23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 12/02/2025

السلام عليكم أنا رجل متزوج من حوالي ثلاث سنوات مشكلتي مع زوجتي إنها تريد أن تعرف كم يبلغ دخلي وأنا تربيت في بيت والدي عمره ما عرفنا أو عرف والدتي دخله وأنا لا أفهم ما هو سر إصرارها على سؤالي عن تفاصيلي المادية علما إنني لا أترك البيت محتاج حاجة واشتري لها كل ما تطلبه من احتياجات شخصية لكنها وعلى الرغم من ذلك تطلب مني مصروف خاص بها وعندما رفضت وقلت لها قولي اللي نت عايزاه وانا اشتريه بدأت تبالغ جدا في طلباتها مما جعل حياتنا كلها مشاكل لأني بنفعل عليها لما بحس انها عايزة تستنزفني وخلاص ماذا أفعل مع هذه الزوجة؟

الإجابة 12/02/2025

أخي الكريم، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على بوابة استشارات المجتمع.. قبل أن أجيب عن سؤالك أريد أن ألفت نظرك لنقطة في غاية الأهمية، وهي أنه ليس علينا بالضرورة أن نستنسخ صورة البيت الذي نشأنا فيه عندما نتزوج وننشئ بيتًا آخر، فليس معنى أن والدك كان يقوم بفعل ما أن يكون هذا هو النموذج الوحيد المقبول، فكل أسرة لها ظروفها الخاصة، فكون والدتك كانت راضية عن إدارة والدك للمنزل على هذا النهج لا يعني بالضرورة أن تكون زوجتك كذلك وإلا شعرت أن زوجتك أقل درجة.. ولا يعني ذلك أني أؤيد منهج زوجتك، فقط كنت أريد توجيه انتباهك لهذه النقطة كخلفية لحل مشكلتك.

 

الزواج يا أخي الفاضل، آية من آيات الله عز وجل (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]، فأن يتآلف غريبان ويكون بينهما ميثاق غليظ ويصبحان كمثل الجسد الواحد آية من آيات الله عز وجل...

 

السكن بين الزوجين آية من آيات الله عز وجل، وكي يتحقق هذا السكن منحنا الله عز وجل أهم مفتاحين؛ المودة والرحمة، فكلما أعطى الزوج أو الزوجة مشاعر حب واهتمام أكثر تحقق السكن أكثر.. وكلما أشفق كل من الزوجين على الآخر وحاول أن يضع نفسه مكانه والتمس له الأعذار (وهذا كله من معاني الرحمة) تحقق السكن أكثر.

 

والحقيقة أن العطاء المادي والنفسي والعاطفي لا يصب في مصلحة الطرف الذي يقدم له هذا العطاء فقط وإنما يرتد بشكل مباشر وسريع على الطرف الذي يقدم العطاء، وبما أنك الرجل فيجب أن تكون لك سمة المبادرة في العطاء، ويمكن لهذا السبب أوجب الإسلام المهر على الرجل لأنه رمزية على المبادرة في العطاء ودلالة على القدرة على القيادة.. بل إن الإسلام جعل إنفاق الرجل أحد أهم الأسباب التي تمنحه درجة القوامة (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء: 34].

 

والقوامة يا أخي الكريم مشتقة من الفعل قام وهي عكس القعود عن الأمر.. القوامة مصطلح يضج بالحيوية وتفقد الأمور وتحمل المسئولية والسعي في الرعاية.. لماذا أقول لك هذا الكلام؟ لأنه يبدو لي من كلماتك أنك رجل يقدر المسئولية جدًّا.. رجل يحاول تحقيق معنى القوامة في حياته فحاولت إلقاء بعض الضوء على المعاني الفسيحة للكلمة القرآنية.

 

يا أخي الكريم، أنت بالفعل تقوم بواجبك في النفقة ولا تترك البيت بحاجة لشيء، وأريدك أن تحتسب نفقتك هذه، وفي صحيح البخاري (ومَهْما أنْفَقْتَ فَهو لكَ صَدَقَةٌ، حتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا في فِي امْرَأَتِكَ)، وأريدك أن تتأمل الحديث يا أخي فهي لقمة مغموسة بالحنان حتى إنه يرفعها إلى فمها.. أنت تنفق نعم ولكن يبدو لي أنك تنفق على طريقة الواجب الجافة (أنا ألبي حاجات البيت فماذا تريدين أكثر من ذلك) تريد مشاركتك! ولعلها هي نشأت في بيت كان والدها يتشارك مع والدتها مثل هذه الأمور، ولعلها تشعر أنك لا تثق فيها بالقدر الكافي وهو شعور مؤلم للغاية.

 

وكان بإمكانك ببعض الذكاء العاطفي أن تحقق ما تريد دون أن تعنفها على ما تريد، فتقول لها مثلا (حبيبتي لا أريد أن أزعجك بضغوط العمل وتقلباته)، (حبيبتي يكفيك مسئولية البيت والأطفال لا أريدك أن تحملي هم المال وثقي أنني سأبذل ما في وسعي حتى لا ينقصك شيء) أو تقول لها: (ثقتي فيك بلا حدود ولكنني أشعر بالتوتر عندما أناقش أمور المال وأنا أحب أن أشعر بالسكينة في البيت.. أنا أنتظر اللحظة التي أعود فيها إليك وإلى البيت فلا تفسديها بالحديث عن المال، وثقي أنني أفكر في احتياجاتك واحتياجات البيت قبل أي شيء). والمرأة -أخي الكريم- مخلوق عاطفي تنتشي بالكلمات الرقيقة وتجعلها تستجيب لك بأقصر طريق.

 

بقيت نقطة أرجو أن يتسع صدرك لها أنت تحدد في ميزانيتك مبلغًا محددًا لاحتياجات الزوجة الشخصية بدليل أنك تنزعج عندما تبالغ في الطلبات وتتجاوز المبلغ المحدد، فما رأيك أن تعطيها المال كمصروف شخصي لها حسب ما حددته أنت في الميزانية ووقتها هي سوف تتدبر أمرها، وهذا له فوائد عديدة:

 

أولاً: هي ستسعد أن معها مالاً ومصروفًا شخصيًّا يتيح لها مساحة من الحرية المالية.. فلعلها تريد مثلا أن تتصدق، فهل ستقول لك أعطني مالاً كي أتصدق؟! إنما عندما يكون لها مصروف شخصي فقد تلغي بعض الاحتياجات مقابل الحصول على أجر الصدقة، وهذا مجرد نموذج.

 

 ثانيًا: هي ستشعر بثقتك فيها بدليل إعطائها المال.

 

ثالثًا: هي ستقتصد فيما تريد لأن لها ميزانية محددة.

 

رابعًا: ستتجنب كثيرًا من المشكلات خاصة تلك الناتجة من المبالغة في الطلبات كرد فعل لأنك تمنع عنها المال، ومن ثم أنت تنفعل عليها كرد فعل للمبالغة، وهكذا تدخلون دائرة الشجار والمشاحنة، فلماذا وكان بإمكانك كسر هذه الدائرة.. أصلح الله بينك وبين زوجتك، وتابعنا بأخبارك دائما.