Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. موسى المزيدي
  • القسم : إدارية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 31
  • رقم الاستشارة : 2001
18/05/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، دكتور، بعد كتابة الأهداف، كيف تكون الأهداف أمامي وحاضرة في ذهني دائما؟ وما الطريقة المُثلى لذلك؟

الإجابة 18/05/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحبًا أخي الفاضل على موقع استشارات المجتمع، وبعد:

 

تحدثنا حول حرف الميم من معادلة "محو" وذكرنا أن حرف الميم هو الأهداف المكتوبة وأهميتها في تحقيق الأهداف.

 

وسأكمل اليوم بقية المعادلة، وأبدأ بحرف الحاء، وهو يرمز إلى كلمة "حاضرة"، أي أن تكون الأهداف حاضرة بالذهن. بالله عليكم كيف أجعل الأهداف حاضرة بالذهن دائما؟

 

طريقة حفظ الأهداف

 

سألت هذا السؤال مجموعه من المتدربين عندي في إحدى الدورات التدريبية، فأجاب أحدهم بأن أكتبها على وسيلة بخط رائع وبإطار متميز وأن أعلق هذه الوسيلة عندي في البيت أو أعلقها في غرفة النوم أو المكتب حتى لا يطلع عليها أحد، جيد، هذه طريقة، فكلما دخل الإنسان إلى بيته أو غرفته قرأ هذه الأهداف فتصبح حاضرة في ذهنه.

 

بعضهم ممن يدرس علم الحاسوب والكمبيوتر، وكلما فتحت جهاز الحاسوب أول صفحة على شاشة الكمبيوتر هي أهدافي المكتوبة، فكلما فتحت الحاسوب ظهرت لي وأقرؤها حتى تصبح دائما حاضرة في ذهني. هذه تعتبر طريقة رائعة جدًّا.

 

قال آخر أكتبها على قصاصة ورق وأضعها داخل دولاب الملابس، حتى أقرأها، وكلما فتحت الدولاب كانت أهدافي حاضرة في ذهني. كل هذه الطرق جيدة للتذكير بالأهداف دائمًا.

 

أخي الفاضل، في الحديث النبوي الشريف الذي ذكره النبي حين نزلت عليه آية التوبة في كعب بن مالك وصديقيه، يقول فيه كعب بن مالك: "يا رسول الله إنما الله تعالى أنجاني بالصدق وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقًا ما بقيت"، ثم بعد أن توفي الرسول يقول كعب: بعد ذلك والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك إلى رسول الله إلى يومي هذا، وإني أرجو أن يحفظني الله تعالى فيما بقيت. انظروا كيف رفع كعب بن مالك إلى نفسه هدفًا وهو ألا يكذب أبدا، وكيف ظل هذا الهدف حاضرًا في ذهنه إلى أن توفاه الله.

 

واضح جدًّا ضرورة أن يكون الهدف حاضرًا في الذهن يقرؤه الإنسان مساءً وصباحًا.

 

الواقعية

 

ثالثا: حرف الواو: ما سر هذا الحرف، أخي الكريم، حرف الواو يرمز إلى "الواقعية" أن يكون الهدف واقعيًّا، من الخطأ أن يرفع الإنسان إلى نفسه هدفًا غير واقعي.

 

اقرأ -أخي- هذه القصة التي حدثت في عصر الرسول ﷺ حين جاء أحد الصحابة وهو "الباهلي" فقال: يا رسول الله أما تعرفني! كأنه استغرب أن رسول الله لم يعرفه، فقال الرسول فما غيرك؟ وقد كنت حسن الهيئة حينها عرفه الرسول أنه الباهلي لذا سأله عن الذي غيره، فأجاب الباهلي ما أكلت طعامًا منذ أن فارقتك إلا بليل، أي أنه كان يصوم, يصوم صوم الدهر فقال عليه السلام عذبت نفسك ثم قال صم شهر الصبر (أي شهر رمضان) ويومًا من كل شهر.

 

هكذا كان الرسول عليه السلام يعلم الصحابة أن يرفعوا أهدافًا واقعية، هذا الهدف الذي رفعه الباهلي لم يكن واقعيًّا، رفع له هدفًا أن يصوم الدهر وهذا ليس هدفًا واقعيًّا لكن الرسول عليه السلام علمه أن يكون واقعيًّا حتى في رفعه للأهداف.

 

هذه المعادلة –أخي- "معادلة محو" من الضروري جدًّا أن نقوم بتطبيقها في حياتنا في تحديدنا لأهدافنا، الميم أن تكون الأهداف مكتوبة، الحاء أن تكون الأهداف حاضرة في الذهن والواو أن تكون الأهداف واقعية.

 

سبب عدم تحقيق الهدف

 

في إحدى المدارس الثانوية كنت ألقي محاضرة حول ضرورة تحديد الأهداف لطالبات تلك المدرسة، وصلتني ورقة من إحدى الطالبات تقول فيها أيها الدكتور وضعت هدفًا لنفسي وكتبته على ورقة وهو أن أقوم بتخفيف وزني في مدة معينة مع تحديد الوزن المفقود وفي كل مرة أفشل في تحقيقه، مع العلم أني حاولت أكثر من مرة.. فما الحل؟

 

إذن هذا هو الهدف، نعم تم تحديد الهدف, تم تحديد المدة الزمنية, تم كذلك المحاولة أكثر من مرة، لكن الطالبة وقعت في خطأين:

 

الواقعية مفقودة، الطالبة لم تكن واقعية, فحين جلست معها اتضح أن الوزن الذي حددته لنفسها خلال فتره معينة كان كبيرًا، عليها أن تجعل هذا الوزن محددًا ومعقولاً خلال فترة مناسبة وحسب إرشادات الأطباء.

 

الخطأ الثاني الذي وقعت به تلك الطالبة هو عدم تمسكها بهذا الهدف وعدم كتابتها له بطريقة بحيث يكون حاضرًا في ذهنها.

 

إذن يوجد أمران مفقودان، أولهما الهدف لم يكن حاضرًا في الذهن باستمرار، والثاني لم يكن واقعيًّا صحيح أنها كتبت هذا الهدف وتمسكت بشروط هذا الهدف ولكنها نسيت أن يكون هذا الهدف واقعيًّا أو حاضرًا في الذهن على الدوم.

 

عادة مكتسبة

 

وكتابة الأهداف عادة مكتسبة، فالشخص الذي ليس عنده أهداف مكتوبة يستطيع أن يمارس هذه العادة إلى أن تصبح تلقائية فيكتب أهدافه على الدوم. أنا الآن أسأل أي شحص هل أهدافك مكتوبة على ورقة في مكان ما؟ في جيبك؟ معلقة على جدرانك بيتك؟ بين ملفاتك؟ في بيتك؟

 

إذا لم تكن لديك أهداف مكتوبة يجب أن يكون أول عمل تبادر إليه هو كتابة أهدافك، لكن الأمر ليس سهلا على الإطلاق؛ لأن هذا الدماغ ليس مبرمجًا على عادة كتابة الأهداف، الإنسان يلزمه فترة زمنية في المتوسط لا تقل عن واحد وعشرين يوما للشخص العادي لبرمجة الدماغ على ذلك.

 

وهذا ما يذكره العلماء، وكما يقول العالم "ماكس ويلمالتز" الذي لديه كتاب رائع في علم النفس يتحدث فيه عن التريث، عن أهمية برمجة الدماغ، عن أهمية تعويد هذا الدماغ على كتابة الأهداف، والمدة الزمنية التي يحتاجها الإنسان لذلك.

 

يستطيع الإنسان أن يقلص فترة الواحد وعشرين يوما التي تكلم عنها علماء النفس إذا رفع لنفسه حوافز، الحوافز تلعب دورًا في تقليص هذه الفترة وأقوى الحوافز على الإطلاق هو الحافز الإيماني العقائدي.

 

وهناك من قصص الصحابة ما تبهر الإنسان حينما يعرف أن هناك إنسانًا كافرًا وبمجرد سماعه لآية ينقلب رأسًا على عقب ويعيد برمجة دماغه في لحظة ولا ينتظر فترة الواحد وعشرين يوما. إذن فترة الـ21 يومًا هي للشخص العادي حيث يحتاج هذه الفترة لبرمجة دماغه.

 

شركة "موتورولا"

 

شركة "موتورولا" الأمريكية رفعت لنفسها غاية ثم هدفا ثم مهام، فانطلق الموظفون لتحقيق هذه الغاية والهدف والمهام. أما الغاية فكانت أن يقوموا بإرضاء جميع العملاء ثم الذي يدخل منكم لهذه الشركة يلاحظ أن كل موظف قد علق على صدره بطاقة مكتوبًا عليها الهدف الذي ينبغي لهذا الموظف أن يحققه وينجزه ثم بعد ذلك يعيش باقي يومه بالمهام المستمرة.

 

خلاصة الأمر أن رفع الهدف والغاية يعين الإنسان على الانطلاق ويتحسس دربه في الوصول إلى تحقيق تلك الأهداف والغايات.

الرابط المختصر :