Consultation Image

الإستشارة 20/04/2025

السلام عليكم ورحمة الله بركاته، حقيقة أشعر في حيرة من أمري في الرد على طلب أمي بالزواج من زوجة أخي الشهيد من أجل أطفاله والحفاظ على عائلته، هذا الطلب جعلني لا أعلم ماذا أجيب بالموافقة أو الرفض، خاصة أنني لم أتزوج من قبل.. فماذا أفعل؟

الإجابة 20/04/2025

الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أما بعد:

 

فأسأل الله- تعالى- العليم الخبير أن يقدر لك الخير ويرضيك به.

 

بارك الله فيك لطرقك باب موقع "استشارات" لطلب المساعدة والإرشاد، أسأله أن يلهمني الصواب بالقول إلى ما يهدي قلبك لخير العمل، ويجعل لك فيه خيرًا.

 

الأسرة من أعظم الأسس التي يقوم بها المجتمع الإسلامي العظيم، لما لها أهمية في تأسيس مجتمعات إسلامية حيث يقول الله -تعالى- في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}  [الحجرات: 13].

 

هذا الأمر جعل الشرع العظيم يعطي اهتمامًا كبيرًا بكل ما يتعلق بالزواج في القرآن والسنة، وجعله يقوم على المودة والرحمة كما جاء في قوله -سبحانه وتعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم : 21].

 

أخي السائل، اتخاذ خطوة الزواج تحتاج إلى تفكير وتريث، خاصة أن الأمر يرتبط بحقوق وواجبات من كلا الزوجين أحدهما تجاه الآخر.

 

الشعور بالحيرة في هذا الموضوع شيء طبيعي فأنت بالزواج ستعمل على تأسيس أسرة جديدة تتطلب منك بها القوامة كما قال -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ...} [النساء : 34].

 

قبل أن تتخذ القرار استعن بالله -تعالى- قبل كل شيء، واستخر الله –عز وجل- وأكثر الدعاء، وتيقن أنه سيهدي قلبك إلى الصواب، ويكون فيه خيرًا بإذنه -تعالى-.

 

اجلس مع نفسك وفكر في تريث وهدوء بعيدا عن أي ضغوطات من أي أحد في اتخاذ القرار، واسأل نفسك هل ستكون أهلا لهذه الأمانة وأن تعطي هذه المرأة حقوقها حينما تكون زوجة لك في حال الموافقة، هل ستعطيها حقوقها كما أمر الله -تعالى- في أحكام شرعه؟

 

لا تجعل إجابتك من أجل إرضاء غيرك، بل اجعلها نابعة من رغبة داخلية في القرار قبل الرد عليه.

 

تعرف على هذه المرأة من جديد، هل هي صاحبة دين وخلق طيب، هل كانت مطيعة لزوجها السابق وحسنة السيرة؟

 

انظر للموضوع بطريقة إيجابية فقد تكون امرأة صالحة ستعينك على تأسيس أسرة جديدة طيبة... وتذكر قوله -تعالى- {...وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، قد يكون الأمر خيرًا لك من حيث لا تحتسب، فكل شيء له حكمة من الله -تعالى- فهو يعلم وأنتم لا تعلمون.

 

وتذكر أن أطفال أخيك الآن أنت أقرب لهم، فهم بحاجة إلى التربية والرعاية والتعليم والكثير من الأشياء التي تتطلب وجود رجل في حياتهم يكون أمينًا عليهم، واهتمامك بهم سيترتب عليه أجر عظيم في الدنيا والأخرة، خاصة أنهم أيتام ذوو قربة وصلة رحم.

 

ووالدتك حينما طلبت منك الزواج منها، لا بد أن تلتمس بها حسن العشرة؛ الأمر الذي شجعها أن تبقى قريبة من العائلة بذات القرب، وأرادت أن تحافظ على أحفادها فهم بحاجة للاهتمام والتربية. وتيقن طالما وضعت النية لله -تعالى- في حال قبولك سيعينك على هذه الأمانة.

 

وفي حال وجدت نفسك غير قادر على هذه الأمانة وعدم وجود رغبة بالزواج بهذه المرأة لأي سبب كان خوفًا من ظلمها وعدم إعطائها حقوقها، فلا تظلمها بالموافقة وأنت غير أهل لذلك وتحدث مع والدتك بصراحة بهذا الأمر.

 

ولك الحق في القبول أو الرفض فلا يستطيع أحد على إرغامك بشيء في الزواج. فلا تجعل قبولك فقط من أجل الأطفال فلا بد أن تكون لك رغبة بالزواج حتى تؤدي حقوقها كما أمر الله-تعالى-.

 

وفي حال عدم قبولك لطلب والدتك هذا لا يعني التخلي عن زوجة أخيك وأطفالها فبإمكانك الاهتمام بهم وفق ضوابط الشريعة الإسلامية في معاملة زوجة أخيك، والاهتمام بأطفال أخيك والاهتمام في تلبية احتياجاتهم بالمستطاع.

 

لكن أذكرك بالسؤال: هل زوجة أخيك لها أهل يحتضنونها ويعطفون ويهتمون بها أم لا، فقد يكون أهلها استشهدوا ولم يتبق إلا هي؟

 

هذا السؤال يجعلني أطلب منك التفكير بأكثر من زاوية بعيدًا عن أي ضغوط من أي أحد في اتخاذ القرار.

 

أسأل الله -تعالى- أن يهديك لأقرب من هذا رشدًا... والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

الرابط المختصر :