23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 18/01/2025

أنا رجل اقترب من الستين توفيت زوجتي رحمها الله تعالى قبل عامين ولقد كانت نعم الزوجة التي أنجبت لي البنين والبنات ووقفت بجواري وساعدتني كثيرا حتى أصبحت تاجرا من أشهر التجار وامتلكت ثروة كبيرة بفضل الله ولقد حزنت بشدة لوفاتها خاصة أنها توفت بعد حادث مأساوي مفاجئ ولم تكن تشكو من أي مرض ويعلم الله كم تصدقت لأجلها في مشروعات الصدقة الجارية.. مشكلتي أنه وبعد عامين من وفاتها أشعر بالوحدة الشديدة وأفتقد الأنس في حياتي.. أنا رجل مصاب بعدة أمراض مزمنة وكل ما أطمح له أن يكون لي هناك رفيق يؤنس وحدتي وعندما ألمحت لأولادي ثاروا بشدة لذكرى والدتهم حتى أن ابنتي الكبرى جاءت هي وزجها وأولادها وأقاموا معي بحجة أنهم يرغبون في منحي الشعور بالأنس وتبديد مشاعر الوحدة وهو ما حدث بالفعل لولا الكلام الذي يؤلمني عن تضحيتها بحياتها المستقرة وخصوصيتها من أجلي.. ما يوجعني أكثر أنني استشعر أنها لم تفعل ذلك لأجلي بل لأجل المال فأولادي وعلى رأسهم ابنتي الكبرى تخشى أن يشاركهم وارث جديد سواء زوجة أو طفل صغير قد يقدر الله وجوده والحقيقة أنهم تحدثوا مع بعض الأقارب في هذا الموضوع ووصل لي ما قالوا وكان من ضمن حديثهم أن أمهم هي التي تعبت وجاهدت حتى حصلت أنا على الثروة ثم أريد الآن تبديدها وأنني مسرف جدا في نفقاتي وسهري مع أصدقائي رغم إنني ويعلم الله أعطيهم كل ما يطلبون ويريدون حتى أنني اشتريت لابنتي الكبرى هذه شقة فاخرة بدلا من شقتها الصغيرة الضيقة التي كانت لزوجها وفي البيت أضع نقودا كثيرة في أحد الأدراج ومن يحتاج شيئا يأخذ منها دون أن يعود إلى ولا أحاسبهم على شيء أبدا لذلك تألمت بشدة مما قالوا ومن هذا الحصار المفروض علي فماذا أفعل هل أصمم على موقفي من الزواج ولكن ماذا لو كانت امرأة مستغلة لا تطمح إلا للمال كما يقول أولادي كلما جاء الحديث عرضا عن أي امرأة تناسب ظروفي أم استسلم لما يريده أبنائي لكنني لا أشعر بالارتياح النفسي لنوعية الحياة التي أعيشها.

الإجابة 18/01/2025

ملخص الرد:

أنت وحدك من تقدر حاجتك للزواج، ولكن ابحث عن زوجة تناسبك ظروفها فأنت بحاجة أن تشعر بالارتياح والأنس في حياتك.. أنت في سن نضج وعطاء، ولكن احرص على حالتك الصحية، وحاول أن تغير من نمط حياتك؛ فأنت ستُسأل عن عمرك وصحتك، وليس من حق أولادك أن يفرضوا حصارًا عليك.. كن حنونًا عليهم ولكن كن حازمًا في وضع الحدود...

الإجابة:

أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أخي الكريم على صفحة استشارات المجتمع...

ما رأيك أن نبدأ بآخر ما كتبت أنك لا تشعر بالارتياح لنوعية الحياة التي تعيشها لتكون منطلقنا للبحث عن أفق جديد للحياة.. أنت تقترب من الستين ماذا يعني هذا لك؟ إن حياتك قد قاربت على الانتهاء، وبالتالي لا معنى للبحث عن حلم جديد حتى وإن كان الحلم بحياة مستقرة طبيعية؟!

تقول إنك تعاني من بعض الأمراض المزمنة، فماذا فعلت حيال ذلك؟ هل استسلمت للأمراض المزمنة أم تسعى لعيش نمط حياة صحية؟ قد تقول وما علاقة حالتي الصحية وعمري بموضوع الاستشارة؟

أجيبك، إنني لمست من بين ثنايا كلماتك حالة من الإحباط والاستسلام لوضعك الراهن على الرغم من عدم شعورك بالارتياح، فأردت أن أوضح لك أن الكثيرين في مثل عمرك يخوضون غمار الحياة ولا يستسلمون للهامش أبدًا، وهذا ما أريدك أن تكونه؛ لذلك فلا بد من الاهتمام بصحتك، لن أقول لك انظر للسياسيين في مثل عمرك، بل أقول انظر لكبار رجال الأعمال وأنت رجل تاجر، أي لديك حياة حافلة بالفعل، فلماذا تقبل أن تعيش على هامش الحياة؟

أعلم مقدار الألم الذي عايشته بعد وفاة زوجتك الراحلة أم الأولاد رحمها الله تعالى، وحقًّا أنت نموذج للزوج الوفي الذي يتذكر زوجته بالصدقات الجارية، جعل الله ذلك في ميزان حسناتك، وكم أتمنى أن يقتدي بك الرجال في هذا.. لكن الحياة لا بد لها أن تعاش وطالما أن الله منحك عمرًا فلا بد أن تستثمر كل لحظة فيه، ولن يحدث هذا وأنت تشعر بعدم الارتياح في حياتك؛ لذلك أنا أرى أنه يجب أن تستقل بحياتك وتطلب من ابنتك بطريقة رقيقة أن تعود لبيتها خاصة، وقد أعربت بالفعل أنها ضحت براحتها وخصوصيتها من أجل أن تؤنس وحدتك...

عليك أن تكون رقيقًا حانيًا، وفي الوقت نفسه لا بد أن تكون حازمًا سواء مع ابنتك الكبرى أو بقية الأولاد، فأنت بكامل قواك العقلية وليس من حق الأولاد أن يجبروك على ما لا تريد من الحياة.. تسمعهم نعم.. تشاركهم الرأي نعم.. تهتم بمشاعرهم نعم.. لكن القرار لك في النهاية.

ما معنى أن الأولاد ثاروا لذكرى والدتهم؟ هي رحمها الله تعالى في عالم البرزخ لا يعنيها شيء مما يحدث في هذا العالم، إنما أنت من تعاني الوحدة وافتقاد الأنيس، وعلى أولادك أن يشعروا بك تمامًا كما تشعر أنت بهم وتحاول تلبية كل طلباتهم واحتياجاتهم، ولا ينبغي أن تتماهى مع أنانيتهم في التفكير خاصة بعد ما وصلك من كلام (ولم يكن ينبغي على هؤلاء الأقارب أن يقوموا بنقل هذا الحديث حتى لا يوغروا صدرك على أولادك)، أما وقد وصلك فلا بد أن يكون لك موقف توضح فيه الحدود الفاصلة بين الحب والأبوة وبين مساحة الخصوصية حتى لا تشعر كما تشعر الآن بأنك محاصر...

أنت وحدك صاحب القرار، فإذا كنت تشعر بحاجتك للزواج فتزوج ولكن لا تتعجل في الاختيار، وابحث عن زوجة مريحة تكون لك سكنًا وتكون ظروفها مناسبة لظروفك حتى لا تتحول النعمة التي تسعى إليها إلى نقمة، وكم من نساء يصلحن لهذا الدور وليس كل امرأة طامعة في المال؛ فالكثيرات يبحثن عن السكن والأنس مثلك تمامًا.. وفقك الله تعالى وكتب لك الخير ورزقك الزوجة الصالحة وأقر عينك ببر أبنائك.