الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : الأطفال
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
53 - رقم الاستشارة : 2808
27/09/2025
دكتورة أميمة،
بغيت نستاشر معاك فواحد الموضوع اللي مقلقني بزاف على بنت خويا اللي عندها دابا ٧ سنين. المشكل هو أنها من اللي كانت صغيرة وكل مرة كتشوف نملة قريبة منها كتولي تصرخ بطريقة هستيرية، وكتعرق كامل جسمها، وكتبان عليها الرعشة حتى كتقرب توصل للإغماء.
احنا كنا نظن أنه مع الكبر ديالها غادي يخف هاد الخوف شوية بشوية، ولكن بالعكس باقي كيتكرر نفس الشي بنفس القوة، وهادشي مخليني خايفة عليها بزاف خصوصًا فالمستقبل كيفاش غادي تواجه حياتها مع هاد النوع ديال الرعب.
صراحة ما عرفتش آش ندير معاها، واش هاد الحالة طبيعية ولا كتعتبر مرضية؟ وكيفاش ممكن نعاونوها باش تتجاوز هاد الخوف وتعيش حياتها بشكل طبيعي؟
بارك الله فيكِ –غاليتي- على اهتمامك بابنة أخيكِ وحرصكِ على سلامتها النفسية، وهذا دليل على الوعي الأسري والإحساس بالمسؤولية تجاه الطفلة.
الرهاب النوعي
ما تصفينه من صراخ هستيري، تعرق شديد، ورعشة تصل إلى حد الإغماء عند رؤية النمل، هو حالة لا تدخل في نطاق الخوف العادي، وإنما أقرب إلى ما يُسمّيه علم النفس التربوي الرهاب النوعي (Specific Phobia)، وهو خوف شديد وغير متناسب من شيء معيّن، يؤدي إلى استجابة فسيولوجية قوية، مثل زيادة ضربات القلب، التعرق، الدوخة، وحتى فقدان الوعي أحيانًا.
فهم الحالة
وسوف أوضح هنا بعض النقاط المهمة لفهم الحالة:
1- الفرق بين الخوف الطبيعي والرهاب المرضي:
- الخوف الطبيعي (Normal Fear) يكون متناسبًا مع الموقف ويقل تدريجيًّا مع التكرار.
- أما الرهاب (Phobia) فيبقى ثابتًا أو يزداد مع الوقت، ويؤثر على الحياة اليومية، وهذا ما يحدث مع صغيرتكم.
2- التوقع بأن العمر سيعالج المشكلة غير دقيق: إذ إن الرهاب لا يختفي تلقائيًّا مع النمو، بل يحتاج إلى إعادة برمجة معرفية وسلوكية (Cognitive-Behavioral Intervention) لمساعدة الطفل على مواجهة مُثيرات الخوف تدريجيًّا.
٣- الأثر النفسي المستقبلي: ترك الحالة من دون علاج قد يؤدي إلى تعميم الخوف (Fear Generalization)، أي أن تنتقل فوبيا النمل والخوف منه، إلى الحشرات عمومًا أو إلى مواقف أخرى، مما يضعف من الكفاءة النفسية للطفلة.
خطوات عملية للتعامل مع الطفلة
* وهنا ينبغي أن نتبع خطوات عملية للتعامل مع الطفلة:
- الاحتواء العاطفي (Emotional Containment): لا تسخروا من خوفها ولا تقللوا من شأنه، بل أظهِروا التعاطف وطمئنوها.
- التدرج في التعرض (Gradual Exposure): وهذا أساس العلاج السلوكي؛ أن نعرضها لمثير الخوف بشكل تدريجي: صور نمل، فيديو قصير، مجسم صغير... مع توفير جو آمن وهادئ، حتى يعتاد جسدها على الاستجابة بشكل أخف.
- اتباع التقنيات الاسترخائية (Relaxation Techniques): علّموها تمارين التنفس العميق والعد البطيء حين تشعر بالخوف، فهذا يساعد على خفض الاستثارة الفسيولوجية.
- ومن الضروري الدعم الأسري المستمر: أشركوا الأبوين في الخطة، فالاتساق في التعامل مع الطفلة يعزز شعورها بالأمان.
- ويمكنكم الاستعانة بمتخصص: فإن استمرت الأعراض بنفس الحدة من Ant phobia فوبيا النمل، يُفضّل عرضها على أخصائي نفسي للأطفال؛ ليستعمل أساليب مثل العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy - CBT) وهو الأكثر فاعلية في علاج مثل هذه الحالات.
- ولا تنسوا أن تذكّروا الطفلة بأن الله سبحانه خلق كل شيء لحكمة، وأن النمل مذكور في القرآن الكربم: ﴿حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾.. ويمكن تحويل القصة إلى معنى إيجابي في ذهنها بأن النمل مخلوق صغير مسالم، بل له أدوار نافعة في الطبيعة.
* همسة أخيرة للعمة الإيجابية:
اعلمي -يا عزيزتي المغربية- الجميلة أن: الخوف مرضيًّا كان أو طبيعيًا ليس عيبًا، وإنما المهم هو كيفية التعامل معه. وحرصكِ على الاستشارة هو أول خطوة صحيحة نحو العلاج. فاطمئني، فالعلاج ممكن وفعال بإذن الله، وبتعاون الأسرة ودعمها ستتجاوز الصغيرة هذه الأزمة وتستعيد توازنها النفسي.
روابط ذات صلة: