Consultation Image

الإستشارة 15/04/2025

هل البنوك الإسلامية تختلف عن البنوك الربوية، وهل عندها أخطاء ، وما واجبنا نحو هذه البنوك هل نتعامل معها أو نتركها ؟

الإجابة 15/04/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالبنوك الإسلامية من حيث النظرية والفلسفة التي تقوم عليها تختلف اختلافًا كليًّا عن البنوك الربوية، أما من حيث التطبيق فيعتريها أخطاء كما هو الحال في أي عمل بشري، وواجبنا هو النصح لها، ومساندتها والتعامل معها لمن يحتاج إلى هذا التعامل؛ لأنه تقدم بديلاً إسلاميًّا عن الربا والمؤسسات الربوية.

 

وقد كتبت بحثًا محكمًا نشر في إحدى المجلات المتخصصة بعنوان:

 

"المصارف الإسلامية: النشأة والتطور - الخصائص والأهداف - المشكلات والحلول"، أنقل لك خلاصة البحث للإفادة منه إن شاء الله، في هذه النقاط:

 

1. إن فكرة المصارف الإسلامية فكرة تضرب بجذورها في الحضارة الإسلامية، وليست فكرة نابعة من تقليد الآخرين، وقد رأينا جذور هذه الفكرة من عهد الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم من التابعين وتابعي التابعين.

 

2. إن هذه الفكرة تنبع من شمولية الإسلام التي هي أهم خصائصه، حيث إنه نظام شامل يتناول مظاهر الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما يُعنى بأمور الإيمان والعبادة والأخلاق والسلوك سواء بسواء.

 

3. لا بد ونحن ندرس المصارف الإسلامية أن نفرق بين النظرية والتطبيق؛ فالنظرية لا خلاف عليها، أو يجب أن تكون كذلك عند المسلمين، حيث إنها تنبع من فهم شمولية الإسلام واهتمامه بالمال وتنميته واستثماره كما يهتم بالعقيدة والعبادة، أما التطبيق فكلها جهود بشرية يعتريها الصواب والخطأ.

 

4. على العلماء والدعاة إلى الله تبصير الناس بأمور الحلال في الكسب الحلال من خلال استثمار المال وتنميته بكل الطرق المشروعة، ومن بينها البنوك الإسلامية، والابتعاد عن الربا في كافة صوره وأشكاله.

 

5. على وسائل الإعلام بشتى أنواعها وطرقها تبصرة الناس بالفروق بين المصارف الإسلامية والبنوك الربوية، وأثر الربا على تخريب الأرزاق، وهدم الأخلاق، وأهمية المصارف الإسلامية -لو قامت بدورها الحقيقي- على كافة النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهذا سيؤثر بلا شك على الناحية الإيمانية والسلوكية والعبادية.

 

6. من الدعاوى الظالمة التسوية بين البنوك الربوية والمصارف الإسلامية، بحجة أن للمصارف الإسلامية أخطاء، فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه.

 

7. لا يعني هذا تبرئة كل المصارف الإسلامية من الأخطاء، فمنها من يتحايل لأكل الربا، ومنها من يقع في أخطاء شرعية، ومهمتنا النصح والإرشاد، وليس التشهير والهدم، ومن حق المسلمين بل من واجبه أن يبتعد عن كل المعاملات التي تؤدي إلى الحرام، سواء أكانت ناتجة عن البنوك الإسلامية أم غيرها.

 

8. على البنوك الإسلامية أن تقوم بدورها الذي أنشئت من أجله، ولا تكتفي برفع الإسلام كشعار ودعاية بلا مضمون؛ فالعبرة في الشريعة الإسلامية بالمسميات وليست بالأسماء، عليها أن تكون على قدر المنافسة، وأن تقدم المعاملات الحلال الخالصة من كل شوائب الربا والغرر والمقامرة وكل المعاملات المحرمة في صورة تنافسية تجعل المسلمين وغير المسلمين يقدمون عليها، ويفضلون التعامل معها عن التعامل مع البنوك الربوية حتى لو من جانب المصلحة المادية البحتة فقط.

 

9. على الحكومات أن تقدم صورة الاقتصاد الإسلامي لغيرها من الحكومات الإسلامية وغيرها كفكرة فيها الخلاص والحل لكثير من المشكلات التي أغرقت المجتمع، فكما استطاعت الشيوعية الملحدة أن تقدم نموذجًا للاقتصاد في صور الاشتراكية استهوت كثيرًا من المسلمين الذين انخدعوا بشعاراتها البراقة على الرغم من معارضتها للفطرة الإنسانية في حب التملك، وظل بعضهم حتى يوم الناس هذا منخدعين بها حتى بعد انهيار فكرة الشيوعية في عقر دارها، وكما استطاعت النظم الرأسمالية المشركة أن تصدر نظامها رغم عواره الظاهر لمعظم دول العالم الإسلام وغزتنا في عقر دارنا، على الرغم مما تسبب فيه هذا النظام من مشكلات اقتصادية أضاعات البلايين على الإنسانية، أقول كما نجت الاشتراكية والرأسمالية رغم عيوبهما القانلة سينجح النظام الإسلامي لأنه يسير مع الفترة، ويأخذ بأفضل ما أتت به النظم الوضعية ويتخلى عن سلبياتها لو وجد له رجالا أو حكومات تقوم على أمره.

 

10. على عامة المسلمين جميعًا الوقوف مع النظرية الإسلامية في الاقتصاد سواء عن طريق البنوك أو غيرها، والاهتمام بها ونقدها نقدًا إيجابيًّا بحيث تطور من أعمالها، وتحسن من صورتها، وستكون هي البديل الوحيد للبشرية لخلاصها مما تعرضت له من سلب لأموالها وتعمد إفقارها وتجويعها، والمتاجرة بمشكلاتها واحتياجها.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :