22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د رمضان فوزي
  • القسم : إيمانية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 21
  • رقم الاستشارة : 1019
16/02/2025

بسم الله الرحمن الرحيم، أعاني من مشكلة وأتمنى أن تتفضلوا مأجورين ومشكورين بإذن الله بمساعدتي لحلها.. المشكلة في صديقتي، فهي غالية عليَّ جدًّا، وأعتبرها أكثر من أخت، فهي فتاة ملتزمة ولله الحمد، تقرأ القرآن، وتحاول جاهدة تعلم أحكامه، وكل ما يتعلق به من تفسير وغيره، وتأمر بالمعروف -ولله الحمد- وتنهى عن المنكر، المهم هذه الفتاة ملتزمة بما فرضه الله علينا، ولكن بعد فترة بدأت تشعر بالخوف بين الحين والآخر، حاولت في بداية الأمر أن تتماسك نفسها ولكن دون جدوى، بدأت تصرخ في إحدى المرات حتى تجمعت عليها العائلة، ولكن الغريب أكثر في الأمر أنها كانت في ذلك الوقت لا تريد أن ترى أمها (والدتها) وتخاف منها، وكأن شيئاً في داخلها يفزعها من أمها فتصرخ عليها: «ابتعدي لا أريدك»! وكذلك تشعر بالوقت نفسه بالرغبة بالاستفراغ وآلام بالمعدة وأسفل الظهر. وبعد فترة توجهت لإحدى دور القرآن لتتعلم المزيد.. ولكنها وجدت نفسها لا تريد تعلم القرآن وكأن شيئاً في داخلها يحاول أن يكرهها بالقرآن، وهي تحاول أن تجاهد ذلك الشيء بالأدعية. وأيضًا مما قالته لي: إنها تشعر أحياناً بأن شخصاً يقول لها: اخرجي من البيت، لا تسكنوا بيتكم هذا، هذا كل ما يحدث لصديقتي الغالية، وهي تعاني كثيراً من ذلك. أتمنى مساعدتي في تعيين حالتها وما العلاج لها؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابة 16/02/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد...

أهلاً بك أختي السائلة، ونشكر لك اهتمامك بأختك وتفقدك لأحوالها وحرصك على حل مشكلاتها، وهكذا ينبغي أن تكون العلاقة بين المؤمن وأخيه كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، ولكن مع ذلك كنا نتمنى أن تتركي أختك تكتب هي عن نفسها لتشخص لنا حالتها كما تشعر بها؛ فليس من يعاني كمن سمع، يضاف إلى ذلك قلة المعلومات التي ذكرتها عنها التي كانت ستعيننا كثيراً في تشخيص حالتها والرد عليها.

ولكن نتعامل مع ما أرسلتِه إلينا من معلومات حتى توافينا بالمزيد، فنقول بصورة عامة:

يمكن تقسيم الأمراض إلى أنواع ثلاثة:

- أمراض عضوية؛ ويكون علاجها عند الطبيب البشري.

- أمراض نفسية؛ ويكون علاجهاً عند الطبيب النفسي.

- أمراض روحية؛ ويكون علاجها بالقرآن والرقية الشرعية.

وأنا أرى أن صديقتك ربما تحتاج للأنواع الثلاثة من العلاج؛ فمسألة الخوف، ونفورها من أمها، وصراخها في وجهها بأن تبتعد عنها، والصوت الذي كانت تسمعه يأمرها بالخروج من البيت يشير إلى أن وراء هذه الأشياء أسباباً اجتماعية معينة كنا نتمنى أن تتواصل معنا هي حتى توضحها لنا، خاصة أنك لم تذكري أي خلفيات عن حياتها الاجتماعية وطريقة تربية أهلها لها، وكيف كانت علاقة أمها بها؟ ومتى بدأت هذه الحالة معها؟ هل هي قديمة معها منذ فترة من الزمن أم هي طارئة على حياتها؟ وهل جاءتها مرة واحدة أم كانت متكررة معها؟ كل هذه الخلفيات ضرورية للتعامل مع هذه الحالة، ولو أنها ذهبت بنفسها لطبيب نفسي وتحدثت معه في كل هذه الأمور فإنه إن شاء الله سيدلها على ما يفيدها في ذلك من علاجات نفسية وسلوكية.

أما بالنسبة لآلام المعدة والظهر؛ فلم توضحي لنا هل قامت بالكشف الطبي أم لا؟ فإذا لم تكن قد قامت فعليها أن تبادر بالذهاب للطبيب وإجراء الكشوفات والتحاليل اللازمة لتشخيص الحالة والعلاج المناسب لها.

ثم نأتي إلى النوع الثالث من العلاج، وهو ما يمكن أن نطلق عليه «العلاج الروحي»، وأقصد به ذلك العلاج المعتمد على القرآن والأذكار المأثورة والرقية الشرعية، وهي أمور سهلة وميسورة، ويمكن أن يقوم أي شخص بعلاج نفسه بنفسه، فالله عز جل أنزل القرآن الكريم شفاء ورحمة للمؤمنين، فيتعبد المؤمن لربه بتلاوته فيكون شفاء لأمراضه النفسية والروحية.

وأنصح صديقتك في هذا الجانب بما يأتي:

1- أن تحذر المشعوذين والدجالين؛ فأخشى ما أخشاه أن تقع فريسة سهلة لأحدهم فيوهمها بأن ما تعاني منه هو سحر أو حسد أو مس، وعلاجه الوحيد عنده هو فقط؛ فيستنزف مالها، ويزيد مرضها.

2- أن تعلم أن ما هي فيه ربما يكون ابتلاء وتمحيصاً لها من الله عز وجل، والمرء يبتلى على قدر دينه؛ فعليها أن تصبر وتحمد الله، وأن تستمر في طريق التزامها وقربها من الله عز وجل، وألا تعطي للشيطان فرصة للتسلل إليها لتيئيسها وإحباطها؛ بحجة أن التزامها هو السبب فيما تعاني منه.

3- أن تكثر من دعاء الله عز وجل واللجوء إليه والثقة فيه؛ فهو وحده القادر على دفع ما بها من ضر، ولتثق أن ما يحدث لها هو لحكمة يعلمها الله عز وجل، يغفر به ذنوبها ويكفّر من سيئاتها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هَمٍّ، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه» (متفق عليه).

4- بالنسبة لما تلاقيه من صعوبات داخلية تجاه حفظ القرآن، فلتعلم أن الشيطان أخذ العهود والمواثيق على نفسه لصد الإنسان عن فعل الطاعات، وأي طاعة أعظم من حفظ كتاب الله عز وجل؟ إذن فلتدفع هذا الشيطان بالاستعاذة بالله منه، وعليها بمجاهدته ومجاهدة نفسها وحملها على الحفظ؛ ففي أول الأمر سيكون الأمر شاقاً عليها، ولكن بعد ذلك سييأس منها الشيطان ويتركها، وستأتي إلى دار حفظ القرآن وهي متشوقة ومتلهفة لحفظ كلام الله عز وجل.

5- أن تعيش مع القرآن الكريم بروحها وعقلها وقلبها؛ فلتتبع قراءتها لتفسير الآيات بتدبر وتفكر؛ فهذا أدعى للتحبيب في القرآن، ودفع الملل عن النفس.

6- أن تكثر من الاستماع للقرآن الكريم، فأثناء قيامها بأعمال المنزل مثلاً يمكنها أن تقوم بتشغيل القرآن عن طريق الكاسيت أو الكمبيوتر؛ فهذا سيعينها على الحفظ ويدفع عنها وعن بيتها الشيطان.

7- أن تحرص على أن تكون دائماً على وضوء، وأن تنام على وضوء، فقد قال عمر رضي الله عنه: «إن الوضوء الصالح يطرد عنك الشيطان»، وقال مجاهد: «من استطاع ألا يبيت إلا طاهراً ذاكراً مستغفراً فليفعل؛ فإن الأرواح تبعث على ما قبضت عليه».

8- أن تحرص على الأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء والأحوال، وأن تحرص أن يكون لسانها دائماً رطباً بذكر الله تعالى؛ فهي إذا ذكرت الله كانت في معية الله وفي رحابه، ولن يمسها أذى وهي في رحاب الله.

9- أن تلزم الصحبة الصالحة التي تقربها من الله وتعينها على طريق الالتزام والقرآن.

10- ألا تعطي الفرصة لنفسها للجلوس منفردة فترة طويلة، ولكن تحرص على مخالطة الناس، والقيام بما يشغلها من أنشطة دعوية واجتماعية مفيدة.

وختاماً، أوصيك بأن تحرصي على أن تكوني قريبة من صديقتك، وأعينيها على ما هي فيه بالنصح والإرشاد؛ لتستمر على طريق الالتزام والهداية.

واعلمي أن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، فهي أشد ما تكون في حاجة إليك في مثل هذه الظروف.

ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه الهداية والتوفيق.