الإستشارة - المستشار : أ. ريما محمد زنادة
- القسم : تربوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
89 - رقم الاستشارة : 1400
22/03/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بمجرد أن سمعت ابنتي صوت القصف عاد مجددًا على غزة حتى أخذت بالصراخ والخوف والهلع والشعور وارتعاش قدميها، والبكاء، رغم أنها تبلغ من العمر ٢٥ عاما، وأخذت تردد "لا أستطيع أن أعيش التجربة السابقة للحرب، من نزوح وقصف، وتجويع".. فماذا أفعل حقيقة أخشى أن يصيبها شيء؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله، وسلامًا على عباده الذين اصطفى... أما بعد،،،
أسأل الله -تعالى- أن يعجل الفرج لأهلنا في غزة، ويبعث في أفئدة أهلها الأمن والأمان، وينصرهم على عدوهم إنه سميع مجيب الدعاء.
أختي الفاضلة، حماك الله -تعالى- وحفظ ابنتك من كل سوء، وبارك الله فيك، لثقتك بموقع "استشارات"، أسأل -سبحانه وتعالى- أن يلهمني رشدي لأقرب من هذا رشدًا، لمساعدتك.
كوني مطمئنة فالأعراض التي تحدثتِ عنها طبيعية جراء تجربة الحرب القاسية التي عاشتها ابنتك.
وبمجرد أن سمعت صوت القصف أعاد ذلك لذاكرتها مباشرة كل ما مرت به من خوف وأوجاع بالأصل لم تتعاف منها بعد، خاصة أن الحرب استمرت لأكثر من عام وخمسة أشهر، وتوقفت لفترة قصيرة لم تكن كافية حتى تعيد ابنتك استقرارها النفسي، والعودة إلى حياتها الطبيعية.
آثار الحرب ما زال أهل غزة يعانون منها، فكيف وإن تجددت الحرب عليهم.
الوضع الذي مرت به ابنتك يشاركها فيه الكثير من أهل غزة الذين ما زالوا يعيشون نفس المعاناة.
عليك قبل كل شيء الاستعانة بالله –عز وجل- والدعاء، والصلاة كما قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153].
أكثري من الجلوس مع ابنتك، وذكريها بقدرة الله -تعالى- وأن كل ما تمر به تحتسبه لله فإنه بإذنه سوف تؤجر عليه.
بمجرد أن يكون هنالك قصف اتركي كل شيء، وكوني بالقرب من ابنتك، احضنيها وأخبريها بأنها ستكون بخير بإذن الله -تعالى-.
إذا أرادت البكاء لا تمنعيها من ذلك فهذا سيخفف عنها.
وكرري على مسامعها أنه بوصف حجم خوفها وقلقك الكبير عليها أن الله أرحم عليها، وأنه الحفيظ، ولن يقع شيء في ملك الله إلا ما أراد الله.
يقول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]، فذكريها بذلك؛ فللذكر أثر عظيم في حدوث اطمئنان القلب وهدوئه واستقراره.
وهذه أيام وليال فضيلة فلتغتنمها بالذكر والقرآن والطاعات فهذا سيساعدها على التحسن بشكل كبير.
وكوني دائما بالقرب منها، وعززي ثقتها بنفسها بأنها قوية بإيمانها بالله -عزوجل-، وأن هذا الاطمئنان سينعكس على أفراد الأسرة وخاصة الصغار، فغالبًا الأطفال حينما يجدون الكبار في حالة خوف وهلع فهذا يفقدهم الأمان.
لذلك لا بد من الحرص على الهدوء قدر المستطاع حتى توفري أمانًا نفسيًّا للصغار، وهذا يتطلب منك بكونك والدتها الحفاظ قدر المستطاع على التصرف بهدوء فهذا سيشعرها بالأمان.
ذكريها بالأشياء التي تحب فعلها حتى وإن كانت بسيطة، فإن ذلك سيرفع من مؤشرات الإيجابية لها؛ فالإنسان حينما ينشغل بالأشياء التي يحبها ينتقل إلى حالة مزاجية أفضل.
شرب بعض الأشياء الدافئة بعد الإفطار سيمنحها شيئًا من الهدوء مثل: البابونج، واليانسون، وغير ذلك.
وجميل جدًّا ممارسة الرياضة مثل المشي بالمكان نفسه، أو بعض الأنشطة الرياضية سيكون له أثر في تخفيف التوتر، وأخذ الشهيق والزفير بعمق سيساعد على وضع النفسية بشكل أفضل.
وذكريها بالأدعية التي تطيب القلب: "اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت"، "الله الله ربي لا أشرك به شيء". ودعاء النبي يونس -عليه السلام- "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
أسأل الله القادر على كل شيء أن يفرج كرب أهل غزة ويؤمّن روعاتهم، ويستر عوراتهم، ويفرغ عليهم الأمن والأمان، ويرزق الخيرات والثمرات، ويكف عنهم بأس الكافرين... والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.