الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : الشباب
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
112 - رقم الاستشارة : 2400
17/08/2025
السلام عليكم دكتورة أميمة،
أنا أم لابن وابنة، وابنتي متزوجة حديثًا من شاب محترم ويحبها ويقدّرها ويعاملها بالحسنى. المشكلة أن ابني الأكبر، وهو في نفس سنّ زوج أخته تقريبًا، لا يحبه ولا يتقبله، ودائمًا يحاول افتعال المشاكل معه ومع أخته.
أعيش في حيرة كبيرة؛ فأنا لا أريد أن أخسر ابني أو أشعره أن مكانته قلّت، وفي نفس الوقت أخاف على استقرار بيت ابنتي وعلى علاقتها بزوجها. التوتر أصبح واضحًا في الزيارات العائلية وحتى في الرسائل على «الواتساب»..
حاولت أن أتحدث مع ابني وأطلب منه الاحترام، لكنه يعود لنفس التصرفات. أشعر أنني ممزقة بين حماية ابنتي وزوجها، واحتواء ابني والحفاظ على مكانته في البيت.
سؤالي: كيف أوازن بين الطرفين؟ وكيف أضع حدودًا واضحة لزيارة زوج ابنتي وصِلة الرحم دون أن أستفز ابني؟ وكيف أتعامل مع تعليقات ابني وقت حدوثها دون أن أخسر أحدًا؟
أرجو نصيحتك د.أميمة، بحكمة عملية تحفظ المودة وتعيد الاحترام بين الجميع.
أختي الأم الكريمة والحماة الفاضلة،
أول ما أود أن أثني عليه، هو حرصك الصادق على بقاء بيت ابنتك مستقرًا، وفي الوقت ذاته على احتواء ابنك الكبير، وهذا دليل على وعيك ونضجك العاطفي.
مشكلتك واقعية وشائعة في العديد من البيوت عند دخول عضو جديد إلى الأسرة، فهي تمسّ احتياجات الانتماء والقبول Need for Belonging & Acceptance.
دعيني أوضح لك بعض النقاط المهمة:
1- فهم دوافع ابنك..
رفض ابنك لزوج أخته غالبًا ليس سببه الحقيقي شخص العريس، وإنما إحساسه بالغيرة وفقدان المكانة Sibling Rivalry / Perceived Loss of Status، حيث يشعر أن وجود الشاب الجديد قلّل من دوره أو أخذ منه بعض الاهتمام.
وإدراكك لهذه الخلفية يساعدك على التعامل معه بروية بدلاً من المواجهة المباشرة.
2- وهذا يؤهلنا للأهم، وهو كيفية احتواء ابنك..
أشعريه بقيمته داخل العائلة، من خلال إشراكه في القرارات أو طلب رأيه في شؤون الأسرة، فهذا يحقق له الإحساس بالأهمية.
ولا تجعلي المقارنة حاضرة بينه وبين زوج ابنتك؛ فالمقارنة تزيد من حدة الصراع النفسي Internal Conflict.
3- أما الأكثر الأهمية، فهو حماية بيت ابنتك..
من المهم أن توضحي لابنك –بلطف وحزم– أن حياة أخته الخاصة وخياراتها يجب أن تُحترم، وأن أي تجاوز يؤثر سلبًا على استقرار بيتها. وهذا يدخل ضمن التربية السليمة على الحدود الأسرية الصحية Healthy Family Boundaries.
4- ثم نأتي معك إلى كيفية إدارة المواقف اليومية..
عند حدوث تعليق جارح من ابنك، الأفضل أن تُوقفيه فورًا بكلمة هادئة لكن حاسمة، ثم تناقشيه لاحقًا على انفراد. فالتعنيف أو النصيحة المباشرة أمام الآخرين قد يُفهم بشكل خاطئ، والمواجهة القاسية علنًا تزيد من عناده.
5- وللتمهيد لكل ذلك، لا بد من تهيئة الأجواء العائلية..
فيمكنك ترتيب لقاءات قصيرة وغير مثقلة، وأن تكون في وجودك لتخفيف حدة التوتر، مع تشجيع مواقف التقدير المتبادل. ومع الوقت، سيعتاد ابنك على وجود «العريس» ضمن الأسرة..
6- ثم عليك دائمًا بتوجيه ابنك وتوصيته دون ملل وبمنتهر الرفق والاحتواء..
ذكّريه بقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وأن إكرام زوج أخته هو في الحقيقة إكرام لها وصيانة لمودتها. وذكّريه كذلك بحديث النبي ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». غرس هذه القيم يُعينه على ضبط مشاعره..
ولا تنسي أن تشجعيه على الزواج هو الآخر والسعي الجاد لذلك.
وتذكري أختي الحبيبة: أن دورك كأم، أن تكوني جسر المحبة، لا ساحة صراع. وازني بين اللين والحزم، بحيث يشعر كل طرف أنك عادلة لا تنحازين على حساب الآخر.
* وهمسة أخيرة للأم الحائرة:
افهمي مشاعر ابنك، عزّزي مكانته، ضعي حدودًا واضحة، وادعمي استقرار ابنتك، مع استحضار المعاني الإيمانية.
واعلمي أن الوقت والصبر سيذيبان الكثير من التوتر؛ فالقلوب بيد الله تعالى يقلبها حيث يشاء.