الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : الأطفال
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
100 - رقم الاستشارة : 2671
11/09/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أم لفتاة عمرها عشرة سنوات، وأحتاج استشارة تربوية عاجلة لأنني أشعر بقلق كبير حيال موضوع لم أتمكن من حسمه داخل العائلة.
باختصار: طفلتنا لم تُختَن. لم يحدث ذلك عندما كانت رضيعة — السبب أنه في وقت الولادة لم تتفق ظروف العائلة على هذا الأمر، وأنا شخصيًّا كنت مترددة ورفضت في ذلك الوقت. منذ فترة بدأت تزداد ضغوط من بعض نساء العائلة (والدة زوجي وبعض القريبات) لإجراء الختان الآن وهي في سن الطفولة، بحجة "التقاليد" أو "الحياء" أو "الزواج المستقبلي". هناك أيضًا من يلمّح بأن أطفالا آخرين في المدرسة خضعوا لذلك، وأن ابنتي ستكون "مختلفة" أو "محرجة" إن بقيت كما هي.
وابنتى بدأت تسألني باستمرار عن جسدها، وتقول إن بعض الصديقات تحدثن في المدرسة عن مواضيع محرجة، وأرى عليها الخوف والارتباك أحيانًا. لا أعرف كيف أجاوبها بلغة مناسبة لعمرها دون أن أثقل عليها، وفي نفس الوقت أخشى أن تتعرض للتنمّر بالمدرسة أو لضغوط منزلية قوية تجبرها على إجراء شيء لا نرغب فيه أو قد يضرها.
وأيضًا أثر ذلك عليّ كأم، فأشعر بالذنب لأنني لم أحسم الموضوع منذ الصغر، وأشعر أيضًا بعجز أمام ضغوط الأهل. أخشى أن تتخذ العائلة خطوات سريعة بدون موافقتي أو بدون أن أجهز ابنتي نفسيًّا. أريد حماية صحتها الجسدية والنفسية وفي نفس الوقت لا أريد أن أخلق انقسامات عائلية كبيرة أو صراعات تجعل الوضع أسوأ للطفلة.
شكرًا جزيلاً.
أختي العزيزة، بارك الله في حرصك وخوفك على ابنتك، فهذا دليل على وعيك ونضجك العاطفي، ومسؤوليتك التربوية.
ما ذكرتِه يُظهر التحدي بين ضغوط العادات وبين صوت الفطرة والرحمة في قلب الأم.
أولاً: من الناحية النفسية والتربوية، فإن طفلتك في سن العاشرة تحتاج إلى الأمان النفسي (Psychological Safety) أكثر من أي إجراء شكلي، وأي مساس بجسدها دون وعي منها يهدد ثقتها بنفسها ويضعف ثقتها بنفسها وجسدها، وهذا قد يترك آثارًا طويلة المدى على هويتها الأنثوية.
ثانيًا: من الناحية الأسرية، حاولي أن تواجهي ضغوط العائلة بالحكمة، فالحزم اللين هو الأسلوب الأمثل.
لا تسمحي بتنفيذ أو اتخاذ أي قرار يخص ابنتك دون علمك، وفي الوقت نفسه استخدمي لغة دينية رصينة، فقد قال النبي ﷺ: "لا ضرر ولا ضرار"، وهو أصل شرعي يمنع الإيذاء.
ثالثًا: مع ابنتك، استخدمي أسلوب التثقيف التربوي (Educational Guidance) المبسط.. أخبريها أن جسدها أمانة من الله تعالى ويجب أن تصونه، وأن الاختلاف بين الناس أمر طبيعي لا ينتقص من قيمتها، وبذلك تعززين لديها الوعي الذاتي (Self-Awareness) والقدرة على مواجهة التنمر (Resilience).
رابعًا: إن استشعرتِ ضغطًا اجتماعيًّا متزايدًا، يمكنك الاستعانة برأي طبي رسمي أو فتوى موثوقة، فهذا يدعم موقفك ويوفر لك سندًا عمليًّا أمام الأقارب.. اتفقي مع من يخالفك الرأي في العائلة أن تعرضوا البنت على طبيبة مسلمة متخصصة، وأن رأيها سيكون هو الحاسم، إن كانت تحتاج بالفعل إلى ختان أم لا تحتاج .
* همسة أخيرة:
تذكري أن التربية ليست فقط حماية الجسد، بل هي بناء نفس سوية مطمئنة، ولا بد ألا نسمح لأي عادة خاطئة أو غير شرعية ومؤذية نفسيًّا وقد تتسبب في إيذائنا من الانسياق لها دون إعمال عقولنا..
وكما قال الشاعر:
وإذا النساء نشأن في أميةٍ ** رضع الرجال جهالةً وخمولاً
فكوني قدوةً لابنتك، بالعلم والوعي والرحمة، وستجدين أن موقفك سيترك في حياتها بصمة نور وأمان.