الإستشارة  -   المستشار :  د. أميمة السيد 
-  القسم : الشباب 
-  التقييم :   
-   عدد المشاهدات :   38 38
-  رقم الاستشارة : 3040 
22/10/2025
 
السلام عليكم، أنا زوجة عمري ٢٦ سنة ومتزوجة من سنتين. ودي أحچي عن شي يضغط عليّ من فترة، أحس إني مو بس أحب أشتري، لكن صارت عندي هوس بالشراء.
أصير أفتح مواقع التسوّق ويبالي قلبي يدق، وأشتري أشياء حتى لو ما أحتاجها. أغلب مشتريّاتي أونلاين وبالذات بالليل لما أشعر بأرق من نهاري أو لما أكون متقلّبة المزاج.
أصير أطلع مشتريات كثيرة كل أمّ شهر، وأحياناً أصرف مبالغ فوق اللي نتفق عليه مع زوجي للبيت.
جربت أقلل وأقفل بطاقتي بس ألاقي نفسي بأستخدم بطاقته أو أسوي طلبيات عن طريق صديقاتي، وبعدها أحس بذنب كبير وأخبّي الكراتين والشيوهات.
مرات زوجي يسأل وين راحت فلوس الحساب ونعدل، ونصير نتخانق، وهذا يزيدني توتر ويدفعني أشتري أكثر كتعزية.
أحب الأشياء الجديدة وأتباهى فيها بس بعد فترة ما ألبسها ولا أستخدمها، تصير مجرد قطع تتراكم عندي. لما أحاول أمسك نفسي، أشعر بفراغ كبير وخوف من إن ما أقدر أوقف، وأفكّر إني ممكن أكون مريضة أو مهووسة. في عندي قلق من المستقبل لأنه صار في ديون بسيطة من التسوّق وعلى حساب المصروفات اليومية.
أنا مو حابة أخسر احترام زوجي ولا أثقل عليه، وأريد حل عملي يخلّيني أتحكّم. جربت أشتغل جدول ميزانية ونزيل تطبيقات التسوق، لكن ما طول معي.
أحتاج نصيحة نفسية: شلون أتعامل مع الرغبة المتكررة؟ شلون أوضح للزوج اللي يصير بدون ما يصير بينا جروح؟ وهل هالشي ممكن يكون اضطراب يستلزم علاج؟ أبغى طرائق قابلة للتطبيق تساعدني أوقف الهوس وأرجع وأكون مسؤولة ماديًّا ونفسيًّا.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
ابنتي الغالية، حفظكِ الله وشرح صدركِ وبارك فيكِ وفي زواجكِ،
أول ما أود أن أهنئكِ عليه هو وعيكِ العالي بنفسكِ وشجاعتكِ في الاعتراف بالمشكلة والسعي لطلب المساعدة، فهذه الخطوة بحد ذاتها تمثل أول وأهم مراحل العلاج النفسي الأسري، لأن الاعتراف بالمشكلة بداية الحل، والإنكار هو ما يجعلها تتفاقم.
اضطراب الشراء القهري
ما تصفينه يُعرف في علم النفس الأسري والسلوكي بمصطلح Compulsive Buying Disorder أو اضطراب الشراء القهري، وهو سلوك اندفاعي (Impulsive Behavior) مرتبط بمحاولة تهدئة التوتر النفسي أو سد فراغ عاطفي أو البحث عن شعور مؤقت بالتحكم والسعادة، خاصة عندما تكون المرأة تحت ضغط نفسي أو تشعر بنقص التقدير أو الرتابة اليومية.
من المهم أن تعلمي أن الشراء في ذاته ليس خطأ، ولكن حين يتحول إلى آلية دفاعية نفسية (Defense Mechanism) للتخفيف من القلق أو لتغطية مشاعر الوحدة أو الفراغ الداخلي، يصبح سلوكًا يحتاج إلى إعادة ضبط وتنظيم.
الضعف في تنظيم الانفعالات
أولاً: لا بد من الفهم النفسي للمشكلة:
غالباً ما يكون هذا النوع من السلوك مرتبطاً بحالة تُسمّى Emotional Regulation Deficit أي ضعف في تنظيم الانفعالات. فعندما يمرّ الإنسان بضغط نفسي أو شعور بالملل أو الحزن، يبحث عقله عن وسيلة تعويضية تمنحه Dopamine سريعًا، وهو الهرمون المسؤول عن المتعة، والشراء هنا يصبح الوسيلة الأسرع لذلك. ولكن سرعان ما يزول الأثر، ويأتي الشعور بالذنب، فتدور الدائرة مرة أخرى.
خطوات للعلاج
ثانيًا: المعالجة الأسرية الواقعية:
1- إعادة تعريف السعادة..
اجعلي سعادتكِ لا ترتبط بالماديات، بل بالإنجازات الصغيرة، كترتيب ركن في البيت، أو قراءة كتاب، أو نجاحكِ في التوفير. فالسعادة الدائمة تنبع من الرضا الداخلي لا من المقتنيات الزائلة.
فقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾، والإسراف هنا لا يقتصر على الطعام والشراب، بل يشمل المال والمشاعر والطاقة أيضًا.
2- المصارحة الآمنة مع الزوج..
اختاري وقتًا هادئًا للحديث مع زوجكِ، وتحدثي بصدق دون تبرير أو لوم، واشرحي له أنكِ تسعين فعلاً للعلاج والتغيير. فالصراحة تُعيد الثقة الأسرية، وتمنح الزوج فرصة ليكون داعمًا لا ناقدًا.
3- خطة عملية لضبط السلوك..
- حددي ميزانية شهرية ثابتة للشراء، ولا تتعدّيها مهما حدث.
- استخدمي طريقة Delay Technique أي تأجيل الشراء 48 ساعة قبل اتخاذ القرار، وستجدين أن 80٪ من الرغبات تزول بعد التفكير.
- اكتبي كل عملية شراء في دفتر خاص، ودوّني إحساسكِ قبل وبعد الشراء لتكتشفي المحفزات النفسية لديكِ.
- استبدلي بعادة التسوق عادة إيجابية مثل ممارسة رياضة خفيفة أو التطوع أو العناية بالزراعة المنزلية، فالعقل لا يُلغي عادة إلا باستبدال بها أخرى.
4- الدعم النفسي والعلاجي..
لا مانع من استشارة أخصائية نفسية متخصصة في Cognitive Behavioral Therapy (العلاج المعرفي السلوكي)، فهو من أنجح الأساليب في معالجة الاندفاع الشرائي من خلال تعديل الأفكار والمحفزات التي تسبق الفعل.
5- كما أوصيك غاليتي بالمداومة على الدعاء بالرضا والقناعة..
فالقناعة ليست حرمانًا، بل راحة نفسية، وشعور بالسعادة وقد قال ﷺ: "ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس".
الوعي بالمسؤولية المادية والنفسية
واعلمي يا عزيزتي أن الأسرة المتوازنة تحتاج إلى وعي بالمسؤولية المادية والنفسية معًا؛ فإدارة المال هي جزء من التربية الأسرية المالية والوعي التربوي الأسري العميق، وهي مهارة تتطلب تدريبًا وممارسة لا بد منها وخاصة فيما بعد مع وجود أبناء يحتاجون لكثير من المصروفات، ووقتها الأعباء المادية ستزداد على زوجك أعانه الله، فرحمة به تعودي على الاقتصاد.
وأنتِ الآن في بداية طريق التغيير، والجميل أنكِ تملكين الوعي والرغبة، وهما أهم أدوات للنجاح في أي ضبط للذات.
* همسة أخيرة:
لا تقسي على نفسكِ يا بنتي، فالعلاج النفسي يحتاج إلى صبر ومكافأة ذاتية عند كل تقدّم. استبدلي بعبارة "أنا مهووسة" عبارة "أنا أتعلم التحكم"، فالكلمة تصنع الفكرة، والفكرة تصنع الفعل، والفعل يغيّر الواقع.
أسأل الله أن يرزقكِ الاتزان النفسي والمالي، وأن يجعل بيتكِ عامرًا بالسكينة والرضا.
روابط ذات صلة:
ثقافة الاستهلاك لدى الشعوب المسلمة.. كيف أصبحنا استهلاكيين لهذه الدرجة؟
مجتمعنا والاستهلاك الترفي لغز اقتصادي!
المرأة والاستهلاك.. رؤية اقتصادية
 
 