الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : المراهقون
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
105 - رقم الاستشارة : 2866
02/10/2025
يا دكتورة، أنا أم لولد عمره 11 سنة ومصدر قلق بالنسبة لي من فترة. الولد ذكي وطيب ومفيش فيه شر، لكن عندي مشاكل كبيرة معاه:
رافض الصلاة نهائيًّا، حاولت معاه باللين والكلام الحلو وكمان جربت الشدة والحرمان، ومفيش فايدة.
في المذاكرة لازم ألزمه وأقعد معاه، مفيش دافع ذاتي ولا ترتيب وقت، وما بيذاكرش إلا بالإجبار.
بيتشاجر كتير مع زملائه والمدرسة بترسللي شكاوى على سلوكه.
والأهم إنه مدمّن على الموبايل والكمبيوتر؛ مش بيسيبهم إلا لما أضغط عليه وأمنعه بالقوة.
أنا قلقة على مستقبله وعلى سلوكه الاجتماعي والدراسي والديني. مع إنه ذكي وطيب، بس مش عارفة أعدل منه وازاي أتعامل مع رفض الصلاة والكسل والمشاجرات وإدمان الشاشة بطريقة عملية ونفسية صحيحة. أعمل إيه يا دكتورة؟
سيدتي، أعلم أن قلبك ممتلئ بالقلق على ابنك، وهذا دليل على إخلاصك وحرصك على صلاحه دينيًّا وسلوكيًّا ودراسيًّا. غير أن ما تصفينه من رفض للصلاة، وضعف الدافعية للمذاكرة، وكثرة المشاجرات، والإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية، كلها أمور شائعة في هذه المرحلة العمرية، ويمكن التعامل معها بالوعي والصبر والحكمة.
غرس حب الصلاة
أولاً: غرس حب الصلاة في قلب الطفل لا يكون بالقهر والإلزام وحده، بل بالقدوة والرفق. قال رسول الله ﷺ: «مُروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرّقوا بينهم في المضاجع».
وهذا التوجيه النبوي يدل على التدرج واللين، ثم الحزم إذا بلغ العاشرة وما بعدها. لكن الحزم هنا لا يعني القسوة، بل يعني وضع حدود واضحة مع استمرار التحفيز والقدوة.
الدافعية الداخلية
ثانيًا: في علم النفس التربوي، نستخدم مفهوم intrinsic motivation الدافعية الداخلية، وهو أن يشعر الطفل بالرغبة الذاتية في أداء العمل. وحينما يفتقدها الطفل، نلجأ إلى extrinsic motivation الدافعية الخارجية كالمكافآت والتشجيع، حتى تتولد داخله مع الوقت.
- في الصلاة: اربطيها بمشاعر روحية إيجابية، واحتفلي بصلاته ولو مرة، فهذا ما نسميه positive reinforcement التعزيز الإيجابي.
في المذاكرة: حوّليها من إلزام إلى مشاركة، اجعلي له جدولًا مبسطًا، ووفري له فترات راحة، حتى يتعلم self-regulation ضبط الذات تدريجيًّا.
السلوك الاجتماعي.. أسبابه وعلاجه
ثالثًا: بالنسبة للسلوك الاجتماعي: كثرة المشاجرات مع الزملاء دليل على ضعف مهارات social skills المهارات الاجتماعية، كالتحكم في الانفعالات والتواصل الإيجابي.
ولعلاج ذلك يمكنك الآتي:
1- تعليمه التعبير بالكلمة بدلاً من اليد.
2- تشجيعه على ممارسة أنشطة جماعية (رياضة/كشافة) تُنمّي روح الفريق.
3- مدحه عند ضبط انفعاله، فذلك يرسّخ behavioral modification تعديل السلوك.
الإفراط في الشاشات
رابعًا: أما بالنسبة لقضية الموبايل والكمبيوتر: فالإفراط في الشاشات عند هذا العمر يسبب attention problems مشكلات في التركيز وانسحابًا اجتماعيًّا social withdrawal.
- الحل هنا ليس المنع المطلق، بل screen time regulation تنظيم وقت الشاشة.
- حددي له وقتًا محددًا يوميًّا مع التزام ثابت.
- استبدلي ببعض الوقت أنشطة جذابة أخرى، كالهوايات أو اللعب الحركي أو الخروج والتنزه.
- اجعليه يشاركك في أنشطة عائلية تعزز الرابط الأسري، فيشعر بالانتماء بعيدًا عن العالم الافتراضي.
الخلاصة العملية
- وازني بين اللين والحزم، فالمبالغة في أي طرف تؤدي إلى رد فعل عكسي.
2- اجعلي علاقتك بابنك علاقة حوارية قائمة على open communication التواصل المفتوح.
3- كوني قدوة عملية له في الصلاة والانضباط، فالقدوة أبلغ من الكلام.
٤- استعيني بالدعاء، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. قال الله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾.. فالاصطبار هنا هو الصبر الطويل والمثابرة بلا ملل، وهو ما تحتاجينه مع ولدك.
* همسة أخيرة:
الحكمة تقول: «الصبر مفتاح الفرج»، ومع الصبر بالتدرج والقدوة الحسنة والاتزان ستجدين التغيير بإذن الله تعالى، حتى وإن كان بطيئًا. بارك الله لك في ابنك وهداه وأصلح أحواله.
روابط ذات صلة:
ابنتي كثيرة النوم وتتكاسل عن الصلاة.. ما الحل؟
ابني المراهق يتكاسل عن الصلاة.. وسائل عملية لتحفيزه
أخشى من قدوم العام الدراسي بسبب مشاغبات ابني!!
مشتتة عند المذاكرة.. اتبعي نظام البومودورو!!!