ترند "عناق أنفسنا عندما كنا أطفالاً" سبب لي التعاسة

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : استشارات أخرى
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 98
  • رقم الاستشارة : 2741
21/09/2025

السلام عليكم، أنا فتاة في الخامسة والعشرين أمس قمت بعمل صورة لي عبر الذكاء الاصطناعي وأنا أحتضن نفسي وأنا طفلة، وهو ترند مشهور هذه الأيام، لكنني ظللت أنظر للصورة بكثير من الحزن فلا أتذكر أن احتضنتني أمي ذات يوم.

كانت طيلة حياتي معها نقد وغضب منها، وكثيرًا ما أعربت عن إحباطها مني لأني فتاة عادية ولا يوجد في أي شيء مميز كالبنات اللاتي يشرفن أسرهن، فلا أنا جميلة ولا أنا متفوقة ولا أمتلك أي موهبة.. إنها تعايرني أنني لم يتقدم لي أي عريس ومن هن في مثلي لديهن الأطفال..

لقد وقع هذا الترند على جرح عميق داخلي، ومنذ الأمس وأنا نائمة في فراشي لا أرغب في الخروج من غرفتي ولا مقابلة أي إنسان خاصة أمي، فهل سأعيش طيلة عمري منبوذة ولن أشعر أبدا أنني مهمة عند شخص؟

لقد حرمت وأنا طفلة من احتضان الأم وحرمت من الصديقات فهل سأحرم أيضًا من الزوج؟ أنا أشعر بكثير من التعاسة وأتمنى أن أجد شعاع أمل.

الإجابة 21/09/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك ابنتي الحبيبة في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات...

 

آلمتني رسالتك -يا ابنتي- ووقعت في نقطة عميقة من قلبي، فعلى الرغم من أنك وصلت للخامسة والعشرين وهي سن النضج والشباب فإن الطفل بداخلك ما زال حاضرًا وبقوة لأنه جريح ومتألم، وعندما شاهدت نفسك وأنت ناضجة وأنت تحتضنين نفسك وأنت طفلة فكأنما نثرت الملح على جروحك المفتوحة فشعرت بحرقتها لأنها لا تزال حية حتى هذه اللحظة، وعلاقتك بوالدتك حتى هذه اللحظة لم تتجه نحو الشفاء، وهذا ضاعف من ألمك وحزنك.

 

ولكن –غاليتي- لا شك أن بوابات الأمل مشرعة ليدخل منها أشعة كثيفة لا شعاع واحد فقط، فكوني على ثقة من ذلك.

 

العطاء الإلهي

 

ابنتي الغالية، أريدك أن تثقي ثقة لا يتسرب إليها شك أن الذي خلقك في هذه الحياة سيعطيك كل ما تحتاجيه فيها وأنه هو الرزاق الكريم، فقط توكلي على الله (لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكُّله؛ لرزقكم كما يرزق الطيرَ، تغدوا خماصًا وتروح بطانًا).

 

جروح الطفولة هي ابتلاءات مبكرة تشكل جزءًا من هويتنا واحتياجاتنا، وهي كباقي الابتلاءات الجسدية والنفسية التي تذكرنا أننا نعيش في الحياة الدنيا، ونحن نتعافى من هذه الابتلاءات بعمق علاقتنا بالله تعالى ورضانا عن أقدارنا وقبولنا بها «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله، وأني محمد رسول الله بعثي بالحق، ويؤمن بالموت، ويؤمن بالبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر».

 

لذلك -يا ابنتي الحبيبة- لقد كان جزء من قدرك أنك تعانين من الإهمال العاطفي وأنك لم تحصلي على هذه الأحضان التي كنت تشتاقين لها وأنت صغيرة، فعليك تقبل ما حدث تمامًا، كما عليك تقبل حزنك وألمك لافتقادك لهذه المشاعر، ولكن تطلعي لعطاء ربك المدهش، فقط عندما تشعرين بالرضا وتتوكلين عليه وتسألينه أن يشفي جروحك.

 

حدود الألم

 

ابنتي الغالية، هناك بعض الأفكار التي عليك أن تناقشيها مع نفسك حتى تضعي حدودًا واضحة للألم فلا تتضخم مساحته وتبتلع روحك.

 

• لديك ألم الطفل الداخلي الذي عانى من الحرمان والإهمال العاطفي ولم يتم احتضانه.

 

• لديك أم ناقدة وغير متفهمة وتقلل من قيمتك.

 

هذه هي حدود ألمك، فلا تجعلي عقلك الباطن يصور لك الحياة ملونة بالكامل بالسواد، فما الذي يمنعك من عمل صداقات لطيفة؟ لا شيء غير فكرة أنه طالما أمي لا تهتم بي فلن يهتم بي أحد ما الذي يمنعك من الخطبة والزواج؟ إنها نفس الفكرة الخاطئة تماما ألا وهي طالما أن أمي لا تهتم بي فلن يهتم بي أحد.

 

إنك ما زلت –عزيزتي- في الخامسة والعشرين، وفي عصرنا هذا هو العمر المتوقع للخطبة والزواج.. عمرك الذهبي يا فتاة هل تدفنينه تحت وسادتك في حجرتك التي تتخذينها كمنفى؟

 

خطوات على طريق الحل

 

• أكثري –غاليتي- من ذكر الله حتى يطمئن قلبك وتشعري أنك لست وحيدة في هذه الحياة.

 

• احتضني نفسك بصورة حقيقية لمدة لا تقل عن 5 دقائق، وقولي لنفسك بصوت مسموع كلمات تطمئن الطفلة داخلك.

 

• اكتبي كل يوم رسالة قصيرة تطمئنين فيها هذه الطفلة، وأيضا اكتبي عن إنجاز صغير قمت به حتى لو كان الخروج للمشي حول مبنى سكنك.. ادعمي نفسك.

 

• اهتمي بمظهرك وشكلك لأن ذلك يعزز ثقتك بذاتك.

 

• اشتركي في بعض الأنشطة التي تحبينها واسعي لتكوين صداقات حتى لو كانت بدايات بسيطة، فالصداقة تحتاج بعض الوقت.

 

• اسألي الله عز وجل أن يرزقك زوجًا صالحًا محبًّا يسعد قلبك، وخذي بالأسباب من اهتمام بمظهرك في إطار الحدود الشرعية والمشاركة في الحياة الاجتماعية.

 

• تحدثي مع والدتك بهدوء وقولي لها إنك واثقة من حبها لك، ولكن هذا الكلام يؤذيك، فإن لم تستجب لك فبريها قدر ما تستطيعين، ولكن تجنبي أن تكثري من الحديث عنها وإن أصرت على الحديث السلبي فاشغلي تفكيرك في أمر مختلف، مثلا العبي لعبة عقلية تأملي عقارب الساعة أو عدي 5 أشياء في الحجرة ترينها.. 3 أصوات في الطريق.. أي لعبة عقلية تشتت ذهنك عما تقول.. ولا تحملي في قلبك شيئًا لها فهي تحبك بطريقتها الخاصة، ولعلها هي ذاتها ضحية تربية لم يكن فيها أي قدر من الحنان وبالتالي هي لا تعرفه.

 

• إذا استطعت أن تراجعي معالجة نفسية فإنها تستطيع مساعدتك بشدة على شفاء الطفل الداخلي الجريح بداخلك، وتستطيع أن تساعدك على استعادة التوازن والسيطرة في حياتك، وهذا من باب الأخذ بالأسباب.. أسعد الله قلبك ورزقك الخير كله عاجلاً غير آجل، وتابعيني بأخبارك.

 

روابط ذات صلة:

كيف تصنع جيلاً لا يسقط أسير «الترند»؟

«ترند» كويتي يتحول إلى صرخة جيل!

الرابط المختصر :