظك المبكر يعني أن هناك سوء إدارة لحياتكم الخاصة، فبإمكانك مثلا أن تحصلي على قيلولة كافية عند عودتك من العمل حتى يتاح لك الوقت والطاقة لاستقباله مساء عند عودته من عمله.

 

لدي مقترح لك يمكنك تجربته وأنتظر منك أن توافيني بمدى جدواه.. ما رأيك أن تتبعي إستراتيجية العودة خطوة واحدة للوراء؟ أعني بعد أن تبذلي جهدك في استعادة أجواء حياتك الزوجية الدافئة أن تفتحي معه الحوار مرة أخرى وتعودي لمنحه جزءًا ولو صغيرًا من راتبك كمشاركة منك في مصروفات المعيشة خاصة لو كانت حاجة أخيك للمساعدة قد قلت بعض الشيء.. حتى دون أن تستقطعي أي جزء من أسرتك يمكنك أن تمنحيه ما تنفقينه بالفعل في البيت كمشاركة ثم تعودي وتأخذيه منه مع ما ينفقه بالفعل كمصروفات للبيت والأولاد، والهدف من ذلك أن يشعر أنك عدت لمشاركته سواء في الإنفاق أو في قائمة المصروفات...

 

أعلم أنك لست مسئولة عن الإنفاق وأن أولى وأهم واجبات الرجل الإنفاق على البيت، ولكن تعلمين أن ذلك بقدر طاقته واستطاعته فأنت ستعتبرين ما تنفقين بمثابة المعنى الواسع للصلح ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ (النساء: 28). واحتسبي ما تنفقينه صدقة تكون بين دعائك لصلاح الحال وتأليف القلوب.

 

- وبمناسبة الصدقات فإن ما تقومين به من خدمة لوالدة زوجك وهي السيدة المسنة التي تجاوزت السبعين من العمر هو من أفضل الصدقات إذا أخلصت النية، وإنما الأعمال بالنيات كما تعرفين؛ فأنت إن نظرت لمعاونتها على أن ذلك باب بر وصدقة فسيختلف منظورك تمامًا عن كونه واجبًا عائليًّا ثقيلاً لا يشاركك فيه أحد وعلى الرغم من ذلك يمكنك تشجيع أبنائك على مساعدتك في تقديم الخدمات لها...

 

يمكنك أيضا بشكل لطيف ودون توجيه خطاب إرشادي لزوجك أن تقضوا معها بعض الوقت معًا وأن تشجعيه على خدمته لها حتى يفتح الله عليه أبواب الخير؛ فما جزاء الإحسان إلا الإحسان. أما عن بناتها وأبنائها وزوجات أبنائها الآخرين فلا تشغلي بالك بما يقدمون؛ فكل إنسان يحاسب فردًا والله سبحانه وتعالى يجازي على ذرة الخير والشر...

 

فقط تذكري أنك تقومين بعمل لله أي لا بد أن يكون طيبًا فلا جدوى من خدمات في صمت وهناك تقطيبات على الوجه.. كوني رقيقة معها مبتسمة لبقة الحديث.. حاولي الاستماع إليها فالإنسان في هذه السن يتلهف لمن يستمع إليه ويرى في ذلك أكبر الخدمات التي قد تقدم له...

 

ألفي قلبها بهدية بسيطة ولو طبقًا من الحلوى من صنع يديك.. أعلم أنك مشغولة مضغوطة ما بين عملك وزوجك وأبنائك ووالديك وأخيك، ولكن لا تخجلي أبدًا من منح القليل والله سبحانه وتعالى من يباركه، وتذكري أم المؤمنين عائشة لم تخجل من إعطاء السائلة تمرة واحدة كانت بحوزتها، وثقي تمامًا إذا كانت نيتك طيبة صافية فإن مشاعرك ستصل للطرف الثاني سواء كان زوجك أو والدته بسهولة ويسر.

 

وأخيرا احذري من شياطين الإنس من النسويات خرابات البيوت اللاتي يمتلكن جمهورًا كبيرًا من النساء يرددن ما ينعقن به من أفكار مغلوطة تصب كلها في الفردانية المقيتة؛ فكلمات مثل "أنت أولا" و"انسحبي من العلاقات المؤذية" ونحو ذلك من كلمات أصبحت تتردد كثيرًا وتصب كلها في خراب البيوت والعلاقات ستسمعينها كثيرًا من النساء من حولك سواء في محيط العمل وغيره مع التقليل والتحقير من مفاهيم الصبر والتضحية والبذل؛ فاحذري واعتبري نفسك في جهاد لاستعادة أسرتك وحياتك وسعادتك..

 

أنتظر منك رسالة أخرى تتابعيني فيها بما قمت به من خطوات ورد الفعل الذي تلقيته على ذلك.