الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : المعاملات
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
490 - رقم الاستشارة : 2250
03/08/2025
إذا ذهبت إلى محامى لرفع دعوى قضائية للحصول على مبلغ مستحق من الجامعة التى أعمل بها وأخبرنى أنه سيأخذ منى مقدما مبلغا رمزيا وإذا كسبنا القضية سيأخذ مثلا 10% من قيمة المبلغ المستحق فهل يوجد فى تلك المعاملة مع المحامى أية مخالفة شرعية؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه وسلم تسليمًا، وبعد:
فهذا عقد جائزٌ شرعًا، وهو عقد وكالة بأجرة معلومة محددة، وهو ما سمّاه السائل أجرًا رمزيًّا، ما دام قد ارتضيه المحامي فلا فرق بين أن يكون رمزيًّا، أو حقيقيًّا. أما النسبة من التعويض فلا تصح في عقد الوكالة لأن جمهور الفقهاء يشترطون أن تكون الأجرة معلومة، لكنها تصح في عقد الجعالة، وعقد الجعالة جائز أيضا عند جمهور الفقهاء كأن يقول الموكِل للموكَل لو حصلت على التعويض فلك خمسه أو ثلثه أو أكثر أو أقل.
فهذان عقدان في عقد واحد؛ عقد وكالة بأجرة محددة، وعقد جعلة بأجرة معلقة على حصوله على التعويض، فإن لم يحصل عليه فلا شيء له.
قد أفتى بجوازها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله في الفتاوى:
وإن كان العوض مما يحصل من العمل جاز أن يكون جزءًا شائعًا؛ كما لو قال الأمير في الغزو: من دلنا على حصن كذا فله منه كذا.
وقال ابن قدامة في المغني:
ولا بد أن يكون العوض معلومًا، ويحتمل أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم، نحو أن يقول: من رد عبدي الآبق فله نصفه، ومن رد ضالتي فله ثلثه.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
اتفق الفقهاء على أن الوكالة قد تكون بغير أجر، وقد تكون بأجر فقد ثبت عن النبي ﷺ الأمران، حيث وكّل ﷺ أنيسًا في إقامة الحد، وعروة في شراء شاة، وعمرًا وأبا رافع في قبول النكاح له بغير جعل.
وأيضًا كان يبعث عماله لقبض الصدقات ويجعل لهم عمالة، ولهذا قال له ابنا عمه ﷺ: "لو بعثتنا على هذه الصدقات فنؤدي إليك ما يؤدي الناس ونصيب ما يصيبه الناس" يعنيان العمالة أي الأجرة.
وجاء في الموسوعة أيضًا:
وعقد الجعالة مباح شرعًا عند المالكية والشافعية، والحنابلة، إلا أن المالكية يقولون: إنها جائزة بطريق الرخصة، اتفاقًا، والقياس عدم جوازها بل عدم صحتها للغرر الذي يتضمنه عقدها، وإنما خرجت عن ذلك إلى الجواز للأدلة التالية:
في الكتاب، والسنة، والمعقول. فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: 72]، وكان حمل البعير معلومًا عندهم وهو الوسق وهو ستون صاعًا، وشرع من قبلنا شرع لنا إذا قص علينا من غير نكير، ولم يثبت نسخه، ومن خالف في هذه القاعدة جعله استئناسًا.
ومن السنة حديث رقْية الصحابي، وهو ما روي في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري: أن "أناسا من أصحاب رسول الله ﷺ أتوا حيًّا من أحياء العرب فلم يقروهم، فبينما هم كذلك إذ لُدغ سيد أولئك القوم فقالوا: هل فيكم من راق؟ فقالوا : لم تقرونا، فلا نفعل إلا أن تجعلوا لنا جُعلا، فجعلوا لهم قطيع شاء، فجعل رجل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرئ الرجل فأتوهم بالشاء، فقالوا: لا نأخذها حتى نسأل رسول الله ﷺ فسألوا الرسول ﷺ عن ذلك فضحك وقال: ما أدراك أنها رقية؟ خذوها واضربوا لي معكم بسهم".
والله تعالى أعلى وأعلم.