23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 250
  • رقم الاستشارة : 650
11/01/2025

دكتورة، أختي الصغيرة عمرها 25 سنة، وما شاء الله عليها جميلة ومتعلمة، لكنها رافضة تمامًا فكرة الزواج، ولا حتى تقبل تشوف العرسان اللي يتقدمون لها بل أشعر أنها كارهه للفكرة والعرسان معا، حاولت أنا وأمي معها بشتي الطرق لنقنعها، لكن كل مرة تقول لنا: (ما أبي، الزواج مو ضروري في حياتي).. ما فيه سبب واضح، مثلا ما انخطبت وما صار لها موقف سيئ من قبل، لكن إحنا خايفين عليها لأنها كل ما يمر الوقت، نظرتها تصير سلبية أكثر، وكأنها شايلة فكرة الزواج من راسها..أبي نصيحة، شنو أسوي معها عشان أفهمها وأساعدها تتخذ القرار الصحيح؟

الإجابة 11/01/2025

أخي الكريم،

 

بارك الله فيك على اهتمامك لأمر أختك وحرصك على مصلحتها، فهذا دليل على محبتك ورغبتك في الخير لها...

 

موضوع رفض الزواج يحتاج إلى تفهّم عميق لنفسيتها وظروفها، وقد يكون وراء هذا الرفض أسباب تحتاج إلى نقاش هادئ وصادق...

 

أولًا: يجب أن تتفهّم قبل حكمك علي الأمر؛ فرفض أختك لفكرة الزواج قد يكون ناتجًا عن أسباب عاطفية، نفسية، أو اجتماعية، من المهم أن تجلس معها في لحظة هادئة، وتفتح معها حوارًا صادقًا، بعيدًا عن الضغط أو الانتقاد.. اسألها بلطف:

 

هل تخاف من مسؤولية الزواج؟

 

هل لديها تصورات سلبية عن الزواج من تجارب رأتْها؟

 

هل تشعر أنها تحتاج إلى وقت أطول لتحقيق أهداف شخصية قبل الارتباط؟

 

إجاباتها على هذه الأسئلة سوف تضيء لك مداركك نحو أسباب رفضها الزواج، وهنا ينبغي أن تحترم مشاعرها ووجهة نظرها لتتمكن من فهم ما تهدف إليه أختك ومساعدتها على نحو يرضيكم جميعًا.

 

ثانيًا: لك دور كبير في طمأنتها وبيان قيمة الزواج في الإسلام وأن الزواج ليس مجرد علاقة اجتماعية فحسب، بل هو سنة كونية ووسيلة لتحقيق السكينة والاستقرار، كما ذكر الله عز وجل في كتابه العزيز: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21)؛ فالزواج وسيلة لتحقيق المودة والرحمة والسكن والطمأنينة، وهو جزء من الفطرة الإنسانية التي خلقنا الله عليها...

 

وضِّح لها أيضا أن الزواج حصانة للنفس وسكينة للقلب، كما علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج...".

 

أخي الفاضل:

 

أتمنى ألا يسبب لكم تعجلكم لزواج أختك توترًا أو ضغوطًا نفسية لها ولكم، اتقاءً لحدوث مشادات بينكم، أنتم جميعا في غني عنها.. فربما كان رفضها أيضًا لأسباب نفسية وخارجة عن إرادتها، فقد تكون أختك تعاني مما يسمي بالـ "جاموفوبيا" وهو المسمى العلمي لرهاب الزواج، من منظور علم النفس، والفتاة أو الشاب الذي يعاني منه يكون نتاج لأسباب عدة، منها:

 

- تجارب سلبية غير معلنة.. مثلا ربما تأثرت بتجارب سيئة ممن حولها، كطلاق أو مشاكل عائلية أثرت على تصورها للزواج.

 

- وكالخوف من التغيير.. فبعض الأشخاص يخشون فقدان استقلاليتهم أو تحمل مسؤوليات جديدة.

 

- كذلك ضعف الثقة بالآخرين.. فقد تكون أختك تخشى أن تواجه شريكًا لا يتفهمها أو يظلمها، (وفي هذه الحالة، يمكن أن يساعدها الجلوس مع مستشارة نفسية، لتوضيح مخاوفها والعمل على معالجتها).

 

وهنا عليكم التعامل مع الموقف بحكمة، فلا تضغطون عليها بشدة، بل حاولوا أن تجعلوا النقاش عن الزواج نقاشًا خفيفًا وغير مباشر.

 

كما يمكنكم استخدام وسيلة "التجربة التدريجية".. كأن تقترحوا عليها مقابلة العرسان كفرصة للتعارف فقط دون التزام، وربما يتغير موقفها إن وجدت شخصًا يناسبها منهم، ويحبذ أن تكون لقاءات خارجية بعيدة عن المنزل ولكن في حضور محرم لها.

 

كما أؤكد على ضرورة التركيز على الإيجابيات.. فبين الفينة والأخرى أشر لها بلطف لمزايا الزواج، مثل المودة، الشراكة، وبناء أسرة مستقرة، مع تقديم نماذج إيجابية من حياتكم أو من حولكم.

 

كذلك أوصيكم وخاصة والدتكما بالدعاء لها دائما بالزوج الصالح والرضا وأن يفتح الله قلبها ويشرح صدرها للخير...

 

ووصيتي الأخيرة لك أخي الكريم: خذ وقتك في الحديث مع أختك برفق ومحبة، فهي ما زالت صغيرة، امنحها المساحة لتفكر دون ضغط، وتذكر أن القرار النهائي هو قرارها، ولكن دورك أن تكون داعمًا ومرشدًا بحكمة وهدوء، فقدر الله لها في النهاية هو المحتوم.. أسأل الله أن ييسر لها الخير ويجعلها وإياك من السعداء في الدنيا والآخرة.