حكم الاستثمار في البنوك لأنها من القضايا المستحدثة

Consultation Image

الإستشارة 23/07/2025

السلام عليكم، لي زميل عاد من السفر منذ فترة، وشارك في تجارة مع أشخاص كفء وخبرة في أكثر من مجال، لكنه خسر أمواله، وسأل أحد المشايخ ماذا يفعل، هل أتاجر من جديد مع أناس آخرين، وهو ليس من أهل التجارة، أم يضع ماله في البنك ليأخذ ربحا يعيش منه، فأفتاه الشيخ أنه ما دام ليس من أهل التجارة وخسر أمواله سايقا أن يضع ماله في البنك أفضل له. وقال إن وضع المال في البنك من المعاملات المستحدثة وليست ربا وأن البنك يستثمر بهذا المال.. فما رأيكم في ذلك وأيضا عمل وديعة في إحدى شهادات الادخارت ذات العائد السنوي؟

الإجابة 23/07/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

 

فلم يذكر لنا السائل الكريم أي نوع من البنوك يقصد، فإن كان الشيخ أفتاه بالبنوك الإسلامية الخالصة التي ليست متفرعة من بنوك ربوية ففتواه صحيحة، وإن كانت البنوك أضيق أبواب الرزق، لكن لا مانع من اللجوء إليها عند الحاجة، وأفضل منها الاستثمار بنفسه مثل شراء عقار مثلاً أو فتح مشروع تجاري صغير يديره بنفسه.

 

أما البنوك الربوية فلا يجوز الاستثمار فيها، أو الاقتراض منها إلا في حالات الضرورة التي تقدر بقدرها.

 

أما قول الشيخ إنها من القضايا المستحدثة فصحيح، لكن هذه القضية درست دراسة وافية كافية من علماء الفقه والقانون والاقتصاد ووصلوا إلى رأي بالإجماع إلى أن هذا الاقتراض والإقراض للبنوك بفائدة هو ربا النسيئة المحرم في القرآن الكريم والسنة المطهرة.

 

وهذا رأي كل المجامع الفقهية المعتبرة على مستوى العالم، ولم يخالف في ذلك إلا دار الإفتاء المصرية من عهد الدكتور محمد سيد طنطاوي – رحمه الله –.

 

وقد كانت فتوى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف هي الفتوى المعتمدة على مستوى العالم من عام 1966م حتى تولى الشيخ الإفتاء في ثمانينىات القرن الماضي فحاول خرق هذا الإجماع.

 

وقد قُدِّمت عدة أبحاث عن هذه المُعاملات ونُوقشت في المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية المُنْعَقِد في سنة 1385هـ - 1965م، والذي ضم ممثلين ومندوبين عن خمس وثلاثين دولة إسلامية، وانتهى قراره إلى ما يأتي:

 

1. الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرَّم، لا فرق في ذلك ما يُسَمَّى بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي؛ لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النَّوْعَيْن.

 

2. كثير الربا وقليله حرام، كما يُشير إليه الفَهْم الصحيح لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ [آل عمران: 130].

 

3. الإقراض بالربا محرَّم لا تُبِيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا محرم كذلك، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة، وكل امرئ متروك لدينه في تقدير ضرورته.

 

4. أعمال البُنوك من الحِسابات الجارِيَة وصرْف الشيكات وخطابات الاعتماد والكمبيالات الداخلية التي يقوم عليها العمل بين التجارة والبنوك في الداخل كل هذا من المعاملات المَصْرِفِيَّة الجائزة، وما يُؤْخَذ في نظير هذه الأعمال ليس من الربا.

 

5. الحسابات ذات الأجل وفتح الاعتماد بفائدة وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة كلها من المعاملات الربوية، وهي محرمة.

 

6. أما المعاملات المصرفية المتعلِّقة بالكمبيالات الخارجية فقد أُجِّل النظر فيها إلى أن يَتِم بحثها. "في المؤتمر الثالث المنعقد في رجب 1386هـ - أكتوبر 1966م جاء في البند الثاني من موضوع التأمين والمعاملات المصرفية ما نصه: يُقَرِّر المؤتمر أن الكمبيالات الخارجية قد تَبَيَّن بعد الدراسة أنها في واقعها لا تخرج في حكمها عن الحكم في الكمبيالات الداخلية من جوازها شرعًا. عدا ما قد يكون فيها من الربا، فإنه محرم شرعًا، وعدا ما يتصل بها من التأمين الذي لم يُسْتَنْبَط حكمه بعدُ".

 

7. ولما كان للنظام المصرفي أثر واضح في النشاط الاقتصادي المُعاصر، ولما كان الإسلام حريصًا على الاحتفاظ بالنافع من كل مستحدَث مع اتِّقاء أوزاره وآثامه فإن مجمع البحوث الإسلامية بصدَد درس بديل إسلامي للنظام المصرفي الحالي، ويدعو علماء المسلمين ورجال المال والاقتصاد إلى أن يتقدَّموا إليه بمُقْتَرَحاتهم في هذا الصدد.

 

والله تعالى أعلى وأعلم.

الرابط المختصر :