البيدوفيليا.. تاريخها ومعناها

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. مصطفى عاشور
  • القسم : قضايا معاصرة
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 47
  • رقم الاستشارة : 3411
27/11/2025

انتشر في الصحافة خاصة المتعلقة بالجرائم مصطلح البيدوفيليا.. فما المقصود بها، وهل عرف التاريخ مثل هذا الانحراف السلوكي؟

الإجابة 27/11/2025

أخي الكريم، الإنسان كلما ابتعد عن حقيقة الدين ونقاء الفطرة، كلما اقترب من الطبيعة الحيوانية بكل شراستها ودناءتها، ولذلك كان القرآن الكريم يحذر من التردي في تلك الطباع الحيوانية، ذلك التردي يتأتى مع انتكاس الفطرة، وتعطيل الحواس والإدراكات.

 

ومن الأمراض الحديثة التي لا تكف الصحف عن تكرارها ما يسمى بـ"البيدوفيليا" Pedophilia أو التحرش بالأطفال والصغار، وهي ظاهرة لها جذور قديمة وكان يسميها العرب "الغلمانية".

 

في تقير أعدته منظمة تشايلد لايت "Childlight" وهي منظمة تُعنى بحماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسيين، ونشر عام 2024م أن أكثر من 300 مليون طفل سنويًّا يقعون ضحايا للاستغلال والانتهاك الجنسيين بواسطة التكنولوجيا، وأن واحدًا من كل ثمانية أطفال في العالم، أي 12.6%، كانوا ضحايا لالتقاط ومشاركة وعرض صور وفيديوهات جنسية دون موافقتهم خلال العام الماضي.

 

أشار التقرير إلى اعتراف واحد من كل تسعة رجال في الولايات المتحدة (10.9%، أي ما يعادل نحو 14 مليون رجل) بارتكاب اعتداءات جنسية عبر الإنترنت ضد الأطفال في مرحلة ما من حياتهم، وأظهرت استطلاعات رأي أن 7% من الرجال في المملكة المتحدة - أي ما يعادل 1.8 مليون شخص - قالوا الشيء نفسه، بينما قاله 7.5% من الرجال في أستراليا (أي ما يقرب من 700 ألف رجل)، وقال كثيرون آخرون في البلدان الثلاثة إنهم سيسعون أيضًا إلى ارتكاب جرائم جنسية ضد الأطفال إذا اعتقدوا أن ذلك سيبقى سرًا.

 

هذه الإحصائية المفزعة لما يتعرض الأطفال من اعتداءات جنسية من خلال الوسيط التكنولوجي فقط، لكن إذا نظرنا لحالات التحرش التي يتعرض لها الأطفال في العالم فإن هذا العدد سيرتفع ارتفاعًا كبيرًا للغاية، وهي ظاهرة تدعو للقلق، وهذا يفرض التعرف على تلك الظاهرة المفزعة، وهي تشبه حال الكارثة أو الوباء الذي يجب الالتفات له.

 

ما هي البيدوفيليا؟

 

البيدوفيليا كلمة من أصل يوناني مكونة من شطرين pedo ويقصد به الأطفال، وphilia ويقصد بها اشتهاء، وبذلك يكون المعنى العام للكلمة هو اشتهاء الأطفال، أو الغلمانية حسب الاصطلاحي القديم في الاستخدام العربي.

 

والبيدوفيليا في الاصطلاح الحديث لها معان متعددة، منها: اشتهاء الأطفال، والتحرش بالأطفال، والاعتداء الجنسي على الأطفال، واغتصاب الأطفال، وكل تلك المعاني تشير إلى قيام بالغين بالاعتداء على الأطفال بدءًا من التحرش انتهاءً بالاغتصاب.

 

تشير دراسات نفسية إلى أن هذا الشخص غير السوي "البيدوفيلي" يُفضل الأطفال على النساء في الجنس، وأشارت دراسات أخرى إلى أن كثيرًا من هؤلاء الأشخاص "البيدوفيليين" يكون الفارق بينهم وبين الضحية في الغالب خمس سنوات، لكن هناك حالات يكون فيها فارق السن كبيرًّا جدًّا.

 

وتشير دراسات نفسية وأمنية واجتماعية إلى أن الشخص "البيدوفيلي" شخص يبدو أمام الناس عاديًّا طبيعيًّا، لكن خطورته عندما تمكنه الظروف من الانفراد بطفل، فإن هذه الانتكاسة الفطرية في نفسه تستيقظ وتتوحش لتشرع في الاعتداء على الطفل، ببرود وبلا ضمير أو إنسانية.

 

أين خطورة البيدوفيليا حاليًا؟

 

الحقيقة أن خطورة هذا الانحراف والشذوذ الإجرامي المسمي بـ" البيدوفيليا" تكمن مخاطره الحالية أنه تحول إلى ما يشبه الوباء، وبدلاً من التوجه العالمي لمواجهته والقضاء عليه، وتوفير قدر من الحماية للأطفال، نجد أن هناك من يحاول في المجتمع الغربي الحصول على اعتراف به، حتى يتساوى بالانحرافات الجنسية الأخرى، فبعد قبول الشواذ جنسيًّا في مجتمعات غربية، يحاول البعض التمهيد للقبول بـ"البيدوفيلي" اجتماعيًّا، تحت شعار كاذب هو "كسر التابوات"، وهؤلاء المنتكسة فطرتهم يدحرجون "البيدوفيليا" في الإعلام، تمهيدًا لتحقيق القبول بهذا الانحراف مستقبلاً والرضا بهذه الجريمة الشنعاء، التي تورث شذوذًا في المجتمع يتوالد ولا ينتهي.

 

والمسألة الخطيرة التي تطرحها "البيدوفيليا" هي التحرر الجنسي، الذي انفلت من كل ضمير وفطرة، وأصبح يشتهي الخطايا العظام، ولم يعد إفراغ الشهوة همه الأكبر، ولكن السعي وراء إشباع لن يتحقق، ولذلك أصبح يجرب كل شيء خاطئ.

 

 

روبط ذات صلة:

هل للشذوذ أبعاد فلسفية؟

النسوية وإباحة الإجهاض.. العداء للبراءة

كيف تحاسب الشريعة الشواذ وهم مرضى؟

5 خطوات لحماية طفلك من «البيدوفيليا»

«حق ياسين».. درس الأسر العربية ضد التحرش

الرابط المختصر :