الإستشارة - المستشار : أ. مصطفى عاشور
- القسم : قضايا إنسانية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
73 - رقم الاستشارة : 2789
25/09/2025
لماذا هذا الانتقاد لمفهوم الزواج على وسائل التواصل الاجتماعي وفي تعليقات المشاهير؟ وهل انغمست تلك الأقوال في نفوس الناس وعقولهم فغيرت مفهوم الزواج وعلاقة ذلك بتفشي الروح المادية؟
تصدمنا المئات بل الألوف من الفيديوهات والمنشورات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي حول الزواج والغاية منه عند الشبان والشابات، تكشف تلك المنشورات عن تغير كبير في مفهوم الزواج القائم على المودة والرحمة وعلى غاية بناء أسرة وإنجاب أطفال، إلى مفهوم آخر للزواج تتغلغل فيه الروح المادية بداية من مواصفات الزوج أو الزوجة، والمتطلبات المادية المبالغ فيها والتي يعتمد أغلبها على البهرجة والزينة أكثر من شيء آخر، وتحول الزواج إلى شركة اقتصادية يحتاط كل طرف من غريمه بكل وسيلة، موثقًا عقد الزواج بما يشبه عقود الشركات في الالتزامات والغرامات.
الزواج من الديمومة إلى اللحظة
هناك تغير في مفهوم الزواج ليس في عالمنا العربي والإسلامي، ولكن تغير المفهوم بات ظاهرة عالمية، ويمكن رصد بعض تلك التغيرات، ومنها:
* فقــدان المــكانة: الزواج فقد مكانته كتقليد شبه إلزامي للإنسان إذا تجاوز مرحلة البلوغ وله القدرة المادية على الإنفاق على أسرة، ونتج عن هذا التغير تحول هؤلاء "البالغين" إلى البحث عن مسارات أخرى بديلة عن الزواج لتفريغ طاقاتهم، ومع طول المدة بين البلوغ وإشباع الحاجات الفطرية من خلال الزواج كانت الأزمة الأخلاقية تتزايد.
* علاقة غير دائمة: أن الزواج أصبح علاقة يمكن الدخول إليها، لكن ليس من الضروري الحفاظ عليها، بمعنى أن الزواج أصبح عند البعض، خاصة الفتيات وأهلهن، هو أمر ضرورة لكسر وصمة العنوسة، أو إنجاب طفل، أو الانتشاء بلحظات الزفاف والتصوير لتلك المناسبة، أو الإعلان عن امتلاك زوج أو زوجة، لكن فكرة الحفاظ على الزواج كمؤسسة أصبحت متراجعة بشكل كبير للغاية.
وما يدل على ذلك هو الكثرة الطاغية في حالات الطلاق عربيًّا وعالميًّا؛ ففي مصر تبلغ نسبة الطلاق (240) حالة طلاق يوميًّا، وارتفعت نسبة الطلاق خلال الخمسين عامًا الماضية من 7% لتصل إلى ما يقرب 40% من الزيجات، ووصل عدد المطلقات إلى ما يقرب من ثلاثة ملايين مطلقة، وفي الكويت حسب تقرير لوزارة العدل الكويتية بلغ عدد الطلاق 48% من عدد الزيجات، وفي الأردن وقطر وصلت إلى حوالي 37%، والسعودية 21.5%..
أما على المستوى الغربي فهناك انخفاض في عدد حالات الطلاق، والسبب هو التراجع الحاد في الزواج، ففي الكثير من الدول الغربية يتم تأجيل الزواج أو حتى إلغاؤه، والاكتفاء بالعلاقات العابرة التي لا يترتب عليها أية التزام مادي أو قانون؛ لذا هناك زيادة كبيرة في عدد الأطفال غير الشرعيين، وصلت في بعض البلاد مثل فرنسا إلى 60% من المواليد.
الأفكار النسوية
* تسرب أفكار النسوية، إلى المفهوم الحالي للزواج، خاصة في المساواة التامة بين الرجل والمرأة، وأفكار عدم قيام المرأة بالأعمال المنزلية أو القيام بشؤون تربية الأبناء، وتحول الزواج إلى حلبة للمناطحة بين الرجل والمرأة حول قيادة البيت ومسؤولياته وواجبات كل طرف وأن المسؤوليات متساوية، وأن الرجل ليس له ميزة في الأسرة، فكثر الشقاق.
كان المفكر علي عزت بيجوفيتش يقول إن المرأة ليست أقل من الرجل وليست مساوية له، ولكن المرأة هي الوجه الآخر للإنسانية، تلك الفكرة العظيمة غابت عن مفهوم الزواج، فالصراع الحالي في الأسرة حول السلطة والامتيازات والواجبات والتنصل من الأعباء، وكلها أمور مادية، وليست من أجل الحفاظ الأسرة ككيان.
* الرقمية أحدثت تغيرًا كبيرًا في مفهوم الزواج، فدخول الرقمية منذ أكثر من خمسة عشر عامًا أوجد تغيرات كبيرة في مفهوم الزواج عربيًّا وعالميًّا، ونلاحظ أن بعض العناوين في الصحافة الغربية تساءل هل للزوج مستقبل في ظل الرقمية، إذ تشير دراسات إلى أن الرقمية تفكك كثيرًا من المفاهيم الكبرى ومن بينها مفهوم الزواج، ومع تنامي الذكاء الاصطناعي أصبح الأمر أكثر خطورة، بعد ظهور الزواج من الدمى التي تشبه البشر واعتبارها بديلاً أفضل وأقل تكلفة والتزامًا من شريك الحياة.
روابط ذات صلة:
زوجي والهاتف.. مشكلات لا تنتهي