Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. موسى المزيدي
  • القسم : إدارية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 84
  • رقم الاستشارة : 1896
10/05/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تعرفنا على مرحلة تغيير القناعات من المراحل العشرة لتغيير العادات، فماذا بعد ذلك، حتى نستطيع التغيير إلى الأفضل، وكانت المتعة عند وقوفكم في الاستشارة السابقة عند نقطة مهمة لنطلب المزيد؟

الإجابة 10/05/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحبًا بك أخي الكريم في موقع استشارات المجتمع، وبعد:

 

ففي الاستشارة السابقة تكلمنا عن المرحلة الأولى من مراحل التغيير وهي القناعة، وسنتحدث الآن عن المرحلة الثانية والثالثة من آليات التغيير، وهما السؤال والتريث.

 

أخي الفاضل، المرحلة الثانية هي مرحلة السؤال، على الإنسان أن يسأل من سبقوه في علم تغيير العادات. السؤال مهم {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، لا بد من السؤال وحين البحث عن الإجابة لا بد أن تكون الإجابة واضحة، والإجابة يكون فيها معالجة، معالجة لجذور المشكلة. وعلينا أن نبتعد عن أنصاف الحلول.

 

أنصاف الحلول

 

دعني أسألك هذا السؤال أخي الفاضل: لا شك أن كل واحد من الناس عانى يومًا ما من صداع في رأسه، ما هو الحل الذي طرأ على باله أي فرد منا؟ هو أن يأخذ الواحد إما قرص الأسبرين أو قرص البندول حتى يتخلص من آلام الصداع، لكن هل يعلم الجميع بأن البندول أو الأسبرين هي عبارة عن أدوات لتسكين الألم؟ مسكنات وتعرف بأنها مسكنات للألم pain killers ولا تعالج المشكلة من أساسها ولا تعالج المشكلة من جذورها.

 

إذًا الأسبرين والبندول يعتبر من أنصاف الحلول للصداع الذي نعاني منه، إذًا أنا أحذر الجميع في هذه المرحلة من البحث عن أنصاف الحلول. ينبغي أن يكون بحثك لجذور هذه المشكلة وحل لهذه المشكلة من جذورها وأصلها، ابتعدوا عن أنصاف الحلول ثم نقول بعد ذلك عليك أن تختار الأفضل من الحلول.

 

إذا أعطاك أحدهم فأسًا وقال لك الحل يكمن في هذا الفأس وآخر أعطاك منشارا كهربائيًّا وقال لك إن الحل يكمن في المنشار الكهربائي، هنا عليك أن تختار المنشار الكهربائي لأن أداءه أفضل وأسرع وأقوى. الحلول كثيرة، عليك أن تتخيَر الأفضل. ما في شك أن هذه القضية ينبغي أن تكون واضحة في الذهن.

 

والمرحلة الثالثة من مراحل التغيير للعادات هي مرحلة التريث وعدم استعجال النتائج.

 

التريث، -أخي الكريم- مهم جدًّا في التعامل مع تغيير العادات الإنسانية، فنحن نتعامل مع دماغ بشري. هذا الدماغ حتى نعيد برمجته نحتاج إلى زمن، عامل الزمن مهم جدًّا. هذا الزمن قدره علماء النفس بواحد وعشرين يومًا للإنسان العادي ومع الحوافز ممكن يقوم الإنسان بتقليص هذه الفترة الزمنية إلى أقل بكثير من واحد وعشرين يومًا، لكن في المتوسط للإنسان العادي نحتاج إلى واحد وعشرين يومًا لإعادة برمجة هذا الدماغ على العادة الحسنة الجديدة.

 

قيادة السيارة  

 

افترض أنك سافرت إلى إنجلترا وأنت تريد أن تقود السيارة، لاحظ بأن الشوارع هناك تقلب رأسًا على عقب، يعني بعد أن كنت متعودًا أن تقود سيارتك على اليمين سترى نفسك تقود على الشمال. هل تتوقف عن قيادة السيارة؟ أبدا بل تقوم بها لكن مع الحذر الشديد في البداية، لماذا؟ لأن هذا الدماغ يحتاج إلى فترة واحد وعشرين يومًا لإعادة برمجته فسوف تشعر أنك بحاجة إلى فترة زمنية حتى تتعود على شوارع إنجلترا، حيث تقلب فيها الموازين رأسا على عقب في قضايا قيادة السيارات والقواعد المرورية.

 

افترض -أيها الأخ- أنك من النوع الذي لا يستعمل حزام الأمان أثناء القيادة، حتى تتعود على استعمال حزام الأمان وحتى تتعود على استعمال هذا الحزام يلزمك من الوقت واحد وعشرين يوما في المتوسط لإعادة برمجة هذا الدماغ لذلك لا تيأس، لا تيأس وأنت تمر في هذه المرحلة لأنها مرحلة آلام نفسية وصراع لإعادة برمجة هذا الدماغ.

 

الخروج من الشرنقة

 

دعني أحكي لك هذه القصة أخي الكريم: يحكى أن مدرسا لعلوم الأحياء في إحدى المدارس كان يعلم مجموعة من الطلبة درسًا حول الشرنقة وكيف تتحول إلى فراشة، وقد أحضر المدرس شرنقة حقيقية على وشك أنها تتحول إلى فراشة. وأخبر الطلبة قائلا: خلال الساعتين القادمتين ستخرج من هذه الشرنقة فراشة وتطير، وعليكم أن تصبروا ولا تساعدوا الفراشة وهي تخرج من الشرنقة.

 

ثم خرج المدرس في حاله وأخذ الطلبة ينتظرون ساعة الصفر ليروا ما يحدث، وأخذت الفراشة تحاول أن تخرج من تلك الشرنقة بمعاناة شديدة، وهذه هي طبيعة الحياة، إلا أن أحد الطلبة رَق قلبه لمعاناة الفراشة فمدَ يده ليساعدها على الخروج من الشرنقة ولكن سرعان ما توقفت الفراشة عن الحركة وماتت.

 

فلما جاء المدرِس وأخبر بما حدث توجه بالكلام إلى الطالب وقال له: ألم أخبرك ألا تمدَ يدك إلى الشرنقة؟ إنك بمساعدتك للفراشة قد أمتَها، حيث إن طبيعة الحياة تقتضي أن تعاني الفراشة في هذا الموقف حتى يصلب عودها وتقوى على الطيران. إذا كان الزمن للفراشة ساعتين فالزمن للإنسان واحد وعشرين يوم.

 

اصطناع العادة الحسنة

 

لا مانع من اصطناع العادة الحسنة في البداية، لا مانع من اصطناعها لأن هذا الأمر يقلِص من الزمن المطلوب. إنما العلم بالتعلم، إنما الحلم بالتحلم. يعني باصطناع العلم في البداية، وباصطناع الحلم في البداية. أثناء قراءة القرآن ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا، يعني اصطنعوا البكاء.

 

مثل هذه القضايا موجود عندنا، حتى الغرب يرفع شعار باللغة الإنجليزية مفاده fake it until you make it، اصطنع العادة حتى تضبطها.

 

إذًا الأمر بين يديك أيها الأخ الفاضل في تطبيق هذه المرحلة، مرحلة التريث والصبر.. وقبلها مرحلة السؤال للوصول إلى الحلول الواضحة الكاملة، وليس أنصاف الحلول.

الرابط المختصر :