23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 12/01/2025

أنا أخت من الجزائر أردت أن أحكي لك قصتي وأرجو منك بعض النصائح التي تعينني بوركت وجعل الله ذلك في ميزان حسناتك..أنا فتاة أبلغ من العمر 24سنة عندما كنت في عمر19 توفيت أختي بمرض السرطان وبعد عامين تقدم لخطبتي زوج أختي كانت كل أسرتي موافقة ومشجعة للموضوع لم يكن الأمر سهلا بنسبة لي دخلت دوامة التفكير وبعد إقناع من عائلتي قبلت كان لأختي 3أطفال كانت بداية تجربتي صعبة جدا فبعد أن كنت مدللة أهلي وآخر العنقود وجدت نفسي أم لثلاثة أطفال ومسئولة عن أسرة ولم أتجاوز العشرين فعلت كل ما باستطاعتي لإسعاد أبناء أختي وجعلهم ثمرة طيبة لبذرة طيبة...بعد سنة ونصف زواج رزقت بطفلي محمد الذي يبلغ الآن 3سنوات.. مرت4سنوات ونصف على زواجي أنا أحب زوجي وهو يحبني بشدة لكن وعلى الرغم من ذلك فوجئت بزوجي الذي ألح أن أكون زوجة له وأم لأطفاله والذي حاول بكل الطرق أن أقبل به كزوج وبسط لي كل المسئوليات أنه إنسان مهمل حملني كل مسئوليات البيت والأولاد ودراستهم وتربيتهم وحدي والمشكل أني أبذل كل جهدي لأرضي الله ثم لأكون ربت بيت ناجحة والحمد لله البنت الكبرى في الثانوي والآخران في المتوسط ولكن بعد كل تعب وجهد يفاجئني بقوله أنت فاشلة ماذا تفعلين طول اليوم.. لا تفعلين أي شئ و و و و والمشكلة أني تعبت جدا ونفسيتي تعبت جدا وهو لا يبالي أبدا وفي كل نقاش هو المحق وأنا المخطأة أرجو منك نصيحة تفيدني وبارك الله فيك

الإجابة 12/01/2025

ملخص الرد: أتقني فن التغافل فليست كل الانتقادات مقصودة.. استجيبي للنقد الذي يلامس مشكلة حقيقية.. واجهي برقة ولطف وقليل من الحزم حتى لا يتمادى في نقدك.. انتظري الجزاء من الله ولا تنتظري إشادة بجهودك.. أنت بحاجة لإدارة وقتك وحياتك بطريقة مختلفة.. بحاجة لإتقان مهارة التفويض.. بحاجة للحصول على يوم عطلة، وأخيرًا أحسني التسلل لعقله الباطن لتصحيح بعض الأفكار والسلوكيات...

الإجابة:

عزيزتي أم محمد

أشعر بكل كلماتك وبمشاعرك وأشعر بكمية الضغوط والمسئوليات الملقاة على عاتقك وأنت ترين من هم في مثل سنك ما زلن في مرحلة الخطبة والأحلام الوردية، ولقد أحسنت صنعًا بتعبيرك عما يعتمل في داخلك وإن شاء الله نصل لحل يعيد لحياتك رونقها.

ابنتي الحبيبة.. عليك ألا تنسي الغاية النبيلة التي لأجلها قبلت بهذا الزواج وبهذه المسئولية وهي أن تقومي برعاية أبناء أختك وأن تكوني أُمًا ثانية لهم فهذه المسئولية ترفعك مكانة عظيمة وكأنها لون من ألوان الجهاد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ كَهاتين"، وأشارَ بأصبُعَيْهِ يعني: السَّبَّابةَ والوسطى؛ فما بالك وهؤلاء الأيتام أبناء أختك أي صلة للرحم أيضًا.. هذه مكانة رفيعة اصطفاك الله للقيام بها، وطبيعي أن المكانة العظيمة يتبعها مسئولية عظيمة وعقبات كبيرة.. دعينا نناقش بعضًا من هذه العقبات.

النقطة الأساسية في الحياة والتي بفهمها تحل أكثر من 50% من مشكلاتها هي أن كل إنسان لديه في حياته نقاط قوة وإيجابية ونقاط ضعف، والإنسان ينبغي أن يرضى بما لديه ويتقبل ما يعاني منه ويهمشه.. أنت مثلا لديك زوجك تحبينه ويحبك.. كثيرات لا يجدن زوجًا وكثيرات تزوجن برجال بالغي السوء.. هذا يعنف ويضرب وهذا يسب ويهين وهذا بالغ البخل وهذا لا يكتفي بامرأة واحدة، وهكذا.

هل يعني هذا أننا لن نواجه النقد الذي تتعرضين له؟ لا أبدًا.. فقط ألفت انتباهك للنعم الجميلة الموجودة عندك والتي ينبغي أن تشكري الله عليها كي يحفظها لك.. لكن عادة الإنسان يبحث دائمًا عن الجزء الناقص المفتقد.

إذن نقطة البداية هي شكر النعمة وحمد الله عز وجل من قلبك.. فكثير من النعم في حياتك حتى أنك تعانين من كثرة الجهد وأنت بكامل صحتك.. أخريات يتمنين الصحة وسيبذلن كل الجهد بطيب خاطر.. فاحمدي الله من قلبك.

واحرصي على أن تقولي سبحان الله وبحمده 100 مرة قبل الشروق وقبل الغروب حتى تشعرين بالرضا ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ (طه: 130).

يلي ذلك أن تعيدي تخطيط حياتك وإدارتها وأنت مفعمة بروح الحمد، حيث يكون لك ساعة خاصة بك تذكرين الله فيها وتتأملين.. تسترخين.. تمارسين فيها هواية محببة.. تتواصلين فيه مع صديقة...

وحيث تفوضين بعض الأعمال لغيرك زوجك وأولادك (أعني أولاد أختك) حتى ابنك الصغير سيكون له دور في هذا، كل شخص في العائلة له مسئولية.. زوجك مثلا عليه التسوق فلو كنت تقومين بهذه المهمة فارفعيها عن نفسك فمهامك دون الباب.

الابنة الكبيرة في الثانوي تنظف البيت مرتين في الأسبوع وهذا لن يؤثر على مستواها الدراسي، بل أنت بهذا تقومين بتعليمها مهارة من مهارات الحياة التي ستحتاج إليها مستقبلا، أما باقي الأولاد فيرتبون غرفهم حتى ابنك محمد يرفع لعبه ويضعها في أماكنها.

تكلمي معهم جميعا برقة وببعض الحزم.. تكلمي مع زوجك على حدة ومع الابنة الكبرى على حدة وهكذا حتى لا يشعروا بالقلق من هذه التغييرات.. اشرحي لهم أنك مضغوطة وتريدين مساعدتهم حتى تستطيعي قضاء وقت ممتع بصحبتهم.

ولا تنسي أن يكون لك يوم إجازة، وألا تعملي فيه أي شيء، مثلا يوم الجمعة يكون فيه الطعام مجهزًا سابقًا أو تشترونه جاهزًا حتى لو كان بسيطًا.. بالطبع ليست إجازة من الأمومة وإنما من المسئوليات والأعباء المادية.

أيضا لو الظروف المادية مناسبة هناك بعض الأجهزة المساعدة كغسالة الأطباق ومجفف الملابس ومحضرة الطعام أنت أدرى بظروفك وبالناقص وما تحتاجينه فنحن نستفيد من التكنولوجيا.. وبمناسبة التكنولوجيا يمكنك استغلال وقت العمل المنزلي بالاستماع للقرآن الكريم أو البودكاست النافعة فتتحول المهام التقليدية لمهام غير تقليدية.

 بالنسبة للتوجيهات والنقد الشديد من زوجك فلا تأخذيها كلها على محمل الجد وأتقني فن التغافل.. مرري ما يمكن تمريره ونفذي من توجيهاته ما تستطيعين خاصة أنه أكبر منك عمرًا بعدد من السنوات ولديه من التجارب ما ليس لديك، ولكن عندما تشعرين بمزيد من الضغط والمبالغة في النقد فلا بد من الحديث الصريح المباشر، وليس ذلك من باب المن والأذى ولكن من باب وضع النقاط على الحروف فتذكرينه بما قمت به من مهام ومسئوليات جسيمة وتذكرينه بحديثه السابق معك عن دعمه وتبسيطه لحياتك، وتقولين له إنك مضغوطة وبحاجة لبعض الدعم والمساعدة وبعض الراحة وتقليل النقد والعتاب...

قومي بذلك بهدوء ودون انفعال حتى تصل الصورة له.. حوار صحي بين محبين.. فمن الوارد جدًّا أن تكون الصورة غير واضحة له فيعتبر أن أسلوبه في النقد هو المعتاد والنمطي بين الزوجين بل ربما أنه يعتبر أن صمتك لون من الإقرار بما يقول.

المهم ينبغي أن يفهم أنك لكي تقدري على الاستمرار وتحقيق أفضل النتائج فإن عليه أن يحسن من أسلوبه معك، وبالطبع عليك أن تتوقعي أنك لن تحققي ذلك من الحوار مرة واحدة.

لاحظي ابنتي الغالية أن زوجك نتيجة لما تعرض له في حياته قد يكون يعاني من القلق ويفتقد بعض الثقة، وواجبك أن تشعريه أنه مهم جدًّا بالنسبة لك وأنه لا أحد أهم لديك حتى أولادك فهو بحاجة ماسة لذلك...

أشعريه بالفخر بذاته بمعنى أن تقولي له: أنت رجل حقيقي تدرك معنى المسئولية.

أنت (..) أنت (..) امدحيه بصدق بمميزاته...

وأثناء ذلك مرري ما تريدينه، قولي له إنك واثقة فيه وعلى يقين من ثقته فيك فلا تسمح للشيطان بهز هذه الثقة، وصلي رسائل لعقله الباطن، وثقي أنه سيستجيب في النهاية لما تريدين.