Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. مسعود صبري
  • القسم : دعوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 35
  • رقم الاستشارة : 1120
25/02/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اعتنقت الإسلام منذ عدة أشهر، وأعد نفسي لإشهار إسلامي، والحمد لله؛ فهناك كثيرون يقفون معي، وأريد أن أتعلم الإسلام على يد متخصصين على درجة عالية من العلم والدراسة.. وشكرًا.

الإجابة 25/02/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

 

أخي في الله..

 

كم أثلجت صدري وصدور كثير من إخوانك المسلمين بهذا الخبر السار، وأحب أن أخبرك أن التوحيد هو من أهم الأمور التي لا يستطيع الإنسان أن يسلبه من آخر؛ فالتوحيد بينك وبين ربك سبحانه وتعالى، والله تعالى هو وحده الذي يحاسب العباد؛ فوعاء التوحيد القلب، والقلب لا يطلع عليه أحد إلا الله تعالى، ولهذا فإن الله تعالى قال على لسان إبراهيم عليه السلام: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ {88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء)، فيمكن لكل إنسان أن يمتلك العقيدة التي يريدها دون إجبار من أحد، حتى لو لم يظهرها؛ فالظهور هنا لا يغير الحقيقة؛ لأن الحقيقة المطلقة لا يعرفها إلا الله تعالى، ولا يحاسب عليها إلا هو، وإن كان الظهور مهمًّا؛ حتى يستطيع الإنسان الأداء المناسب للإسلام، فيقيم الشعائر علنًا، فأداء الصلاة في المسجد غير أدائها في البيت، وتعامل الناس معك كمسلم يجعلهم يستشعرون الأخوة بينك وبينهم، بما في ذلك من الحميمية الخاصة، والسعي لأداء الحقوق لأصحابها، وما يترتب على الإسلام من معاملات تختلف من مسلم لغير مسلم، كل هذا يدفع للإعلان والإشهار، ولكن قبله قرار القلب بالإيمان.

 

أما فيما يخص تعليم الإسلام على يد متخصصين، فأحسب أنه مرحلة متقدمة بالنسبة لك، وإن لم أمانع في هذا، ولكن يهمني في المقام الأول أن تعيش الإسلام قلباً وروحاً؛ بمعنى الإسلام "اليسير" المطبق العملي، لا الإسلام الأكاديمي الذي يهتم بالدراسات والأبحاث؛ فهذا الإسلام العملي يهتم بالتوحيد الخالص لله، والبعد عن كل ما فيه شرك، والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره، وأداء الفرائض من الصلاة والزكاة عند امتلاك النصاب، والصيام، والحج عند الاستطاعة، وحسن الأخلاق وصلة الرحم والتحلي بالفضائل والبعد عن الرذائل، وحب الناس، والسعي لقضاء مصالحهم، والبشاشة عند اللقاء، والإتقان في العمل، والصدق في الحديث، والقوة في الأداء، وتجنب قرناء السوء، وألا يدخل جوفك حرام.

 

وفي الجملة: أن تجعل بينك وبين عقاب الله حاجزاً بترك المحرمات، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اتق المحارم تكن أعبد الناس"، وأن تحسن الصلة بينك وبين الله تعالى؛ فتناجيه في كل أمرك، وتكثر من الصلاة والوقوف بين يديه، وأن تعقد صحبة مع كتابه، وتملي عينيك بنوره؛ فيكون معك في حلك وترحالك، ولا يزال لسانك رطباً بذكر الله؛ فكن مع الله دائماً بقلبك إيماناً، وبسلوكك تصرفاً حسناً، وأحسن إلى الناس جميعًا.

 

ولا تنس أهلك، وإن كانوا على غير ملة الإسلام؛ فالإسلام لا يقطع الأنساب، ولا يبتر الأرحام، بل جعل من الإيمان وصلها، وآذن قاطعها بالقطيعة من الله تعالى؛ فهي شُجنة من الرحمن (الشجنة هي الغصن المشتبك)، مَن وصلها وصله الله، ومَن قطعها قطعه الله، وأي مسلم يحتمل قطع الله له؟! وكأن في صلة الرحم وصلاً بالله قبل أن يكون وصلاً بالخلق؛ فأنت مع المخلوق بجسدك، ومع الخالق بقلبك، فلتكن مرضاة الله وجهتك دائماً، وأقم وجهك له في كل حال.

 

وجماع ذلك كله: عقيدة سليمة، وعبادة صحيحة، وأخلاق حميدة، ومعاملات ترجو بها ثواب الله، وكل ذلك معنى قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: 56)؛ فتوحيد الله وعبادته غاية الغايات ومنتهى الإرادات، فاشغل نفسك بما علمت؛ فاعمل به أولاً، ثم تزود بعده بما يجعلك متخصصاً إن شئت هذا، غير أنه ليس بواجب؛ فالإسلام هو دين الحياة، وليس دين كهنوت، فعندنا علماء شريعة ورجال قضاء وفتيا، والناس في أعمالهم لتعمير الأرض، فإذا استشكل على العاملين شيء فقد قال لهم الله تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (النحل: 43).

 

غير أن هذا لا يمنع أن يتخصص من يشاء إذا أراد الطريق؛ ليكون ممن يَنفِرُ للعلم، كما قال تعالى: (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة: 122)

 

أما عن تحصيل العلم الشرعي فيوجد وسائل كثيرة وأماكن عديدة، من أهمها:

 

1-  العلماء والشيوخ المتخصصون بتدريس العلم الشرعي، بالإضافة إلى الدروس العامة في المساجد.

 

2- الكليات والمعاهد المعتمدة التي تعطي دبلومات في الدراسات الشرعية.

 

3- الدرسة أو لاين عن بُعد، من خلال الجامعات المعتمدة على الإنترنت المتخصصة في العلوم الشرعية.

 

4- منصات الإنترنت، عن طريق الدورات الشرعية التي تعقد فيها.

 

5- التثقيف من خلال المواقع الإسلامية المشهورة والمتخصصة في التثقيف الإسلامي.

 

6- مشاهدة البرامج الدينية في الفضائيات.

 

أخي، هنيئا لك مرة أخرى، ولا تنسنا من صالح دعائك.