كيف أختار شريكة حياة مخلصة وصادقة؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : استشارات أخرى
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 121
  • رقم الاستشارة : 2488
26/08/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كثيرًا ما أسمع مقولة: "غالبًا المنجزون لا يُحدثون ضجيجًا، فالضجيج للفارغين فقط". نتأثر أحيانًا بما نراه من المشاهير وحياتهم الزوجية المليئة بالمظاهر و"الكبلز" الذين يستعرضون حياتهم على وسائل التواصل، لكن موقفًا بسيطًا في بيتنا جعلني أعيد التفكير بكل ذلك.

كنت جالسًا مع أمي بعد العشاء في الصالة نشاهد مسلسلًا، فسألتها مبتسمًا: "ليش اتزوجتي بابا؟" فنظرت إلي وضحكت وقالت بعفوية: "ما بعرف… بس قلبي ارتاحله. حسّيته سندي وضحكته تكفيني".

وفجأة سمعنا أبي من المطبخ يمازحها قائلاً: "وهلأ بس تخلصي البوشار بعمل لك أطيب كاسة عصير!" لا جزر مالديف، ولا خاتم ألماس، ولا سفريات كثيرة، ولا حقائب ماركات… فقط حب صادق وبساطة ورضا. بينما نرى اليوم كثيرًا من الفتيات يعتبرن إثبات الحب في المجوهرات والمال والهدايا الثمينة.

هذا الموقف جعلني أتساءل: كيف أجد زوجة مثل أمي؟ زوجة تفرح بكلمة طيبة أو بكأس عصير، تحب زوجها بصدق وتراه كل حياتها؟ هل ما زالت هذه الصفات موجودة في زمننا؟ وكيف أختار شريكة حياة مخلصة وصادقة بعيدًا عن المظاهر والتكلف؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابة 26/08/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك ابني الكريم في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات..

 

القضية يا بني أعمق بكثير مما يظهر لك، والمشكلة ليست في فتيات اليوم فقط ولا في الفرق بين الأجيال.. القضية أن هناك تغيرات كثيرة جرت في المشهد العالمي كله.. تغيرات جوهرية مذهلة، فنحن في عصر السماوات المفتوحة، حيث ذابت الحدود الثقافية بطريقة مذهلة...

 

اليوم بإمكان فتاة مراهقة تسكن في قعر الريف أن تتابع أخبار المشاهير في العالم كله وتتفاعل معهم وتعايش قصصهم.. هي أصبحت جزءًا من هذا العالم وما فيه من مؤثرين.. هي ليست بحاجة لشراء مجلة أو صحيفة ربما لا تصل أبدًا للقرية التي تسكنها وإن وصلت فلن تملك المال لشرائها.. لكن يكفيها الآن أن تمتلك هاتفًا ذكيًّا رخيصًا مستعملاً صُنع في الصين يجعلها تشاهد كل ما يجري في العالم وتتفاعل معه وتحلم به أيضًا حتى لو لم يتحقق لها ما تحلم به فسيظل يشكل جزءا من وجدانها ومشاعرها المكبوتة.

 

هذا الذي أحكية ليس أمرًا خاصًّا بالفتيات والنساء فقط، وإنما يشمل الجنسين معًا خاصة الفئات الشابة.. الجيل زد والجيل ألفا على وجه الخصوص، وأصبح التحرر من وطأة المؤثرين بالغ الصعوبة وبحاجة لطراز خاص من الشباب والفتيات يمتلكن قدرًا عاليًا من الوعي والفلسفة الخلقية التي تترفع عن ثقافة الاستهلاك السائدة التي هي أحد الإفرازات الطبيعية للرأسمالية الرقمية الجديدة..

 

هذه يا بني تحديات هذا العصر أو هذا الزمن كما تقول، فهل يعني هذا أن هذا العصر غاب عنه الصدق والإخلاص؟ وهل الرغبة في أن يكون الشاب أو الفتاة جزءًا من ثقافة هذا العصر يعني أنهم ولا شك يتسمون بالسطحية الفجة؟ في رأيي أن هذا تطرف في الحكم وتعميم غير دقيق ويفتقد كثير من الموضوعية.. فكثير من الشباب يتابعون ما يجري في العالم من ترندات دون أن يكونوا هم أنفسهم جزءًا من ثقافة الترند أو على الأقل يتم انتقاء ما يتناسب مع ثقافتنا وحضارتنا منه.

 

يا بني، لا تظلم فتيات هذا العصر فمنذ قديم الزمن وهناك نساء لا يجتذبهن في الرجل إلا ثراؤه، وهناك أمثلة شعبية تعبر عن هذا، وإذا كان النبي تحدث عن التماس ولو خاتمًا من حديد كمهر، فالقرآن تحدث عن مهر يبلغ قنطارًا، وهكذا لا أريدك أن تنظر نظرة تبجيل للماضي ولا تحقير للحاضر.

 

أريد أن أخبرك أن كثيرًا كثيرًا من الفتيات لا يطمحن لأكثر من رجل سوي يشعرهن بالأمان، ربما يحلمن بالمالديف أو خاتم الماس ولكنه يبقى مجرد حلم لا يلامس واقعهن في شيء ولا يؤثر على حياتهن وقراراتهن في شيء. وهناك فتيات يتابعن ما يجري بالعالم من ترندات وتحديات وكابلز مشاهير، ولكن هذا كله لا يعنيهن، فلديهن قضايا أكبر تشغل عقولهن وقلوبهن، ثق من ذلك ولا تكن متشائمًا..

 

بارك الله في والدتك ورزقك زوجة قنوعة مثلها راضية بشوشة، فاستعد أن تكون أنت مثل والدك يهتم بتفاصيلها الصغيرة ويصنع لها رقائق الذرة ويقدم لها كوب العصير.. كن أنت صادقًا وغير متكلف وفي الوقت ذاته مجتهدًا وطموحًا، وثق أنك ستجد من تشبهك، فقط توكل على الله واستعن به فهو من ييسر الأمور.

 

اقرأ يا بني قصة زواج رفقة ونبي الله إسحق، وستجد كيف أن الاستعانة والتوكل تحقق الطموحات باقصر وأسهل طريق.. أسعد الله قلبك ورزقك الخير كله عاجله وآجله.

الرابط المختصر :