Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : إيمانية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 93
  • رقم الاستشارة : 1252
11/03/2025

أنا شاب وقعت والعياذ بالله في الزنا، وأنا عمري الآن 24 سنة، وأنا تبت ولله الحمد، ولكني خائف من مرض الإيدز، الله يبعدنا عنه، فماذا أعمل الآن وأنا طالب جامعي في آخر سنة لي، ومقبل على الزواج. أرشدني بارك الله فيك.

الإجابة 11/03/2025

ولدي العزيز، مرحبًا بك، ونشكر لك ثقتك بنا، ونسأله عز وجل أن يجمعنا وإياك في مستقر رحمته، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وبعد...

 

فهنيئا لك توبتك ولدي، والله نسأل أن تكون تلك التوبة نصوحًا خالصة لوجهه، وهذا ما ندعوك لتأكيده في نفسك وقلبك، فللشيطان اللعين مداخل عدة يحاول من خلالها جاهدًا أن يفسد توبة العبد ونيته فيها، فعليك الحذر منها، وإياك أن تكون هذه التوبة لمجرد خوف من الإصابة بالأمراض، بل يجب أن تستوفي هذه التوبة شروطها، حتى تكون مقبولة من الله عز وجل، وتتحقق آثارها من محو للذنوب، ورفع للدرجات، ونيل لرضا الله عز وجل، وهذه الشروط هي:

 

1- أن تكون هذه التوبة ابتغاء مرضاة الله عز وجل؛ لا خوفًا من غيره، ولا عجزًا عن فعل المعصية.

 

2- الإقلاع تمامًا عن الذنب، وهجر أسبابه ودواعيه.

 

3- الندم على الذنب ندمًا شديدًا، يجد العبد ألمه في قلبه.

 

4- العزم على عدم تكرار الذنب في مستقبل الحياة.

 

5- الاستدراك بزيادة الطاعات والمكفِّرات.

 

6- رد الحقوق إلى أصحابها، إن كان الذنب متعلقًا بحق من حقوق العباد.

 

هذا أولاً -ولدي الحبيب- وهو ما يجب أن تحرص عليه ابتداء وانتهاء، فمرض الجسد قد يُذهب دنياك أو شيئًا منها، أما مرض القلب والروح فإنه يذهب دينك ودنياك وآخرتك، نسأل الله العفو والعافية.

 

يقول عمر رضي الله عنه: «جالسوا التوابين فإنهم أرقُّ أفئدة»، فتحقق ولدي من صدق توبتك، وفتش في قلبك، فإن وجدت فيه كراهية للمعصية، وندمًا عليها، واستشعار الخوف من عقاب الله عز وجل، مع الرجاء في عفوه، ووجدت في نفسك خشوعًا وإقبالاً على الطاعات والقربات، فذاك علامة صحة توبتك وقبولها، وإن وجدت غير ذلك فاجتهد في إصلاح شأنك وعلاقتك بربك، فهي أولى وأولى، ثم يأتي بعدها أي شيء.

 

فإن أتممت شروط التوبة، فحافظ عليها، وصُنها، وأبشر بما قاله المولى عز وجل عن المتَّقين: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) [آل عمران: 135، 136].

 

وأبشر أيضًا بوعد الله عز وجل بقبول توبة التائبين، وغفران ذنوب المسيئين، وسبحانه لا يُخلف وعده، حيث يقول: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا * جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا * تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا) [مريم: 60– 63]، ويقول: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا) [الفرقان: 70، 71].

 

أما بالنسبة لخوفك من الإصابة بمرض الإيدز، وما يسببه لك هذا الخوف من قلق واضطراب، فيمكنك التخلص من هذه المخاوف ببساطة، عن طريق الذهاب إلى أي معمل تحاليل في بلدك يقوم بإجراء تحاليل الإيدز، وعمل هذه التحاليل دون حرج، فعلى حد علمي أن هناك هيئات كثيرة وأيضًا بعض البلدان تطلب هذه التحاليل للموافقة على دخولها أو الإقامة فيها، فصار ذهاب أي إنسان لإجراء تحليل الإيدز لا يدفع أحد للشك في سلوكه، وهو ما قد تتحسب له وتخشى منه.

 

وبظهور نتيجة هذه التحاليل تعرف الحقيقة، وإن شاء الله تعالى تكون خاليا من هذا المرض، وتطمئن، وتهنأ بصحتك، وتعيش بشكل طبيعي بعيدًا عن هذه المخاوف، وهذا أمر لا يستغرق وقتا طويلاً، ومتاح في كل مكان على ما أعتقد.

 

وختامًا -ولدي العزيز- نسأل الله عز وجل أن يعفو عنك، وأن يعافيك من كل سوء، كما نسأله عز وجل أن يوفقك في دراستك، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تعف بها نفسك، وتقر بها عينك، وتابعنا بأخبارك.