23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

الجهاد في الوقت الحالي وواجبنا تجاه المظلومين في فلسطين

الإستشارة 08/01/2025

ما حكم الجهاد في الوقت الحالي ، وما واجبنا تجاه المظلومين في فلسطين؟

الإجابة 08/01/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه، وبعد:

فما يحدث في فلسطين الآن عدوان صارخ على الأرض والعرض والنفس والمقدسات.. ولا بد أن يقابل هذا بجهاد الدفع، حيث احتل اليهود الصهاينة أرض فلسطين، وطردوا منها أهلها، وأقاموا عليها دولتهم؛ فالجهاد بكل أنواعه فرض على أهل فلسطين، فإن لم يقوموا به انتقل الفرض إلى الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم حتى يصل الفرض إلى كل مسلم على ظهر الأرض، كلٌّ يجاهد بما يستطيع بنفسه أو ماله أو كلمته.

وكثير من الناس يخلطون بين الجهاد والقتال، وكلما أطلقت كلمة الجهاد فهم منها أن المراد هو القتال، والحاصل أن الجهاد أعم وأشمل من القتال؛ فالقتال نوع من أنواع الجهاد الذي يشمل الجهاد بالمال، وجهاد الكلمة، وجهاد النفس وغير ذلك ومنها القتال.

وتوسيع معنى الجهاد وعدم قصره على القتال يعطي فرصة لكل مسلم سواء أكان رجلاً أم امرأة، وسواء أكان قادرًا أم غير قادر أن يجد له دورًا مهمًّا في موضوع الجهاد .

ويجب هنا التفريق بين جهاد الدفع وجهاد الطلب؛ فجهاد الدفع – كما يقول شيخنا العلامة القرضاوي – رحمه الله-: مقاومة العدو إذا دخل أرض الإسلام، واحتلَّ منها مساحة ولو قليلة، أو اعتدى على أنفس المسلمين أو أموالهم وممتلكاتهم أو حرماتهم، وإن لم يدخل أرضهم، ويحتلَّها بالفعل.. أو اضطهد المسلمين من أجل عقيدتهم، وفتنتهم في دينهم، يريد أن يسلبهم حقَّهم في اختيار دينهم، وأن يُكرههم على تركه بالأذى والعذاب.

أما جهاد الطلب فهو أن يكون العدو في عقر داره، ولكننا نحن الذين نطلبه، ونتعقبه، بغية توسيع أرض الإسلام أو تأمينها، أو نبادئه نحن قبل أن يبادئنا هو، أو لتمكين الجماهير في أرضه من أن تستمع إلى دعوة جديدة، فلا بد من إزاحة هذه الحواجز أمام الشعوب، حتى نبلغ دعوة الله إلى الناس كافة. أو لتحرير الشعوب التي يحكمها الطواغيت، من نير التسلط والجبروت التي يقهرها ويعاملها كالقطعان، أو لغير ذلك من الاعتبارات.

يقول الإمام ابن القيم:

والتحقيق أن جنس الجهاد فرض عين، إما بالقلب، وإما باللسان، وإما بالمال، وإما باليد، فعلى كل مسلم أن يجاهد بنوع من هذه الأنواع.

أما الجهاد بالنفس ففرض كفاية، وأما الجهاد بالمال ففي وجوبه قولان، والصحيح وجوبه؛ لأن الأمر بالجهاد به (أي بالمال) وبالنفس في القرآن سواء.

وخلاصة الرأي الفقهي في هذه المسألة: أن جهاد الدفع فرض بإجماع الفقهاء في القديم والحديث، أما جهاد الطلب فمختلف فيه، ويرجح الرأي بعدم وجوبه إلا إذا دعت الضرورة أو الحاجة إليه.

وفي جهاد الدفع يخرج الرجل بغير إذن والديه، والمرأة بغير إذن زوجها، والمدين بغير إذن دائنه، ولا يحتاج إلى إذن أحد كائنا من كان.

وبالتالي نستطيع أن نقول: إن واجبنا تجاه إخواننا في فلسطين أو غيرها من البلاد التي تحتل فيها أرض المسلمين، هو الجهاد بالنفس والمال والكلمة والدعاء وكل ما نستطيع لرد هذا العدوان الغاشم.

والله تعالى أعلى وأعلم.