الإستشارة - المستشار : أ. فتحي عبد الستار
- القسم : إيمانية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
91 - رقم الاستشارة : 970
13/02/2025
السلام عليكم. رمضان عم يمر بسرعة، وبحكم إني امرأة مسلمة، بحب استغله بأفضل طريقة لحتى أتقرب من الله عز وجل. شو هي الأعمال الصالحة اللي فيني داوم عليها يوميًا بهالشهر المبارك؟
بدي برنامج عملي يكون متوازن ويكون سهل التطبيق لحتى أقدر استمر عليه حتى بعد رمضان.
الله يجزيكم الخير، ويتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
أختي الكريمة، مرحبًا بكِ، وأسأل الله –تعالى- أن يتقبل منا ومنكِ صالح الأعمال، وأن يبلغنا جميعًا شهر رمضان المبارك أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، ونحن في صحة وعافية وقرب من الله تعالى، وبعد...
فإن شهر رمضان ليس مجرد أيام تمضي، بل هو سوق عظيمة يفتحها الله لعباده المؤمنين، حيث تُضاعف الحسنات، وتتنزل الرحمات، وتُفتح أبواب الجنان وتُغلق أبواب النيران. وهو فرصة نادرة لمن يريد أن يرفع رصيده من الطاعات، ويجدد علاقته مع ربه، ويتخلص مما علق بقلبه من غفلة أو تقصير. فمن وفّقه الله فيه للطاعة فقد ربح، ومن ضيَّعه وأهدر لحظاته فقد خسر خسرانًا عظيمًا.
ولأن الإنسان لا يدري هل سيعيش ليبلغ رمضان القادم أم لا، كان لزامًا علينا أن نغتنم كل لحظة فيه، وألا نتركه يمضي دون أن نخرج منه بأكبر قدر ممكن من الحسنات والبركات. ومن أهم وسائل تحقيق ذلك: حسن التخطيط والتنظيم للوقت بحيث نخصص لكل عبادة وقتها، ونوازن بين احتياجاتنا الدنيوية ومتطلباتنا الإيمانية.
وسأقترح عليكِ أختي الفاضلة برنامجًا يوميًّا عمليًّا يناسب رمضان، وهو نموذج مرن يمكن تعديله وفق ظروفكِ الخاصة، سواء كنتِ طالبة أو موظفة أو ربة منزل. وسأبدأ البرنامج من وقت الفجر:
أولًا- من بعد صلاة الفجر حتى الشروق:
* أداء سنة الفجر، ثم صلاة الفجر بخشوع وتدبر، مع استشعار فضلها العظيم.
* البقاء في مصلاكِ بعد الصلاة لقراءة أذكار الصباح، فهي حصن للمؤمن وتحفظه من الشرور.
* تلاوة ما تيسر من القرآن، حسب استطاعتكِ، فشهر رمضان هو شهر القرآن.
* صلاة الضحى ولو ركعتين، فهي صلاة الأوابين وتُكتب لكِ بها صدقات بعدد مفاصلكِ.
ثانيًا- فترة الصباح (العمل أو الدراسة أو المهام المنزلية):
* إذا كنتِ طالبة أو عاملة، فتجهزي للخروج إلى دراستك أو عملكِ، مع الحرص على أذكار الخروج من المنزل.
* إذا كنتِ ربة منزل، فيمكنكِ استغلال هذا الوقت في إنجاز المهام المنزلية، مع استحضار النية واحتساب الأجر.
* أثناء التنقل إلى العمل أو الدراسة، استمعي إلى تلاوة قرآنية أو درس علمي مفيد، أو استثمري الوقت في الذِّكر والاستغفار.
* في وقت الراحة أثناء العمل أو الدراسة –إن وُجد- يمكنكِ متابعة ورد القرآن أو الاستغفار أو الاطلاع على كتاب نافع.
ثالثًا- فترة وسط النهار (من الظهر إلى قبيل المغرب):
* المحافظة على صلاة الظهر في وقتها، مع أداء السنن الرواتب، فهي باب عظيم لمحبة الله.
* تخصيص وقت بسيط للقيلولة (إن أمكن)، لتعينكِ على قيام الليل بنشاط.
* بعد صلاة العصر، اجلسي في مكان هادئ وتابعي ورد القرآن، مع التدبر فيما تقرئين.
* استثمري هذا الوقت أيضًا في ذكر الله والاستغفار، فهو وقت مبارك.
* تحضير الإفطار إن كنتِ متزوجة، أو مساعدة الوالدة في إعداده إن لم تكوني كذلك، مع الحرص على عدم الإسراف في الطعام، فالله لا يحب المسرفين، ورمضان ليس شهرًا للمبالغة في المأكولات؛ بل للعبادة.
رابعًا- قبيل المغرب (الدعاء وساعة الاستجابة):
* قبل أذان المغرب بدقائق، اجلسي للدعاء، فهذه من أوقات الإجابة المضمونة، وأكثري من سؤال الله ما تتمنين.
* تجنبي الانشغال بالطعام حتى آخر لحظة، واغتنمي الوقت في ذكر الله والتسبيح.
* عند الأذان، بادري بالإفطار على تمر أو ماء، مع الدعاء المأثور: «اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله».
خامسًا- بين المغرب والعشاء (الإفطار والصلاة):
* بعد الإفطار، صلِّي المغرب في وقتها، ثم خذي وقتًا بسيطًا للراحة.
* إذا كانت لديكِ طاقة، يمكنكِ استثمار الفترة بين المغرب والعشاء في قراءة بعض الآيات من القرآن أو في الذكر.
سادسًا- بعد العشاء (التراويح وقيام الليل):
* الحرص على أداء صلاة العشاء في المسجد إن أمكن، تتبعها صلاة التراويح.
* إذا لم تتمكني من الذهاب إلى المسجد، فيمكنكِ أداء التراويح في المنزل.
* بعد التراويح، خصصي وقتًا لـصلة الرحم والتواصل مع الأهل، ولكن باعتدال دون أن يسرق ذلك وقت عبادتكِ.
سابعًا- قبل النوم (مراجعة اليوم والتخطيط للغد):
* استثمار الوقت المتبقي قبل النوم في متابعة ورد القرآن أو قراءة كتاب مفيد.
* مراجعة ما أنجزتِ من أعمال في يومكِ، وما يمكن تحسينه غدًا.
* النوم مبكرًا ليتسنى لكِ القيام للسحور والتهجد بنشاط.
ثامنًا- الثلث الأخير من الليل (السحور وقيام الليل):
* الاستيقاظ قبل الفجر بساعة أو ساعتين، والتهجد ولو بركعتين.
* صلاة الوتر، فإن النبي ﷺ كان يحافظ عليها.
* تناول السحور ولو بتمرة، فهو سنة مؤكدة، وفيه بركة عظيمة.
* الاستغفار حتى أذان الفجر.
نصائح إضافية لاستثمار رمضان:
وأنصحك -أختي الكريمة- بمقاطعة برامج التلفزيون التافهة والملهية في هذا الشهر الكريم، لتجنب ما أعده بعض الغافلين مما يفسد على المسلمين عبادتهم، مع عدم الإفراط أيضًا في مشاهدة البرامج النافعة ومتابعة القنوات الإسلامية، والحذر في أن يستدرجنا هذا للجلوس مدة طويلة أمام التلفاز بحجة أنها برامج دينية نافعة، فنضيع مقابل ذلك كثيرًا من فرص العمل الصالح الأخرى التي يحتاجها منا المجتمع من حولنا، وكذلك نضيع فرص العبادة المحضة لله -عز وجل- من ذكر ودعاء وصلاة.
كما أنصحك بشراء مستلزمات العيد من ملابس وغيره قبل دخول العشر الأواخر، وكذلك تنظيف المنزل وغيره من الأعمال التي اعتاد الناس القيام بها قبل الأعياد، حتى لا تستنفد هذه الأشياء أوقاتنا في العشر الأواخر من رمضان، والتي ينبغي أن نجتهد فيها أكثر بالعبادة.
ولنحذر جميعًا من أن نضيِّع أوقاتًا كثيرة في الولائم والحفلات و«العزومات» ومما اعتاد الناس القيام به في رمضان، وننصح غيرنا بذلك.
ومن الأعمال الصالحة في رمضان الإكثار من الصدقة، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون في رمضان.
ومن الجميل في رمضان أن نصل ما انقطع من أرحامنا وأقاربنا وأصدقائنا، ونصلح ذات بيننا، وننقي النفوس والقلوب لتتهيأ لتذوق حلاوة العبادة في هذا الشهر.
وختامًا أختي الفاضلة، رمضان فرصة عظيمة لتجديد علاقتنا بالله، ولتصحيح المسار، فاحرصي على أن يكون هذا الشهر نقطة تحول حقيقية في حياتكِ، ولا تضيعي لحظاته الثمينة فيما لا ينفع.
تقبل الله منا ومنك صالح الأعمال، ونسأله –سبحانه- أن يبلغنا وإياك وجميع المسلمين هذا الشهر الكريم وكلنا بصحة وعافية، وأن يجعلنا فيه من عتقائه من النار ومن المقبولين.