الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
81 - رقم الاستشارة : 1482
31/03/2025
أنا عروس لي شهران متزوجة وما زلت عذراء وزوجي يتعامل معي بشكل جيد جدًّا ويشتري لي هدايا كثيرة ويأتي وقت النوم ويختفي وأجده نائمًا في حجرة الأطفال.. استمر الوضع هكذا شهرًا كاملاً، وفي النهاية استجمعت شجاعتي وتحدثت إليه فقال لي كلام دبلوماسي بأنه يجب أن أترك كل شيء لوقته المناسب، وأشعرني أنه لم يكن لي أن أتحدث في هذا الأمر، وحذرني من أن أحكي لأحد شيئًا لأن هذه أسرار بيوت.. مع العلم أنا جميلة جدًّا ومهتمة بنفسي للغاية وأنا الآن أشعر بالحيرة والهم ولا أدري ماذا أفعل؟
ابنتي الحبيبة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على البوابة الإلكترونية للاستشارات.. طبعًا هذا الوضع الذي تعيشينه ليس طبيعيًّا بأي حال من الأحوال فالهدف الأساسي من الزواج هو العفاف والإحصان.. والمعاملة اللطيفة والهدايا (إن استمرت) لن تحقق لك ذلك وما يقوم به معك يعد تلاعبًا نفسيًّا فكيف لا تتحدثين معه في مثل هذا الأمر؟ لقد صبرت شهرًا كاملاً حتى استجمعت شجاعتك حتى تتحدثي معه، ويبدو أنه يعرف مفاتيح شخصيتك تمامًا ويعرف طبيعتك الخجولة وأنك كفتاة رأسمالها الحياء عندما يشعرها بالعار كونها تحدثت في هذا الأمر فهذا كفيل بإخراسها، خاصة وقد أشعرك أن هذا من أسرار البيوت التي لا يمكن لفتاة صاحبة خلق ودين أن تفشيها والأمر يحوي كمًّا هائلاً من المغالطات.
البحث عن دافع
هناك دوافع نادرة قد تحول بين الرجل وزوجته كما حدث مع عبد الله بن عمرو، حيث كان يمنعه الصيام والقيام وقراءة القرآن عن العلاقة الزوجية، وهو الأمر الذي لم يفت شخصية مثل عمرو بن العاص الذي صعّد الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم، واقرئي الحديث على لسان عبد الله بن عمرو مباشرة حيث يقول: أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كنته فيسألها عن بعلها، فتقول: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشًا ولم يفتش لنا كنفًا مذ أتيناه، فلما طال ذلك عليه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: القني به، فلقيته بعد، فقال: كيف تصوم؟ قال: كل يوم، قال: وكيف تختم؟ قال: كل ليلة، قال: صم في كل شهر ثلاثة، واقرأ القرآن في كل شهر، قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال: صم ثلاثة أيام في الجمعة، قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال: أفطر يومين وصم يومًا، قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال: صم أفضل الصوم صوم داود صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ في كل سبع ليال مرة، فليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذاك أني كبرت وضعفت، فكان يقرأ على بعض أهله السبع من القرآن بالنهار والذي يقرؤه يعرضه من النهار ليكون أخف عليه بالليل، وإذا أراد أن يتقوى أفطر أيامًا وأحصى وصام مثلهن كراهية أن يترك شيئًا فارق النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
موطن الشاهد في الحديث أن عبد الله بن عمرو كان مشغولاً بعبادته عن زوجته، لكن الزوجة لم تخجل من التلميح لما تعاني منه، ووالد الزوج هو من بادر بالسؤال؛ لأنه كان يشعر أن استغراق عبد الله في العبادة ألهاه عن التوازن في الحياة، وبما أنك لم تشيري أن زوجك رجل مشغول بالعبادة حتى هذا الحد وإنما يذهب لينام في غرفة الأطفال ويكتفي بشراء الهدايا لك وينكر عليك الحق في السؤال بل وينكر عليك حقك في الشكوى خارج دائرتكما الخاصة فهنا تثور العديد والعديد من الأسئلة عن طبيعة نواياه وطبيعة ما يشكو منه بل وشكل حياتك المستقبلية معه.
فكما ذكرت لك في بداية كلامي هذه العلاقة هي جزء أساسي من الزواج، حتى إن عمر بن الخطاب كان يمنح الجنود في ساحات الجهاد عطلة كل أربعة أشهر حتى لا يكون الجهاد سببًا في الفتنة الاجتماعية؛ لأن العلاقة الزوجية هي جزء أساسي من الغرائز الأولية للإنسان فهي تلي في الأهمية حاجته للطعام والشراب، وإن كنت في هذه اللحظة لا تقدرين مدى خطورة أن تبقى هذه الغريزة دون إشباع فإن هذا لن يستمر طويلاً، وبالتالي عليك أن تدركي خطورة الأمر وخطورة الوضع الذي تعيشين فيه.
ما العمل؟
عليك إخبار والدتك بالأمر وليس في هذا إفشاء لأسرار بيتك، فزوجك بحاجة لمواجهة، فلو كان مريضًا فأمامه وقت محدد للعلاج.. يكفيكم أنه لم بخبركم بمرضه وهذا لون من الغش والتدليس.. وإن كان لديه مشكلات نفسية فأيضًا لا بد أن يكون هناك بعد زمني للعلاج وشفافية وصدق في الطرح، وعلى والدك اصطحابه بنفسه للطبيب ليتأكد من صدق ما يقول أيًّا كان، فإن رفض الأمر فعليه أن يتحمل الثمن، فمن حقك رفع قضية طلاق للضرر، ومن حقك رفع قضية خلع، وطبعًا له الحق أن يقوم بالطلاق الودي مع الحفاظ على كافة حقوقك الشرعية.
أعلم أن حديثي مؤلم لك، وإنه قد يكون قاسيًا أن عروسًا لم تكمل الشهرين بعد تجد نفسها في مواجهة نكدة مع الطلاق.. ولعلك تتساءلين بينك وبين نفسك وتقولين: لماذا أنا من يحدث معي ذلك؟ لماذا الرجل الذي اخترته وارتحت له والذي يعاملني بلطف هو من يكون هكذا؟ وكثير من لماذا ستطرق عقلك وليس لها إلا إجابة واحدة.. إنه الابتلاء الذي لا نعرف الصورة التي سيأتي بها، ولكن علينا القبول به والرضا بكل ما يأتي به الله عز وجل.
وأذكرك أن تقولي كل صباح ومساء "رضيت بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا" ثلاث مرات ليرضيك الله تعالى يوم القيامة برضاك في الدنيا، وأيضا قولي: "إنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها"، ففي الحديث: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف الله له خيرا منها".
ولا تعتقدي أن هذه الأذكار مجرد كلمات تقال، وإنما هي كلمات لا بد أن تلمس القلب والمشاعر ويكون العقل مؤمنًا بها حتى تؤتي ثمارها بإذن الله.
وأخيرًا أوصيك بكثرة الاستغفار حتى يكشف الله ما بك من غمة {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}؛ فالاستغفار يجعل الرحمات تتنزل عليك مدرارًا وربما تحل مشكلتك بين ليلة وضحاها فلا تستهيني به.. أسعد الله قلبك وكتب لك الخير دائمًا، وتابعيني بأخبارك.