Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 46
  • رقم الاستشارة : 1775
28/04/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دكتورة أميمة،

أنا أب لطفل عمره ١٠ سنوات، وأحتاج استشارتك التربوية لأنني بدأت أفقد السيطرة على ابني.

مشكلتي أن ابني، مع الأسف، أصبح لسانه لا يخلو من السباب والكلام البذيء في كل موقف تقريبًا، سواء كان في اللعب مع أصدقائه، أو حتى أحيانًا وهو يتحدث معنا في البيت!

ألاحظ عليه أنه سريع الغضب جدًا، وإذا ضايقه شيء بسيط أو خسر في لعبة، يبدأ مباشرة في التلفظ بألفاظ غير لائقة ومحرجة.

حاولت أن أنبهه أكثر من مرة بالكلام الهادئ، وأحيانًا بالشدة، وأحيانًا أخرى بالحرمان من بعض الأشياء التي يحبها، لكن بدون جدوى، بل أشعر أن الوضع يزداد سوءًا مع مرور الوقت.

صرت أخاف أن ينعكس هذا السلوك على سمعته في المدرسة وبين الناس، وأيضًا أخشى أن يكبر على هذا الطبع ولا أستطيع تغييره.

أريد أن أفهم، ما السبب وراء لجوء ابني لهذا الأسلوب؟ وكيف أستطيع تعديل سلوكه بشكل تربوي صحيح دون أن أزيد عناده أو أكسر نفسيته؟

أرجوكِ يا دكتورة أميمة، دليني على طريقة عملية وعلمية للتعامل معه، فأنا أريده أن يكون ولدًا خلوقًا ومحترمًا، كما كان حلمي دومًا.

الإجابة 28/04/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

أسأل الله أن يبارك لك في ابنك، ويقر عينك بصلاحه، وييسر لك أمر تربيته.

 

أخي الفاضل،

 

بدايةً، أود أن أثني على وعيك وحرصك على تقويم سلوك ابنك قبل أن يتفاقم الأمر، وهذا في حد ذاته دليل على أنك أب مسؤول ومهتم بما أمرنا الله به من حسن الرعاية. فلقد قال النبي : "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".

 

دعني أوضح لك بدايةً أن ما يمر به ابنك من كثرة التلفظ بالسباب والكلام البذيء، قد يعود إلى عدة أسباب متشابكة تحتاج إلى وعي وصبر في التعامل معها.

 

أولًا: إن استخدام الألفاظ البذيئة في عمر الطفولة المتوسطة (Middle Childhood)، غالبًا ما يرتبط بعدة عوامل، منها:

 

- سلوك الاقتداء أو النمذجة Modeling Behavior: حيث يلتقط الطفل الكلمات والسلوكيات من البيئة المحيطة به سواء في البيت أو المدرسة أو من خلال الوسائط الإلكترونية.

 

- طلب الانتباه Attention Seeking: أحيانًا يستخدم الطفل هذه الكلمات ليجذب الانتباه، سواء كان إيجابيًّا أو سلبيًّا.

 

- سوء تنظيم الانفعالات Emotional Dysregulation: ضعف قدرته على التحكم في مشاعر الغضب والإحباط يجعله يفرغها بالكلمات المسيئة.

 

التأثير الاجتماعي Social Influence: من رفاق السوء أو عبر الألعاب الإلكترونية ووسائل التواصل.

 

ثانيًا: خطوات العلاج العملية

 

1- يجب عليكم البحث والتحقق من مصادر التأثير:

 

راقب بدقة البيئة التي يتعرض لها ابنك، من أصدقاء، ومحتوى يشاهده عبر الإنترنت أو التلفاز؛ فالطفل في هذه السن يتعلم من خلال ما يسمى التعلم بالملاحظة (Observational Learning).

 

2- عليكم بتعزيز اللغة النظيفة بالمكافآت الإيجابية:

 

فعند ملاحظة استخدامه لكلمات طيبة، أثنِ عليه فورًا بما يعرف بـالتعزيز الإيجابي، وذلك بمكافأته بالكلمة الطيبة أو عمل يحبه.

 

٣- مهم جدًّا تعليمه وتدريبه على التعبير عن الغضب بطريقة صحية:

 

علمه ما يعرف بـالوعي العاطفي، أي أن يعبر عن مشاعره بكلمات لائقة دون أن يلجأ إلى الإيذاء اللفظي، كأن تقول له: "عندما تغضب، يمكنك أن تقول: أنا منزعج جدًّا، بدلًا من التلفظ بكلام سيئ".

 

٤- استخدم مع ابنك قاعدة الثواب والعقاب العادل:

 

طبق عليه ما يسمى بـ Logical Consequences (العواقب المنطقية)، فإذا تفوه بكلام بذيء، يُحرم مثلًا من نشاط يحبه لفترة محددة، مع الشرح الهادئ لسبب العقوبة.

 

٥- كونوا حريصين معه بالمنزل على أن يكون الحوار حوله ومعه هادئًا بناء:

 

خصص جلسات قصيرة معه تتحدثان فيها عن أثر الكلمة الطيبة وأثر الكلمة السيئة، مستشهدًا بقول الله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، وبيّن له أن الكلمة الطيبة صدقة كما قال النبي .

 

٦- كونوا له قدوة صالحة:

 

تذكّر أن الأطفال يتعلمون أكثر مما يُقال لهم، بما يُفعل أمامهم. أنت ووالدته وإخوته الأكبر، القدوة الأولى له.

 

ثالثًا: إليك هذه التوصيات الداعمة:

 

- أدمج تربية ابنك بالقصص القرآنية والنبوية التي تحث على حسن الخلق، فالقصص من أدوات التربية.. علمه كذلك الحديث النبوى الذي يعلمنا من خلاله رسول الله : "ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء".

 

- شجعه على مصاحبة الصحبة الصالحة، فإن الصاحب ساحب.

 

- استعن بالدعاء، فهو سلاح المؤمن. أكثر من قول: "اللهم أصلح لي ذريتي، واهدهم صراطك المستقيم".

 

أخي الكريم، كن صبورًا ومتفائلًا.. فالتغيير السلوكي عند الأطفال يتطلب وقتًا وصبرًا ومثابرة، فلا تتوقع تحولًا فوريًّا. قال تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ فالاصطبار مفتاح النجاح التربوي.

 

* همسة أخيرة:

 

اطمئن، فما دام قلبك مليئًا بالحرص والخوف على ابنك، فأنت -بإذن الله تعالى- على طريق الإصلاح، وعما قريب ترى ثمرة جهدك صبيًّا تقيًّا نقيًّا.

 

أسأل الله أن يعينك، ويرزقك الحكمة والرفق في رعاية ولدك.

الرابط المختصر :