هل أصارح زميلتي بتعلقي بها؟!!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : الشباب
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 154
  • رقم الاستشارة : 2188
24/07/2025

السلام عليكم دكتورة،

أنا متابع هذه البوابة الجميلة وده شجعني أني أبوح بمشاعري وأسأل أتصرف إزاي؟

أنا شاب عندي ٢٠ سنة، في سنة تانية جامعة، وعندي مشكلة تعبتني جدًا ومش قادر أتكلم فيها مع أي حد، فقلت ألجأ لحضرتك يمكن أقدر أفهم نفسي وألاقي حل.

من فترة، تعرفت على بنت زميلة ليا في الكلية، وكانت علاقتنا سطحية في الأول، بس مع الوقت بدأت أتعلّق بيها من غير ما أحس. هي محترمة جدًا، مش بتتكلم مع شباب كتير، وهادية ومهذبة، وده كان من أكتر الحاجات اللي شدتني ليها.

في الأول كنت بقول لنفسي إن دي مجرد إعجاب، وهيروح مع الوقت، بس الحقيقة إن الموضوع زاد، وبقيت بفكر فيها كتير، وبفرح لو شفتها، وبضايق جدًا لو ما شفتهاش أو لقيتها مش مهتمة بكلامي، رغم إنها ما عملتش أي حاجة تغلط فيها أو توهمني بحاجة.

أنا عمري ما كلمتها في مشاعري، وبحاول دايمًا أكون محترم، وبحافظ على مسافة، بس مشاعري بقت تقيدني، وأثرت عليّ في تركيزي ومذاكرتي. ساعات بحس إني ضعيف، وساعات بحس إني مش غلطان، لأني ما عملتش حاجة حرام، أنا بس مش قادر أفصل مشاعري عنها.

اللي مأزّمني أكتر إني مش جاهز للجواز حاليًا، لا ماديًا ولا نفسيًا، وبنفس الوقت، خايف أفضل متعلّق بيها ومأخر نفسي، وخايف برضو إنها ترتبط بحد تاني، وأتعب أكتر.

أنا محتار ومشتّت، وبدأت أحس إني تايه بين العقل والقلب، ومش قادر أعيش طبيعي.

هل أنا غلطان؟ أعمل إيه؟ أواجهها؟ ولا أقطع علاقتي بيها تمامًا؟

أنا مش عايز أظلمها، ولا أظلم نفسي، بس فعلاً تعبت ومحتاج أفهم مشاعري دي وأتصرف صح.

الإجابة 24/07/2025

ابني الكريم..

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

مرحبًا بك، فلقد أضاءت موقعنا الغالي بوابة الاستشارات الإلكترونية، جعلنا الله تعالى عند حسن ظنك وجميع قرائنا وزائرينا الأفاضل.

 

وأشكر لك صدقك وشفافيتك في عرض مشكلتك، فما كتبته ينم عن شاب ناضج، محترم، واعٍ بمشاعره، وقادر على التأمل الذاتي، وهذه صفات قلّ أن نجدها مجتمعة في هذه المرحلة العمرية.

 

دعني أخبرك من البداية أن ما تمر به ليس خطأً ولا عيبًا، بل هو طبيعي جدًّا في هذه المرحلة العمرية، مرحلة ما بعد المراهقة وبداية الرشد؛ حيث إن فيها تبدأ المشاعر العاطفية في التبلور، وتتسع قدرة الإنسان على التعلّق، والبحث عن معنى للحب والانتماء العاطفي. لكن، ومع طبيعية المشاعر، تظل طريقة التعامل معها هي الفيصل بين النضج والاندفاع، وبين السكينة والاضطراب.

 

* دعني أفنّد لك ما يحدث لديك من خلال عدة محاور:

 

أولًا: أنت لم تُخطئ، لكنك بحاجة إلى إدارة مشاعرك.. ما تشعر به من ميل وارتياح تجاه زميلتك هو من فطرة الله التي فطر الناس عليها، وقد قال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ... ﴾، كما أن الرجل جبل على الميل للنساء.

 

والحب العاطفي شعور طبيعي، لكن الخطورة تبدأ عندما يتحوّل من عاطفة فطرية إلى تعلّق مرضي أو Emotional dependency، أي أن تربط سعادتك وتفكيرك ومزاجك بوجود شخص معين في حياتك، وهو ما بدأ يحدث عندك جزئيًّا. والحل هنا ليس في كبت المشاعر، بل في توجيهها وضبطها، حتى لا تتضخم وتفقد السيطرة.

 

ثانيًا: ولتعلم أن، الارتباط العاطفي غير المعلن يُنهك النفس.. وأنت تعيش حالة من الارتباط الصامت، حيث تحب في صمت، وتتألم في صمت، وتُفكر كثيرًا دون أي وضوح للطرف الآخر، وهذا النوع من التعلق يُحدث تعارضًا بين المشاعر والأفكار، فيقع العقل في صراع بين:

 

"أريدها لأنها فتاة محترمة".

 

و"أنا غير جاهز الآن".

 

و"أخشى أن أضيّع نفسي".

 

و"أخشى أن أخسرها".

 

وهذا التضارب الذهني والعاطفي هو ما يزيد من شعورك بالتيه والضياع.. فلا القلب مرتاح، ولا العقل مطمئن، ولا السلوك مستقر.

 

ثالثًا: الأمر الجيد والذي يطمئني أنا شخصيًا نوعًا ما عليك.. أنه من علامات نضجك التي لمحتها في رسالتك، أنك تدرك بأنك غير مستعد حاليًا للزواج. وهذا – يا بُني – فارق كبير بين من يعيش وهْم الحب دون حساب، وبين من يفكر بمنطق الواقع والقدرة والاحتياج.

 

قال رسول الله ﷺ: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج"؛ فسيدنا محمد هنا علّق الأمر بـ "الاستطاعة"، أي بالقدرة المالية، والنفسية، والاجتماعية.

 

فإن كنتَ غير قادر على الارتباط الشرعي الآن، فإن استمرار التعلّق القلبي بدون وضوح ولا أفق سيؤخرك أكثر، وربما يُفسد حياتك العاطفية والعملية والدراسية في آن واحد.

 

رابعًا: يتبقى أن أنصحك كيف تتعامل الآن؟

 

ولذلك إليك خطوات عملية تساعدك إن شاء الله على اجتياز أزمتك النفسية:

 

1- ابق كما أنت، فلا تُصارح الفتاة الآن بمشاعرك، لأنك لست مستعدًا لأي خطوة عملية، وأي وعد أو كلام عاطفي في هذا الوقت سيكون عبئًا عليك وعليها، وربما يُشوش عليها أو يُفسد صورتك الراقية في نظرها.

 

2- نظّم علاقتك بها في إطار الزمالة المحترمة، وضع لنفسك حدودًا ذهنية وسلوكية، حتى لا تنجرف مشاعرك أكثر، ولا تدخل في حالة من التعلّق المرهق.. ويا حبذا لو ابتعدت عن أى حوارات أو لقاءات زملاء، خارج المدرج يمكن أن تجمعكما.

 

3- وجّه طاقتك العاطفية نحو أهدافك؛ فالعاطفة طاقة عظيمة إن وُجهت نحو الإنجاز، فابدأ في تحسين مستواك، وتطوير نفسك، وابنِ لنفسك كيانًا يُشبه طموحاتك، لتكون جديرًا غدًا بعلاقة مستقرة تُرضي الله تعالى وتُسعدك.

 

4- كذلك حاول أن تفرغ طاقتك في الرياضة وتشغل نفسك ووقتك بعد العبادة والمذاكرة بعمل، حتى وإن كان بالمشاركة تطوعًا في الأعمال الخيرية.

 

5- استعن بالله، استخره وادعه دومًا أن يختار لك الخير حيث كان، وردد دائما: "اللهم لا تعلق قلبي بما ليس لي، واجعل لي فيما أحب نصيب".

 

* همسة أخيرة لابني المحترم:

 

تذكر أن: الحب الحقيقي لا يُشوّش العقل، بل يُنضج النفس. وأن المشاعر الصادقة لا تختبئ، لكنها لا تُزهر إلا في أوانها الصحيح.

 

فاصبر، واضبط قلبك، ولا تؤذِ نفسك، ولا تظلم الفتاة، وابدأ طريقك وأنت تعرف أنك قادر على أن تحب بعقل، وتفكر بقلب، وتختار بميزان الشرع والعقل معًا.

 

مع دعائي لك بالتوفيق، والسعادة المتزنة.

الرابط المختصر :