23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 15/01/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. زوجي يستمع للغناء والموسيقى، وكذلك اكتشفت أنه يشاهد المواقع الإباحية على النت، فكيف أتصرف معه؟ وهل أواجهه مع العلم أنه يدعي التقوى، ويقول لي: لا تنظري إلى التلفاز أو حتى إلى البرامج الهادفة. مع العلم أنه يصلي ويشارك في بعض الأعمال الخيرية، ولا أدري ماذا أفعل معه وكيف أتصرف. وهو عصبي جدا معي ومع والدته، وعند الغضب يتفوه بكلمات لا تروق لي، وعندما أعاتبه يقول: لقد كنت غضبانا.. ماذا أفعل؟

الإجابة 15/01/2025

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أختي الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبًا بك، وشكر الله لك حرصك على أن يكون زوجك من الطائعين لله -عز وجل- البعيدين عن معصيته.

أولا: ليس المصلون والعاملون في الحقل الخيري –أختي الكريمة– بالملائكة الذين لا يخطئون، وليسوا أبدًا معصومين ومنزهين عن الوقوع في المعاصي؛ فـ«كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون»، كما قال صلى الله عليه وسلم، وقد كان في الجيل الأطهر والأعظم والمزكَّى من الله ورسوله –وهم جيل الصحابة– عصاة ارتكبوا كبائر وصغائر بحكم بشريتهم، فلماذا نفترض في أحد اليوم أن يكون من الملائكة، وأن يكون أفضل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

هذا مفهوم يجب أن ندركه أولًا حينما نتعرض لمثل هذه المشكلات، وليس معنى هذا أننا نقر أحدًا على أخطائه ومعاصيه، حاشا لله، ولكن الهدف هو أن نستوعب تلك الأخطاء والمعاصي ونضعها في حجمها الصحيح، ولا تسبب لنا إزعاجًا يلهينا عن علاجها وتصحيحها، وندرك أنه ليس هناك الآن معصومون على وجه الأرض، مهما كانوا؛ فالفتنة أختي الكريمة لا تؤمَن على حي، نسأل الله العفو والعافية.

ثانيًا: أما بالنسبة لما تأخذينه على زوجك، فتعالي نتكلم في كل شكوى ذكرتِها على حدة:

بالنسبة لاستماعه للموسيقى والغناء، فلا أدري أي نوع من الغناء أو الموسيقى يستمع إليها زوجك، فالمسألة فيها تفصيل لدى الفقهاء، ولا يجوز أن نحكم على أمر كهذا بإطلاق، ونشعل الخلاف حول أمر مختلف فيه. ولست هنا في مقام الإفتاء، ولكني أود أن أذكِّرك أن الأمر فيه خلاف يجب أن نستوعبه، فانظري إلى ما يستمع إليه زوجك، فإن كان من قبيل ما أحله بعض الفقهاء بشروطهم، فلا يجب عليك الإنكار عليه في ذلك، ولكن يمكنك أن تنصحيه بعدم الإكثار منه؛ لأن الإكثار من المباحات يجر إلى الحرام أحيانًا، ويلهي عن الواجبات.

أما إن كان ما يستمع إليه من قبيل الغناء المحرَّم، فيجب عليك في هذه الحالة أن تنكري عليه ذلك، ولكن باتباع وسائل دعوية تحقق الهدف ولا تخلق هوة بينكما وتتسبب في مشكلات عائلية، ولا تجعله يزداد عنادًا وإصرارًا. فبعض الرجال يترفعون وتأخذهم العزة بالإثم تكبرًا وعنادًا إن جاءتهم النصيحة والنهي والإنكار بشكل مباشر من زوجاتهم، ولا ينجع معهم إلا طرق أخرى، سأحدثك عنها بعد قليل.

ثالثًا: أما بالنسبة لمشاهدته للمواقع الإباحية، فلا يختلف اثنان على حرمة ذلك بالطبع، فهو أمر مستقبح شرعًا وعقلًا، وعواقبه وخيمة على الفرد والأسرة والمجتمع.

رابعًا: أما عن الوسائل التي يمكنك اتباعها مع زوجك ليقلع عن سماعه للغناء المحرم ومشاهدته للمواقع الإباحية، فأنصحك بالآتي:

1- إياك والنهي المباشر، وإشعار زوجك بأنه يتلقى منك تعليمات أو أوامر، واحذري من نظرات الاتهام والاحتقار، خاصة وقد ذكرت أن زوجك عصبي وينفعل بسرعة.

2- ابحثي عن الأسباب التي تدعوه لتلك الأفعال، فقد يكون من ضمن أسبابه إهمالك لاحتياجاته النفسية والبدنية، فيبحث عن إرواء لها من خلال تلك القبائح، فتفقَّدي –أختي الكريمة- أحوالك واهتمامك بهيئتك وملابسك وزينتك ونظافتك الشخصية وتلبية احتياجاته العاطفية والبدنية، مع الحرص على التجديد والابتكار في كل ذلك، وكما يقول المصريون: «املئي عينيه» حتى لا ينظر لغيرك، وكل لبيب بالإشارة يفهم.

3- إياك أن تُشعريه بالمراقبة والتجسس عليه، وكذلك لا داعي للتلميحات والهمز بالكلام، فهذا سيؤدي به إلى العناد.

4- إياك أيضًا أن تفضحيه بين أقاربه أو أصدقائه بدعوى أن ينصحوه أو يساعدوك في إصلاحه؛ بل استري عليه زلته وهفوته وأقيلي عثرته، وتأكدي أنه سيحفظ لك ذلك الفعل، أما إن قمت بالعكس فسيخلق هذا شرخًا كبيرًا في علاقتكما، وسيجعله يفقد الثقة بك وبكونك أمينة على أسراره.

5- اعلمي –أختي- أن زوجك لا ينقصه العلم بحرمة ما يفعل، بدليل أنه ينهاكم عنه، ولكن ما يحتاجه زوجك حقيقة هو رفع منسوب الإيمان لديه، وهذا سيتأتى عن طريق دعوته بحب ليشاركك في أنشطة إيمانية، كصلاة ركعتين معًا في جوف الليل، والاجتماع على تلاوة شيء من القرآن بصفة دورية، أو الصيام والإفطار معًا. وقولي له إنك أنت التي تشعرين بحاجتك لهذا، وإنك تتمنين منه أن يساعدك.

6- احرصي على تشجيعه للقيام بأعمال مفيدة تشغل وقته، فحثيه على تكثيف عمله الخيري، وعدم التكاسل عنه، مذكرة إياه بالثواب الذي سيجنيه من ذلك، واحتياج الناس لجهوده.

7- لا تهملي سلاح الدعاء، فهو أمضى سلاح، وأنجع دواء، فتوجهي إلى ربك –سبحانه- بالدعاء الحار أن يهدي زوجك ويعصمه من هذه الفواحش.

في النهاية، أعلم أن المهمة شاقة؛ لكن الثواب المترتب عليها من قبل الله -عز وجل- يستحق هذه المشقة وهذا التعب، وتذكري وعد الحبيب -صلى الله عليه وسلم: «لئن يهدي الله بك رجلًا خير لك من حمر النعم»، وزوجك أحق الناس بأن تسعي لهدايته.

وفقك الله أختي، وأصلح لك زوجك، وتابعينا بأخبارك.